باعوم والقضية الجنوبية
الخميس, 02 ديسمبر, 2021 - 09:25 مساءً

مر زعيم القضية الجنوبية وأول من رفع رايتها المناضل حسن أحمد باعوم مر في طريق طويل بدأ به من منفذ صرفيت الشرقي على حدود عمان مروراً بعشرات النقاط العسكرية والأمنية التي ترفع علم اليمن الإتحادي ولم يعترض طريقه أحد،  مر يحفه الاحترام والتقدير .
 
مر بسلام حتى وصل أول نقطة يرفرف فوقها علم الجنوب، الجنوب الذي لطالما تغنى به باعوم ورفاقه ... تلك الراية التي بسببها تعرض لما تعرض له من سجون وتعذيب وابتلاء. حتى تآكلت صحته وذهب شبابه ووهن عظمه.
 
عاد اليوم ليقضي ما تبقى من عمره مع أفراد أسرته في جنوبه الذي لطالما حلم به وضحى لأجل قضيته عاد ليقضى آخر أعوامه بين اهله وشعبه ومحبيه الذين طالما أحبهم وأحبوه . غير أنه تم ايقافه ومنعه من الدخول على أيدي جنود وقادة يرفعون راية الجنوب ويهتفون بها ويتغنون بها .
 
وما أظنه كان يتخيل مثل هذا المشهد ذات يوم،  أظنه كان فيما قبل وفي أيام نضالاته السابقة يحلم بتلك اللحظة التي يرى فيها علمه الجنوبي يرفوف فوق النقاط العسكرية والمؤسسات الحكومية،  فيقابل فيها بكل إجلال وتقدير ومهابة واحترام كما يقابل اي مناضل وزعيم على مستوى دول العالم كله.. مثل غاندي.  أو نيلسون مانديلا.... أو. أو. الخ.
 
تخيلوا معي لو كانت أول نقطة ترفرف عليها راية الجنوب موجودة في أقصى الشرق وعلى مدخل صرفيت هل كانت رجلا باعوم ستطأن أرض الوطن اصلاً ؟؟!!
 
وبدوري أقول لو أن باعوم عاد إلى المهرة مرة ثانية كما فعل في المرة الأولى ثم واصل طريقه من المهرة سالكاً طريق الوادي ومر عبر جميع النقاط العسكرية التي ترفع راية اليمن الإتحادي عليها هناك لما لقي إلا كل احترام وتقدير،  ولو واصل طريقه نحو مأرب فما أظنه إلا سيقابل بحفاوة الإستقبال على يد رجال اليمن الإتحادي الكبير وفي مقدمتهم سلطان مأرب العرادة،  ولو عاد إلى شبوة ومر هناك بجميع نقاطها العسكرية والأمنية لما اعترض طريقه معترض. وما أظن بن عديو إلا سينزله المكان الذي يليق برجل مثله. 
 
لكنني أشك أن يتجاوز موكبه أول نقطة ترفرف عليها راية الجنوب العربي على مداخل مدينة عدن الباسلة.
 
أدري أن أحدهم سيقول أصلاً حكومة الشرعية ومن معها سمحت لباعوم بالدخول حتى تتسبب في فتنة بين الجنوبيين .. رغم أن هذا الطرح لايستحق عناء الرد كونهم يتغنون وعلى سينفيونية التصالح والتسامح صباح مساء وبأن الجنوب يتسع لجميع أبنائه ، ولا أظن  أن أحداً سيزايد على جنوبية باعوم وحقه في العيش الكريم واحترام تاريخه ونضالة ووجهة نظره مهما كانت . لكن من باب التجاوز سأرد عليهم وسأقول لهؤلاء بأن باعوم طيلة الفترات الماضية من نضاله ومن قبل ان نعرف الكثير من مناضلي اليوم وفي ظل قوة الدول اليمنية وجبروتها وأمنها وجيشها واستخباراتها بجميع تشكيلاتها كان باعوم يجوب البلاد من شرقها إلى غربها ويسير في مواكب عظيمة ويقيم فعاليات كبيرة دون أن يعترض طريقه احد،  وقبل أن لا يكون مبرر الفتنة بين الجنوبيين قد ولد بعد.
 
 لكن السر يكمن في العقلية التي كانت تدار بها البلاد في تلك الفترة .  هذا هو السبب لو كنتم تفقهون.  عقلية رجال الدولة وليس عقلية الشللية والعصابات والعصبيات والنظرات الضيقة.
 
هذا هو المشروع الذي لطالما حذرنا منه منذ زمن طويل واتهمنا حينها ولازلنا نتهم بأننا أعداء الجنوب واعداء قضيته ، ويشهد الله وملائكته والراسخون في العلم بأن موقفنا ليس كرهاً في جنوب ولا عشقاً في شمال إنما خوفاً على الجنوب وعلى أهلنا العايشين فيه ،  ليس لشئ إلا أننا ندرك تمام الإدراك أنه سيكون جنوب أضيق من خرم الإبرة ولن يتسع لأحد حتى لأشد الجنوبيين حباً له ونضالاً في سبيله ،  جنوب الرفض للآخر،  جنوب الصوت الواحد ، واللون الواحد ، والعقل الواحد، والجهة الواحدة، والقرية الواحدة، والقبيلة الواحدة ، والأسرة الواحدة ، والبيت الواحد، والعزبة الواحدة ، ثم الفرد الواحد . ثم الإختلاف بين الفرد ونفسه وبين عقله وعاطفته.  لست مبالغاً ولا مفتئتاً بهذا التوصيف التفصيلي لكنه التاريخ يعيد نفسه . فما ترونه اليوم ماثلاً إنما هو نسخة مكررة ومتكررة ومستجرة من تاريج الجنوب الذي عاشه أباؤنا وعشناه نحن من بعدهم .  جنوب 67 الذي ضاق بقحطان الذي كان في جهة اليمين ثم انحشر يساراً فضاق باليساري المتطرف سالمين في بضع سنين ، ثم تياسر أشد وأشد ليقذف عبد الفتاح من الشفير إلى قاعة الهاوية،  ثم لينحشر جهوياً فضاق بناصر، ثم ضاق ببعضه البعض ثم انفجر بركان في وجه نفسه يأكل أطرافه بأطرافه ويحرق جسده بعظامه. 
 
هذا هو الجنوب بالصوت والصورة والحرف والكلمة والروح والجسد،  دون رتوش.  هذه هي الحقيقة التي لاتقبل التغيير ولا التبديل مهما تغير الزمن ودار. 
 
من ذا الذي كان يفكر في أن يضيق الجنوب بحسن باعوم أو يتنكر له ولنضالاته ؟؟؟!  !!
 
حسن باعوم بكله وبكل أفراد أسرته ومحبيه وببيته الذي كان مقراً لورشة حراك الجنوب وتحركاته ها هو اليوم يتوسل طريقاً آمناً يستبق فيه مع المرض والشيخوخة ليصل إلى بيته الذي بناه وعاش فيه وشهد كل أمجاده وتضحياته ، أنه باعوم الذي لازال موشحاً بتاريخ حاضر طرئ وبنضال لازالت ملامحه مرسومة على جدران بيوت وحيطان الجنوب في كل قرية مدينة وحي وزقاق وسهل وواد . ها هو اليوم مرفوضاً هنا قد ضاق به رفاق الأمس وضاق به الجنوب ........... !!!!!.
 
عن نفسي لست مستغرباً أبداً فهذه طريق أوضح مافيها هو ماترونه اليوم وتعاينونه،  لا ذنب لي ولا لمن هم على شاكلتي غير أننا نقرأ الأحداث قبل حصولها ونفهم الكتاب من عنوانه.  وعنوانه الجنوب بكل رموزه وشخوصه وعقلياته وطقوسه وأحادية نظرته.  والنتيجة هي هي ذاتها تكرر نفسها في كل عام مرة أو مرتين..
 
ختاماً  . ولست على الغيب بظنين لكن تذكروا عباراتي هذه،  أن من صمتوا اليوم خصوصاً من دعاة  استعادة دولة الجنوب على ما حصل مع باعوم وأسرته سيتجرعون ذات يوم ذات الكأس الذي تجرعه .
 
هل تتذكرن ماذا قال سالمين عندما وجه إليه أحد رفاقه المسدس ليقتله.  ؟؟؟!
 
أنا لا أتذكر تلك العبارة بالنص لكنه قال فيما يعني : "ذات المسدس الذي ستقتلونني به سيوجه إلى صدوركم غداً ." ولعله قد نسي ان ذات المسدس الذي اشهر في وجهه قد أشهره هو في وجه سلفه قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف.
 
ولازال ذات المسدس مشهوراً طالما لازالت ذات العقول تحكم أو تريد ان تتحكم.
 
لقد حافظت حضرموت على قدر من الوعي والتعايش والقبول بالآخر فحافظوا عليها وابعدوها من ايادي فلاحة الحقد القديم .
 

التعليقات