لم تمنع تقنية حكم الفيديو المساعد (فار) الأخطاء الكارثية في التسلل، وهو ما دعا هداف منتخب هولندا السابق ماركو فان باستن للمطالبة بإلغاء التسلل في مارس/آذار الماضي، قائلا إن اللعبة ستكون أفضل من دونه.
وكان النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو آخر ضحايا التسلل، عندما سجل هدف الفوز لفريقه يوفنتوس في مرمى منافسه أودينيزي بالدقيقة 94، وبالغ في الاحتفال بهدف الفوز القاتل حتى إنه خلع قميصه مما جعل الحكم ينذره، وبعد نحو 3 دقائق تحولت أفراح رونالدو ويوفنتوس إلى أحزان عندما ألغى الحكم الهدف بعد الاستعانة بتقنية الفار بداعي التسلل، لتنتهي المباراة بالتعادل 2-2، فهل كان تسللا بالفعل؟
والصور مع مقطع الفيديو يجيبان عن هذا السؤال بوضوح، إذ يشترط في احتساب التسلل -حسب المادة 11 من قانون كرة القدم (التسلل)- أن يكون اللاعب المتسلل لحظة لمس الكرة لتمريرها إليه "من زميله" أقرب إلى خط المرمى من آخر ثاني مدافع أو ثاني مدافعين، بشرط أن يشارك في اللعب النشط أو الفعال.
ويستثنى من الوقوع في التسلل اللاعب الذي يتسلم الكرة مباشرة -حتى لو كان متسللا بوضوح- من ركلة مرمى أو رمية تماس أو ركلة ركنية.
وحددت مادة التسلل اللعب النشط أو الفعال في 3 نقاط هي:
1- التداخل في اللعب من خلال لعب الكرة أو لمسها.
2- التداخل مع المنافس بمنعه من لعب الكرة بمنافسته عليها أو حجبها عنه، أو القيام بأي تصرف واضح يؤثر في قدرة المدافع على لعب الكرة.
3- الاستفادة من موقفه في التسلل بالحصول على فرصة، مثل لعب الكرة المرتدة من القائم أو العارضة أو الحارس أو المنافسين.
ولا تنطبق الشروط السابقة على رونالدو لأنه ببساطة لم يكن متسللا لحظة تمرير الكرة من زميله حيث كانت تغطيه الساق اليسرى لمدافع أودينيزي الذي يقف وحيدا، علما أن أيدي وأذرع اللاعبين -بمن فيهم حراس المرمى- لا يتم الأخذ بها عند احتساب التسلل، والذراع تمتد حتى الجزء السفلي من الإبط، وهذا التوضيح لمن يقولون إن يد رونالدو متقدمة عن المدافعين.
تأخر الحكام برفع راية التسلل
وهناك سؤال قد يتبادر إلى الأذهان عن أسباب تأخر الحكام المساعدين في الإشارة إلى التسلل في بعض الحالات الواضحة، والإجابة أن لديهم تعليمات بأن يتأخروا في رفع رايات التسلل إذا كان من المتوقع أن تأتي فرصة لتسجيل الأهداف، حتى في حالة الاشتباه بوجود تسلل. بعد ذلك، بمجرد تسجيل هدف أو ضياع الفرصة تُرفع الراية منعا للتأثير على الهجمة في حال اكتشف الفار أن التسلل لم يكن موجودا.
وأحدث التسلل جدلا واسعا في معظم الدوريات الأوروبية الكبرى، ومنها الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلق العضو المنتدب في الهيئة المسؤولة عن حكام المباريات في البريميرليغ، مايك رايلي، على التسلل قائلا "أعدنا بصورة فعالة ميزة الشك للاعب المهاجم.. لذلك في حال التسلل القريب، نواصل الإجراءات نفسها التي اتبعناها العام الماضي مع تقنية (الفار)، ونضع خط الدفاع ثم خط الهجوم".
وأضاف "نضع خطوط بث أكثر وضوحا، وهذه ليست تفاصيل، لأننا لو طبقنا هذه الإجراءات الموسم الماضي لكنا أعدنا احتساب 20 هدفا تم استبعادها".
وأشار كذلك إلى أن "الصور التي تتم مشاركتها مع مشاهدي التلفزيون ستتغير. في المواسم الأخيرة عرضت صور حية، في حين كان الحكام يدرسون ما إذا كان اللاعب المهاجم متسللًا أم لا. أما الآن، فستعرض الصور النهائية فقط وليس رسم الخطوط، على غرار ما كان عليه الأمر في (يورو 2020)".
ولعل التسرع وعدم التركيز أحد أهم أسباب أخطاء التسلل، سواء على مستوى حكام الملعب أو تقنية الفار، الذين فشلوا في وضع حد لأخطاء التسلل رغم وجود إعادات من زوايا مختلفة بل وتقنيات عالية توضح التسلل من عدمه، ويرجع ذلك غالبا إلى سوء تقدير بعض الحكام.
الشك لمصلحة المهاجم
كما يعدّ غياب قاعدة الشك لمصلحة المهاجم -السائدة حتى قبل 10 سنوات واستعادها البريميرليغ- أحد أسباب كوارث التسلل أيضا، وإذا طبقت هذه القاعدة على هدف رونالدو الملغى فسيحتسب أيضا على فرض أنه كان متسللا.
ويحاول المجلس الدولي لكرة القدم (إيفاب) -وهو المسؤول عن سن قانون كرة القدم أو تعديله- حل معضلة التسللات الخاطئة بشتى الوسائل، حتى إن الفرنسي أرسين فينغر مسؤول التطوير في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قال إنه سيكون مستعدا لاستخدام نظام آلي للكشف عن التسلل في كأس العالم 2022 بقطر.
وقال المجلس في مارس/آذار الماضي إنه مستمر بمراجعة القواعد الخاصة بالتسلل، وإنه يخطط لتجربة نظام جديد شبه آلي للكشف عن التسلل بغرض الحد من الانتظار خلال المباريات عند اللجوء إلى حكم الفيديو المساعد.
في حين قال فينغر إنه يؤيد استخدام النظام الآلي الذي يقوم مباشرة بإبلاغ أحد مساعدي الحكم عند وقوع التسلل.
ونقلت صحيفة "تايمز" (Times) البريطانية عن فينغر قوله "أعتقد أن النظام الآلي سيكون جاهزا قبل 2022.. أؤيد تماما استخدام النظام الآلي في الكشف عن التسلل، وهو ما يعني وصول الإشارة مباشرة إلى مساعد الحكم".