أمضي بعض إجازاتي القصيرة زائراً لولاية -متشجن- مهد صناعة السيارات في أمريكا. لن أتحدث معكم عن صناعة السيارات في هذه الولاية، بل أتحدث لكم عن مشاهداتي لأهم مدينة في الولاية وأسمها - ديترويت –
عانت هذه المدينة من كساد في أسعارالبيوت وعجزت الناس عن سداد اقساطها للبنوك بسبب البطالات، حيث توقفت بعض ورش وخطوط إنتاج السيارات. فغادرها الكثيرون بحثاً عن فرص عمل في ولايات أخرى.
اليوم عادت الى حيويتها، والأسباب كثيرة في عودة نشاط هذه المدينة التي كانت تفتخر بانها الأقل في إحصائيات البطالة وفي إرتفاع الإجور وفي الخدمات بل ورخص السيارات، فأنت تستطيع ان تشتري سيارة ب 500 دولار أمريكي، صحيح أنها قديمة ولكنها تعمل بموثوقية وقد تخدم معك لسنوات طوال.
عن أسباب عودة المدينة الى حيويتها ؟ فقد سبق ان تحدثت عنها وبالتفصيل في مقال سابق، وهي كثيرة ولكن كان من أهمها صمود المهاجرون - وهم النواة الصلبة- فلقد كرسوا صمودهم في مدينتهم، بل وصرف مدخراتهم لشراء البيوت وترميمها.
حولوا البيوت المهملة والمهجورة في الأحياء المقفرة الى بيوت عامرة، وتواصلوا بعض المهاجرين مع أقاربهم من خارج الولاية وشجعوهم على شراء البيوت المهجورة وترميمها ووبيع بيوتهم في تلك الولايات والتخلص من ربقة أقساط ثقيلة عليهم سدادها شهريا للبنوك ولسنوات عجاف .
من جعل مدينة -ديترويت- تعود الى ألقها وبهائها ونشاطها ؟ إنهم المغتربون! الذين نالوا فرص التعليم لصغارهم وفرص الاقامة الحرة المستدامة وحرية التجارة بل ونيلهم جنسية أمريكا، التي يتباهى كل مهاجرعند الفوز في إكتسابها.وأغلب من من بذلوا وغامروا وأنفقوا جهدهم ومالهم - في إحياء الأرض بعد موتها- وفي شراء البيوت وترميمها هم المغتربون وعلى الأخص من لبنان والعراق واليمن، فلا شيء يغريهم في بلدانهم الأولى التي قذفت بهم الى بحار التيه.
لم يعد هناك مسمى هجرة ولا إغتراب في كل دول العالم، ما سوى بعض دول العالم الثالث، بل هناك -إنتقال مستدام- من بلدك الأم الى بلاد أخرى. صحيح أن بعض الدول لا تمنح الجنسية مثل سويسرا واليابان، ولكن وبمجرد حصول المهاجر في -سويسرا- على الإقامة فهذه الاقامة - دائمة - وتخوله التمتع بكل الإمتيازات ما سوى الترشيح والترشُح في الإنتخابات.
تداولت الأخبار أن المملكة العربية السعودية جادة بل أزمعت، لدراسة منح المقيمين على أرضها إقامات دائمة ، وعلمت أنها سوف تمنح لمن لديهم مؤهلات وعوائد مالية شهرية تضمن أو تتيح لهم دفع الضرائب ودفع رسوم الضمان الإجتماعي، كما وسوف يرافق هذا حرية إمتلاك السكن .
صحيح أن هناك من يتوقع من أبناء الوطن الزحام والتنافس المحموم، لكن إذا كانت وجهة المقيمين ومجالهم، هي الحرف والعمل في الورش والمصانع والبناء والمقاولات والتعدين، فلن تؤثر هذه المجالات على أرزاق المواطنيين بل أنها سوف تدفع بإقتصاد المملكة الى الإزدهار السريع بل المُستدام.
سيواكب هذه التحولات والتسهيلات جذب عظيم لرؤوس أموال أجنبية، تتجه الى الإستثمار في أرض المملكة، يحفزهم على ذلك رخص العمالة وجودتها توفر الأراضي الواسعة والبحار المفتوحة، ومناخ الإستقرار والإمن، والتسهيلات الضريبية، وأهم ما يجذب المسستثمر الأجنبي تسويق منتجه سواءً الى السوق المحلية او التصدير الى دول الجوار، على أن موقع المملكة وتوفر اللقيم او الطاقة بأسعار مغرية، والمناخ الضريبي المرن، سوف يجعل المملكة قبلة المستثمرين وتحولها في المستقبل القريب الى ورشة عمل عظيمة.
لو أن المملكة ركزت في صناعة ألواح الطاقة الشمسية وفي إنشاء مصانع النسيج من خيوط لأكرلك .وصناعة قطع غيار السيارات والصناعات الجلدية فهي من اكبر من يلقي بالجلود في العراء، مع حقيبة نسائية ماركة عالمية تكلف 4 الف دولار لحققت الكثير من العوائد.
على ان المملكة تملك المادة الخام لصناعة الإطارات بل ويمكن ان تقتحم صناعة الأدوية وأقامة وديان السلكون، وخطوط التجميع للأجهزة المنزلية والسيارات، بل وأن تمضي في الصناعات المنجمية من ذهب وفحم حجري ، والإسمنت لتوفر جبال من الحجر الجيري بل بل وتفوروخام الالمنيوم والحديد والرصاص، هنا وفي هذا الحقول الصناعية الواعدة سوف تحقق المملكة عوائدها المالية الثابته والنامية والمستدامة، فلا تركن على سلعة النفط والغاز المتقلبة والتي أصابتها عين الحسد.
لكن كل هذا يلزمه توفير مساحة- للمرأة- فهن شقائق الرجال- بل وتعديل عميق في مخرجات التعليم الفني، وفتح مجال السياحة الدينية ليتدفق على المملكة 60 مليون سائح سنويا، وهنا ستصبح -الخدمات- هي المحرك العظيم للإقتصاد في المملكة.
واجهوا الخوف بالشجاعات والبسالات مع بعض المغامرة المحسوبة.