في المركز الاعلامي لاستاد لوسيل وجدت نفسي احتفل بهيستيريا مع بعض الزملاء الصحفيين العرب والافارقة وسط عشرات الصحفيين من مختلف انحاء العالم، في كل صد لبونو لركلات ترجيح الاسبان او عندما سجل حكيمي ركلته الترجيحية الاخيرة والتي كانت كقبلة على جبين تاريخ المغرب والعرب في كأس العالم.
كان الصحفيون يتهيأون لمباراة البرتغال وسويسرا لكن أنظارهم وعقولهم تحولت لتستحوذ عليها لحظات فارقة كتبها المغرب ورجاله وابطاله بماء الذهب في ستاد المدينة التعليمية في قطر عندما اوقعوا لويس انريكي ولاعبيه في شباك الشك وبعدها مواجهة حقيقة توديع المونديال.
تلك اللحظة عمت فرحتها ربوع المغرب بمدنه وقراه وعمت كل ارجاء الوطن العربي من المحيط الى الخليج وكل مدن الغربة أينما حل المغربي وشقيقه العربي فالفرحة كانت عربية بصناعة مغربية وما أجملها من فرحة.
لقد قال المغرب للعالم ان صدارته لمجموعة فيها ثاني تصنيف العالم ووصيف كأسه لم تأتي من فراغ وأن خريطة التفوق في كرة القدم لاتخلو من المغرب، وأن الموهبة المغربية لاتقل ابداعا وتميزا عن مواهب العالم الأخرى بل تنافسهم اذا تهيأت لها الظروف ووجدت من هو قادر على توظيفها وخلق تجانس وتفاهم يدفعها نحو التألق والتوهج في سماء أي حدث كروي وعلى رأسها كأس العالم.
المغرب لم يصنع التاريخ وحسب بل فتح للمنتخبات العربية والافريقية بابا في في سماء اللامستحيل وسطر درسا ملهماً سيبقى مرجعاً في بطولات كأس العالم لمن اراد معانقة المجد والدخول بقوة في معترك من يسمونهم الكبار في كؤوس العالم، ليقول للجميع أن هذه الأدوار ليست حكرا على هولاء القوم وأن هذا المكان بلوغه ممكن للجميع.
إن تعدد المحترفين المغاربة في اقوى الدوريات ومع كبار الأندية في اوروبا بدا تمهيدا منطقياً لهذه اللحظة، فقد اثبت اللاعبون المغاربة انهم على قدر هذه المكانة وأن لديهم ما يؤهلهم لشغر هذا المكان، وما هذه النتائج الا أمراً طبيعيا كان لابد من قطف ثماره مع مدرب وطني عرف كيف يستخرج كل تلك الطاقات الإبداعية ليشكل فناً مغربيا كروياً فاخر.
إن يوم السادس من ديسمبر لابد أن يسمى بيوم الإلهام الكروي العربي، وما بعد هذا اليوم ليس كما قبله، فهذا الانجاز المغربي لابد أن يلهم كل الاتحادات العربية ويجب أن يوظف لشحن طاقات لاعبينا العرب فما قامت به المغرب واللاعبين المغاربة كان بمثابة لقاء مع تلك النقطة المضيئة في اخر نفق معاناة كرتنا العربية التي لازمتنا لعقود.