اليمن، كانت الحقل الصالح لولادة الإنسان, فكانت فيه الأسرة بنظامها الحديث، ومجتمع يحدد علاقاته بين أفراده رغم بدائيته ..
عاش في اليمن أقوام كثيرة وبسبب إنعدام القدرة على التدوين فقد اندثرت تلك الاقوام وانتهت بدون تاريخ يُعرف...
ومن خلال من تبقى منهم من سلالات تدل على ضخامة هيئتهم اطلق عليهم المؤرخين والباحثين بالعمالقة، إلى جانب أقوام عاد وثمود كما يذكر القرآن والكتب المقدسة للمسيحين واليهود، وكتب في ذلك الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ويل ديورانت في كتابه الضخم قصة الحضارة..
كانت اليمن بقعة صغيرة مقارنة مع ضخامة حضارات العالم القديم، ولكن بذكاء ساكنيها استغل أجدادنا مياة الأمطار للعيش والبقاء والحد من الهجرة وموت أغلب الراحلين بالطرق والصحاري، فكانوا اول من بنو السدود , وأول من اتخذوا نهج المزارع الجبلية رغم صعوبتها ..
وأستطاع اليمني القديم التكيف مع الطبيعة وساعده في ذلك تنوع المناخ وخصوبة الأرض, رغم عدم وجود الأنهار العملاقة التي كانت هي الأساس الاول لبناء الحضارات القديمة...
فكان أول ملوك اليمن يعرب بن قحطان، أحد أحفاد نبي الله هود كما تقول الأساطير والكتب المقدسة، وكما تذكره كتب المؤرخون والمستشرقون بنسب يعرب الى قوم هود من سكنوا اليمن قديما وقديما جدا، وتؤكد المراجع نسبه لسام بن نوح، وبه نُسبت العرب بهذا الإسم..
كانوا أول من كتب بالعربية، رغم الخلاف من بعض المؤرخين من أن العدنانيون من يرجع نسبهم لإسماعيل بن إبراهيم هم أول من بدأ اللغة العربية ...
إلا أن اغلب الترجيحات من الباحثين في تاريخ اللغة العربية يؤكدون ان القحطانيون باليمن هم أول من كتب بالعربية وقد نُقلت بعد ذلك بزمن بعيد إلى اسماعيل ...
عاش اليمنيون الأوائل بين جذب للحضارات البعيدة وبين البقاء في أرضهم، وهاجر منها الكثير والكثير فقد كانت فيضان بشري هائل يلحق بركب الحضارات من حوله ..
تلك الحضارات التي قامت بجانب الأنهار المورد الرئيسي لها للبقاء...
وكانت مقسمة في القارات الأم اسيا وأفريقيا واوروبا..
ففي أوروبا قامت حضارة الروم وحضارة الاغريق..
وفي افريقيا قامت الحضارة الفرعونية وحضارة مملكة أكسوم ( اثيوبيا، ارتيريا، الصومال، جزء من السودان ) ..
وفي اسيا كانت الحضارات العملاقة وأهمها حضارة بلاد الرافدين أو مابين النهرين او الشرق الأوسط القديم وكانت اول من بدات بالكتابة والتدوين ..
حضارة وادي السند ( الهند، باكستان، افغانستان)
واخيرا حضارة الصين العظيمة والتي كانت ابعد الحضارات مسافة من البقية...
بهذة الحضارات العملاقة كانت اليمن جزء بسيط من هذا العالم، ولكنة كان يحمل أهمية عظمى بكونه طريق العبور والتواصل بين تلك الأمم...
فسكن فيها الهنود والقادمون من الاكسوم وبلاد الرافدين وفتحو فيها أبوابا لتجارة عظيمة بجانب سكانها القحطانيين الأوائل...
ادرك العالم القديم أهمية التحكم بهذة الارض الصغيرة، وبدأت أولى خطوات السيطرة على اليمن ...
وكانت بدايتها بالغزو العسكري الأول لليمن من قبل الرومان بمعاونة من نائب مصر والتي كانت فيها أولى انتصارات اليمنيون في الحفاظ على أرضهم من اي احتلال خارجي يلغي وجودها كأرض مستقلة..
وانطلقت عبارة عبر التاريخ "اليمن مقبرة الغزاة" حيث خسر الرومان اولى معاركهم هناك وغرقوا في صحاري اليمن قبل دخولها ..
*المقال خاص بـ "الموقع بوست"