أين الحريات والحقوق ؟ السؤال المعروف، صورتك ايضا يا وسام، انزلها هنا جوار سرد مرافعة : كم انك مدني ومتحضر وهم همج ، عريضتنا التقليدية التي لم نعد نجد الان لما نقدمها كلما تلقينا هذا الضرب ، لو أضفت عبارة " اعلن تضامني مع الصحفي الحر وسام محمد ضد المعتدين " هل سيجعلك ذلك افضل حالا ؟
كنت قد كتبت مقالة مطولة استخدمت فيها ادواتي تلك، ولقد تمكنت فيها ان أبدو لامعا بعباراتي اكثر من أن تبدو انت أعزلا و موجوعا ، قمت بإدانة زمن الجماعات دون ان اغفل بالطبع الاشارة لتهمة " تعز التي قبلت بالجماعات " ، لكنني وجدتها كتابة مثل كل العروض المدهشة ، وجدتها بلا قيمة ومفتقرة لحس الادراك ، حتى وان ضمنتها رثائية " ضربونا في صنعاء وضربونا في تعز " كانت خاتمتها هكذا : علينا مقاومة زمن الجماعات ذلك اننا سببها وضحيتها في آن ،أعود للصورة ، صورت وجهك المدمى وايحاء ملامحك التي تترك انطباعا طفوليا يذكر كل منا بنموذج الاخ الاصغر وقد تعرض للضرب ، الجاهل وفقا لتقاسيم وجه قروي جرحه الهمج ، الجاهل الذي يعرف اكثر من عمره والطفل الذي امسى أبا، ضربوك يا وسام وانت تبحث عن حليب لطفلتك وتفكر في كتابة منشور عن المدنية وغرام تعز وبطولات تعز ، وعندما لمحت صورتك فكرت في شي واحد فحسب : انسحاب المعارضة السياسية ورجال المعترك التاريخي ، تاركين لنا التقدم في العمر ومهمة مواجهة جماعات ان افلتنا من قبضاتها الطائشة في صنعاء ستكلف جماعة اخرى بالمهمة في تعز .
السبب بسيط للغاية وهو اننا وفي كل مرحلة واجهنا التخلف بأحلامنا الصغيرة .
وعندما اضمحل الحلم بين يديك يا وسام، تلقفتك يد التخلف وقد انقسم إلى مجاميع .
وسام متمرد، كلما صادف استاذية العالم كلما انقلب على استاذه ، انه اخوك الصغير الذي كلما حاولت التخطيط لحياته صرخ فيك : مالكش دخل.
حدقوا في ملامحه، وليقرأ أحدكم أسلوبه في الكتابة، ستتعرفون لفداحة ما تعرضت له الموهبة وشقاوة الافكار، وأي عقاب مجهول كمن للفتى الغض امام منزله.
في عمر وسام، يمضونها في الجامعة والتجريب الغرامي، التسكع والانخراط في جماعات الدفاع عن الحقوق الانسانية ومن ثم امتداح الاحذية الموضة وحلق الشعر تايسون ناهيك عن منازلات جماهير الفرق المعادية برشلونة او الريال.
لكن وسام وجد نفسه ضمن الصف الاول من نخبة الدفاع الفكري عن تعز ، السياسة والمدنيات في زمن انسحبت فيه الخبرات تاركة لنا مواجهة العصابات بالأسلوب الانيق المتهكم ، إزاء تهكم تاريخي بالغ القسوة وهو يجردنا حتى من الاحلام البريئة .
يخبرك وسام عن فلوبير ومالارميه، يكتب كيف ان الكتابة كالجنس لا خطة للقيام بهما ، تشريح مرتجل لمجتمع تعز واستخلاصات نابهة حقا لتاريخ وإرث الحركة الوطنية، انت بالطبع تخطط لوسام وظيفة بمقاس الخريج الطازج ، ويعتمل داخلك حس أبوي تجاه فتى مثقل بعقل اكبر من عمره وبإرث عمره أكثر من ألف سنة .
إذا أبرمت اتفاقا مع وسام في المساء سيتنصل منه صباحا على سبيل التمرد والظفر بالكينونة، إنه الذي سيؤذي نفسه ليستقل عن رعايتك، هو تجسيد لفكرة الكاهل الغض وقد جثمت عليه كف عصابة.
لم اجد انه من المهم تنزيل صورتك هنا يا صديقي ، فأنا احتفظ بملامحك في وعيي من اخر لقاء وانت قبالتي في النقابة بملامحك المختصرة منقسم بين التفكير في الحصول على وظيفة وبين تخليص البلاد من مصيرها هذا.
سألتك لحظتها عن مولودك، اخبرتك كم انك قد احرقت المسافات في طريق الكتابة وانه عليك التصرف والكتابة بمزاج كاتب كبير تخطى مرحلة التشجيع، لكنني وانا اتملى صورتك ووجهك المدمى لم اتوقع ان تكبر هذه الليلة الى هذا الحد .