مع نهاية العام الجاري، ستصبح الصين أكثر بلد في العالم تعيش "روبوتات" على أرضه، بل إنها بدأت منذ الآن في تجريد سكان البلاد من وظائفهم، والاستحواذ على سوق العمل في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
شركة Foxconn الصينية العملاقة التي تصنع منتجات "آبل" و"سامسونغ"، غدت تفضل الأذرع الميكانيكية الضخمة على الأيدي الصغيرة لعمالها، وتحولت إلى أكبر "رب عمل" لها. فالشركة ذات 1.2 مليون عامل وموظف في الصين، سرحت في الفترة الأخيرة 60 ألفاً من ضمن 110 آلاف، يعملون في أحد مصانعها في البلاد لـ "تعين" محلهم روبوتات يعكفون على تجميع أجهزة "آيفون" و"غالاكسي"، ما جعل "الرجال الآليين" يشكلون أكثر من نصف القوة العاملة في المصنع، أي غالبية يعتد بها!
وبحسب حكومة مدينة Kunshan غرب شنغهاي التي تعد مركزاً لأهم الشركات الصناعية في البلاد، قامت أخيراً 600 شركة منها بالدخول في برنامج أتمتة robotisation، وقال مسؤول في حكومة المدينة لصحيفة South China Morning Post إن شركة Foxconn حققت "تقليصاً في نفقات الإنتاج من خلال توظيف الروبوتات". ويفسر هذا الدعم الحكومي بأن "الروبوت" تحول إلى سياسة دولة منذ أن دعا الرئيس الصيني في 2014 إلى إحلال "ثورة روبوتات" تغير الصين ومن بعدها العالم، قائلاً: "سوف يصبح بلدنا أول سوق للروبوتات".
ورداً على الانتقادات الكثيرة التي سبق ووجهت للشركة حول ظروف العمل الشاقة داخل مصانعها، الأمر الذي نجم عنه العديد من حالات الانتحار، أوضحت Foxconn في تصريحات لـ BBC أنها لجات إلى تكنولوجيا الروبوتات لتوكل إليها المهام ذات "الطابع المتكرر" التي كانت تعهد للعمال والموظفين في السابق.
ومع تضاعف متوسط الرواتب والأجور ثلاث مرات في الصين خلال السنوات العشر الماضية، باتت البلد أقل تنافسية، حيث بدأت بعض الصناعات ذات الدخل الضعيف كالنسيج بالانتقال إلى دول أقل تقدما في جنوب شرقي آسيا وإفريقيا، أما شركات قطاع التكنولوجيا فاتجهت نحو الاعتماد على الروبوتات.
لكن مع ذلك، هناك من سبق الصين بأشواط في هذا الإطار، فإن كان المعدل الحالي في سائر الصين هو 36 روبوتاً مقابل كل 10000 عامل في القطاع الصناعي، يوجد في ألمانيا 292 وفي اليابان 314، أما في كوريا الجنوبية فالمعدل يصل إلى 478 روبوتا مقابل كل 10000 موظف.
غير أن بيانات رسمية، تشير إلى أن الصين بدأت منذ 2013 باستيراد أعداد متزايدة من الروبوتات على أساس سنوي، بما يفوق الدول الصناعية الكبرى كألمانيا واليابان. وبحلول نهاية العام ستصبح البلاد أكثر من يضم روبوتات في العالم، بحسب الاتحاد الدولي لتكنولوجيا الروبوتات.
وحتى الآن، أنفقت 35 شركة تايوانية تتخذ منKunshan الصينية مقراً لها، ما يفوق 4 مليارات يوان أي ما يعادل 557 مليون دولار، في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وبحسب دراسة أجراها معهد ADP للأبحاث في 13 دولة، يعيش 80% من العمال الصينيين تحت تهديد الروبوتات، وهاجس فقدان وظائفهم، مقابل 46% في فرنسا و39% في ألمانيا.
ويأتي تهديد "الذكاء الاصطناعي" ليضاف إلى مخاوف خلقها ركود ضرب ثاني اقتصاد في عالم، حيث عرف الاقتصاد الصيني العام الماضي أضعف نمو له منذ 25 عاماً عند 6.9%، فيما دخلت عدة قطاعات اقتصادية في أزمة حقيقية.
وبعد إلغاء سياسة "الطفل الواحد" التي انتهجتها الصين على مدى 35 عاما، والتي ساهمت في تقليص عدد السكان في سن العمل، باتت البلاد الآن في الطريق نحو زيادة تلك الفئة، ما سيعمق أكثر أزمة اليد العاملة في الصين انطلاقاً من عام 2020.