السؤال الصحيح هو لماذا لا تتراجع العملة اليمنية، بل لماذا لا تتدهور؟ هذا ما يجب التساؤل عنه في بلد يخوض حربا محلية وحصارا اقليميا وتدخلا دوليا منذ خمس سنوات ونصف..
لم يغلق بنك واحد، ولم تفلس أي مؤسسة مالية جراء هذه الأوضاع!! على الرغم من اغلاق معظم موانئه البرية والبحرية والجوية، ورحيل جميع شركات التنقيب عنه، ومنع تصدير نفطه وغازه الطبيعي المسال، وحرمان مصرفه المركزي من الحصول على العملة الصعبة من عائدات بعض صادراته..
وعليه فالحديث عن تدهور وتراجع عملة اليمن الوطنية يصبح ترفا، كما أن إلقاء اللوم على حكومته ضربا في الميت حرام..
وفضلا عن ذلك فالبلاد تشهد صراعا اقتصاديا بين الحكومة والانقلاب منذ سنوات، إذ لم تترك الحكومة - على ضعفها - للانقلاب مصدرا سياديا ماليا الا وحرصت على نقله وتشغيله لحسابها مع ما ينتج عن ذلك من آثار تضاف إلى ما سبق ذكره كأسباب للتدهور.
على أن الحكومة وهي تقوم بذلك بحذر وبطء وخوف من ردود الافعال والضغوط الدولية، فإنها ترى في ذلك حماية للمواطنين في مناطق الخضوع للحوثي. وهو الذي لا يألوا جهدا في صد محاولات الحكومة تلك بإجراءات عنيفة وصادمة ومجحفة، ليس اولها تعويم المشتقات النفطية بعدعام من الانقلاب، ولا نهب الخزينة العامة للبنك المركزي وافراغها الى كهوف صعدة حيث يتمترس قادة المليشيات، وصولا الى اعلان فشل البنك رسميا منتصف سبتمبر 2016، وما تلا ذلك من بطش بكل ما تستطيع ايدي قادة الانقلاب الوصول اليه لتجييره باسم المجهود الحربي لمقاتليها..
اجراءات تحصينية قامت بها الحكومة من عدن ساهمت وإن بشكل اقل في اضعاف العملة كطباعة عملة جديدة بعد نقل البنك المركزي إلى عدن بغرض توفير السيولة حينها وعودة انتظام تسليم رواتب موظفي الدولة ومحاولة السيطرة على دورة الجهاز المصرفي..
تجدر الاشارة الى ان ما ذكرناه انفا انما هو عناوين عريضة لمسببات تدهور العملة، تتخللها مئات الهجمات الاقتصادية التي شنتها المليشيات الحوثية بفعل سيطرتها على صنعاء العاصمة السابقة والتي تحتكر أهم المراكز المالية في اليمن كنتيجة للمركزية الشديدة التي كان يحرص عليها دهاقنة النظام السابق في المجالين السياسي والاقتصادي..
ولضمان استقرار النقد اليمني وعودته الى مركزه الطبيعي وخضوعه للعرض والطلب يجب اولا أن تسعى اليمن ومن ورائها المملكة السعودية الغنية الى فتح الحسابات الحكومية اليمنية لدى المؤسسات المالية الدولية، كي تتمكن اليمن من استيعاب ايرادات النفط والغاز المتوقفة منذ زمن، وتمتلئ بهما صهاريج الشركات النفطية اليمنية، بالاضافة الى دعمها فنيا وتقنيا للسيطرة على السوق المصرفية وتنفيذ سياستها المالية انطلاقا من مصرفها الرئيسي بعدن.
كما أن الاهم والعاجل في هذا الوقت بالذات هو انقاذ اليمنيين من خطر محدق في هذه الايام جراء تراجع العملة المريع، وارتفاع نسبة التحويلات المالية من والى المناطق الخاضعة للحوثي الى نحو 50٪ وهو ما يعد جريمة بحق الانسانية، نتيجة منع المليشيات التعامل بالعملة المطبوعة من قبل الحكومة وتضييق الخناق على التجارة البينية الداخلية بين المدن، وفصل اليمن الى بلدين وشعبين واقتصادين مختلفين، ليس بفعل الحرب بل بسبب هذه الخطوة التي تعد أكبر جريمة بعد الانقلاب على الدولة والشرعية عام 2014..
يجب رفد الخزينة اليمنية بوديعة سعودية بأربعة مليارات دولار مهما بهضت فوائدها، كاستحقاق واجب على الاشقاق نظير السيطرة المحكمة على البلاد وجزء يسير من تعهدها بدعم الشرعية لاستعادة الدولة وهزيمة الانقلاب..
وقبل ذلك كله يجب اسناد الحكومة ودعم جيشها الوطني للتخلص من هذه العصابة التي اعترف العالم بشرها لكنه يحول دون اجتثاثها وكبح شرورها حتى على السفن والبضائع الدولية وخطوط التجارة البحرية نفسها..
#حياه_اليمنيين_في_خطر