أتابع بكل مرارة وحسرة وبل وبصدمة وذهول، ما يجتاح عدن من جنون وما تعيشه من أهوال بسبب صراعات خرجت عن طورها، فصارت تهدد الانسان والحياة وبواعث الامن الهش، عدن اليوم تفترسها الفتنة! وتكاد تحولها الى مدينة أشباح .
وعنما يجري؟ لست على علم بكل دقائقه وتفاصيله، ولكنني اشعر ان هناك خلل كبير أصاب تفكير مجموعة من الثوار، وهولاء الثوار عشقوا المواجهات والتحديات والتنمر، ولديهم المال والسلاح -والفتوة- ويا عافية اوديك فين ؟ فركبوا موجة التحدي والإستنفار ومواجه النظام بحجة موجة من مشاعر الأحباط تملكتهم او إجتاحتهم ومقولات مخاتلة في ان النصر-إختطف- ! هذا أعتقادي، لانني لست على علم بما يجري ولكنني أقراء عن بعد وأتوقع ذلك، بل وهناك من يدس عليهم لغرض مخيف في نفسه، وقد خاب من دساها.
قد يكون عند هولاء -المتحمسون- سبب بل اسباب تدعوهم الى الشعور بالهوان في ان النصر اليوم لم يكن سوى دحر المعتدي ثم تسليم الوطن على طبق من ذهب لمن يتنكرون لأمنيات الشعب ومظلومياته التي طالت واستطالت لفترة ربع قرن، والحقيقة الناصعة ان النصر لم يتحقق بشكل الكامل، ولا زالت هناك مراحل طويلة وامواج عاتية تواجه سفينة الوطن التي تصارع الانواء حتى تصل الى مرافىء الأمان .
لو قدر لفريق متحمس او متعصب وشديد الوطنية، لو قدر له اليوم في -غــزة- ان يغامر ويشق عصا الطاعة على -حماس- ويبداء بقصف اسرائيل بصواريخ -كتائب القسام- وردت إسرائيل بان جهزت جيشها المتوحش وطيرانها المخيف وقنابلها الذكية لتدك مرة اخرى مدينة غزة، وتاتي عليها وعلى سكانها. فما فائدة هذا التحدي الانتحاري وهل تقبل حماس بهذا الخرق المميت ؟ بل وهل مواجه الخصم فقط عبر السلاح؟ فهناك الف طريقة في هزيمته ومنها بناء الذات والرقي بالإنسان عبر صنع الامن وترسيخ السلام والعلم والعمل، وهذا ما اقرت به حماس والتزمت به فلا صواريخ ولا يحزنون.
لقد دكت لبنان وعانت الويلات بسبب حرب حزب الله مع اسرائيل ،صحيح ان اسرائيل عانت وخسرت ولكن الثمن الذي قدمته لبنان كان فادحا ومخيفا ،منما جعل حزب الله يقرر بعدها ان لا مواجهة انتحارية بعد اليوم، ولقد استهشد البيطار- قبيل اشهر بضربة إسرائلية فكان ان الجمت قيادة حزب الله قادتها ومنعتهم من الرد.
هنا علينا ان نلجم المغامرين والمراهقين بل الانتحاريين واصحاب الوطنيات، حتى وان لهم الحق، فالحق يمنح في ظروف ويحجب في ظروف أخرى.أن التمرد على الشرعية معناة خدمة الخصوم ومعناه تسلل مخططات اخرى تفتك بنا من داعشيات الى قاعدة الى جماعات الشريعة.
على ان ان الثوار ليس هم الاوصياء على الوطن بل ان مهمتهم هي الكفاح عند الضرورة، اما تحدي وكسر هيبة الدولة والنظام وتحدي سياسات المجتمع الدولي والاجماع الوطني والاهمهم من ذلك التحالف العربي فهنا يصبح الخطب جلل والفتنة قاب قوسين أو ادنى.
من يعتقد انه يخدم الوطن أو انه يمثل الطهر والنقاء الوطني ويلجاء الى السلاح والمواجهة الدموية، فهو يعيش العنت ويخلخل مداميك الامن الوطني من اعماقها. لقد تعقلوا الحوثيون وهاهم اليوم في عسير يستمعون ويسمعون وتتعاون معهم القوات السعودية في نزع الالغام ! ونحن اليوم نزرعها عبر ثوارنا الأشاوس!، نزرعها في كل حارة وفي كل شارع وبين السكان والمساجد والبقالات . تحاوروا وتناقشوا ولا تحتكموا الى السلاح ، وأعتتنقوا الحوار، فالله جل جلاله حاور الشيطان .
كاتب واديب يمني مقيم في كندا
