لم يتوقّع أحد من قبل أن يتأهل منتخب عربي أو أفريقي إلى المربع الذهبي لكأس العالم لكرة القدم، لكن المنتخب المغربي صنع التاريخ وفعلها، ليصبح على بُعد خطوة وحيدة من بلوغ النهائي، وهو أمر ربما كان هناك شخص وحيد في العالم هو من توقّعه.
أسطورة الكرة الأفريقية صامويل إيتو كان هو الشخص الذي فاجأ الجميع قبل انطلاق مونديال قطر 2022 بتصريح توقّع فيه أن تجمع المباراة النهائية للبطولة -التي تُقام للمرة الأولى في بلد عربي- بين منتخبين أفريقيين؛ هما: الكاميرون والمغرب.
ربما كان مفهومًا أن يتحدّث إيتو عن بلوغ منتخب بلاده لنهائي البطولة، كنوع من الحلم أو التحفيز للاعبين، خاصة أنه يشغل -حاليًا- منصب رئيس اتحاد كرة القدم في الكاميرون، التي كانت مقبلة على مشاركتها الثامنة في المونديال، على أمل أن تكرّر إنجازها الذي حقّقته عام 1990 عندما تأهلت إلى الدور ربع النهائي بقيادة نجمها الفذ -آنذاك- روجيه ميلا.
لكن أن يختار إيتو -الذي يُعدّ أحد أبرز الهدافين في تاريخ منتخب الكاميرون وفريق برشلونة الإسباني- منتخب المغرب ليكون الطرف الثاني في نهائي مونديال قطر؛ فهو ما بدا غريبًا ولا يمكن تصنيفه هنا من قبيل الحلم، أو الرغبة في بث الحماسة.
تاريخ
وقبل مشاركتهم في مونديال قطر، كان أسود الأطلس قد شاركوا في كأس العالم 5 مرات، أولها في مونديال المكسيك 1970، وأفضلها في مشاركتهم الثانية بالمكسيك -كذلك- ولكن عام 1986 عندما تصدّروا مجموعتهم وتأهلوا إلى الدور الثاني، وأصبحوا أول منتخب عربي وأفريقي يفعل ذلك.
وفي تلك المرة تعادل منتخب المغرب مع منتخبي إنجلترا وبولندا، وفاز على منتخب البرتغال 3-1 في مرحلة المجموعات، لينتقل إلى الدور ثمن النهائي ويصطدم بالمنتخب الألماني، ويخسر أمامه بهدف في الدقائق الأخيرة.
نعود إلى نبوءة إيتو التي أثارت من السخرية أكثر مما أثارت من الجدل، رغم أنها -كما ذكرنا- جاءت أقرب إلى الحلم، حيث قال لموقع اللجنة المنظّمة للمونديال إنه لا يوجد شيء سيعادل فرحته بمشاهدة منتخب بلاده وهو يرفع كأس العالم في ملعب لوسيل، يوم 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بالتزامن مع احتفالات اليوم الوطني لدولة قطر.
لكن إيتو -الذي شارك في نهائيات كأس العالم 4 مرات- لم يسلَم حتى من انتقاد بعض رموز الكرة الكاميرونية؛ ومنهم الحارس الفذ أنطوان بيل، الذي وصف تصريحات إيتو بأنها "خاطئة وخاطئة".
مسار
وإذا جنّبنا توقّعات النجم الكاميروني بشأن مسيرة منتخب بلاده وركّزنا على الطرف الآخر الذي توقّعه للمباراة النهائية؛ وهو منتخب المغرب لوجدنا عجبًا، حيث إن الهداف البارع قد رسم مسارًا مغربيًا إلى النهائي تحقّق -حتى الآن- بشكل مدهش.
وتوقّع إيتو أن يتصدّر منتخب المغرب مجموعته، ثم يطيح بمنتخب إسبانيا القوي من الدور ثمن النهائي، قبل أن يتغلّب على منتخب البرتغال الملقب بـ"برازيل أوروبا" في الدور ربع النهائي، وهو ما حوّله أسود الأطلس في الأيام الماضية إلى واقع لا يقل إدهاشًا عن الحلم.
ولهذا لن يكون غريبًا أن يتذكّر مشجعو الكرة المغربية -وكذلك العربية والأفريقية- توقّعات إيتو في هذا المساء، عندما يصطدم المنتخب المغربي بنظيره الفرنسي القوي الذي فاز بالمونديال مرتين آخرهما في روسيا قبل أربعة أعوام، وفاز بكأس أمم أوروبا مرتين، كما تُوّج بطلًا لدوري الأمم الأوروبية العام الماضي.
وتقول التوقّعات الصادرة عن إيتو إن منتخب المغرب سيتجاوز نظيره الفرنسي إلى نهائي المونديال، لكن الأهم هو ما يقوله الواقع بأن ما قدّمه منتخب المغرب في مبارياته السابقة في مونديال قطر يبشّر بأن الحلم يمكن أن يصبح حقيقة، ويدلّل على ذلك بأن من تغلّب على بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، ليس مستحيلًا أن يتغلّب على فرنسا.
فهل يفعلها منتخب المغرب ويتأهل إلى نهائي أكبر بطولة عالمية في كرة القدم؟ على أي حال، فإن من ينتظر في النهائي هو منتخب الأرجنتين وليس منتخب الكاميرون، لكن لا بأس أن تتحقّق توقعات إيتو، ولو بنسبة 50%.