[ اختطاف السعيدي جاء بعد ساعات من دعوته لمظاهرة في عدن ]
اختطفت مليشيات المجلس الانتقالي في مدينة عدن (جنوب اليمن) الأربعاء 26 مايو 2021م القيادي في المقاومة محمد فضل شيخ المكنى أبو أسامة السعيدي.
مصادر مقربة من السعيدي وأسرته قالت لـ"الموقع بوست" إن مجموعة مسلحين ملثمين على متن طقمين عسكريين اختطفوا أبو أسامة في منطقة كابوتا بمديرية المنصورة، بعد إيقافهم سيارته، وإجباره على صعود إحدى السيارتين بقوة السلاح.
المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها خشية تعرضها للأذى من قبل المليشيا قالت إن السعيدي اختطف بينما كان عائدا إلى منزله في مدينة الشعب وجرى اقتياده إلى مكان مجهول، وتعذر التواصل معه عبر هاتفه النقال.
وتنتشر في عدن كيانات مسلحة لاتتبع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وتدين بالولاء للمجلس الإنتقالي ودولة الإمارات، ووجهت لها اتهامات من منظمات دولية ومحلية بممارسة الإختطافات والإخفاء القسري، واستهداف المعارضين، وإدارة سجون سرية.
وجاء اختطاف السعيدي بعد ساعات من دعوته في تغريدة على حسابه في تويتر، أبناء عدن للتجمع في ساحة المنصورة للمطالبة بالرواتب وإصلاح الكهرباء وتوفير المياه.
نحن ابناء عدن
— ابو اسامه السعيدي (@Bgl0vDlhI1wPHGt) May 26, 2021
لسنا ضد أحد نريد عودة الخدمات المنقطعة عن محافظة عدن واهلها،
لقائنا الليله الاربعاء 2021/5/26م بعد صلاة العصر في ساحة الشهداء بالمنصورة
نرجوا من الجميع الحضور والمشاركة من أجل عودة ،المعاشات/الكهربا/الماء/.....الخ
تعبنا pic.twitter.com/hAlsGtPXgL
وقبل أيام هدد السعيدي القوات السعودية والإماراتية المتواجدة في عدن بقطع المياه والكهرباء عن معسكراتها، وطردها من المدينة، وإغلاق المقرات التي تتمركز بها، في حال رفضت الاستجابة لمطالب أبناء المحافظة في توفير الخدمات، واستمرارها في السيطرة على المشهد العام للمدينة.
وتعيش مدينة عدن حالة من الغليان الشعبي المندد بتدهور الخدمات الأساسية، وتشهد عدة مديريات في المدينة احتجاجات من وقت لآخر خلال الفترة الأخيرة احتجاجا على تردي الخدمات، ويتهم السكان السعودية والإمارات بدعم المليشيا المسلحة التي تسيطر على المدينة أمنيا، وتتبع ظاهريا المجلس الانتقالي، الذي يعد فصيلا مسلحا يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، بدعم من دولة الإمارات والسعودية اللتان تقودان حربا في اليمن منذ العام 2015م.
ويحكم مدينة عدن محافظ تابع للمجلس الانتقالي الممولة من دولة الإمارات العربية المتحدة وفقا لاتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الموقع نهاية العام 2019م، وتسيطر على المشهد الأمني فيها مليشيات تمولها الإمارات، وتدين لها بالولاء، وتنفذ أجندة المجلس وأبوظبي.
القيادي السعيدي ينحدر من محافظة أبين المجاورة لعدن، وهي مسقط رأس الرئيس اليمني المقيم في الرياض عبدربه منصور هادي، لكنه يقيم في عدن منذ عقود، ويعد شخصية اجتماعية معروفة في أوساط السكان، وهو أحد قادة المقاومة الشعبية التي تصدت للحوثيين خلال اجتياحهم عدن في العام 2015، وقاد مجاميع من أبناء المدينة للدفاع عنها وتحريرها من مليشيا الحوثي التي كانت حينها متحالفة مع قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
يعد السعيدي اكتسب شهرته باعتباره أحد القادة المحليين الذين تولوا التصدي لعملية نهب الأراضي في عدن، عقب سيطرة مليشيا المجلس الانتقالي على المدينة، وطرد القوات الرسمية الموالية للحكومة الشرعية، وتحديدا الأراضي التابعة لجامعة عدن، بعد تصاعد وتيرة النهب والسيطرة على الأراضي الحكومية.
السعيدي ترأس لجنة مكونة من شخصيات اجتماعية وذوي المختطفين في عدن للمطالبة بالإفراج عن سجناء ومختطفين في السجون التابعة لمليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، ودولة الإمارات، ونجح في إطلاق العديد منهم، وإخراجهم من السجون، خاصة أولئك الذين شاركوا في تحرير المدينة من الحوثيين، وتعرضوا لاحقا للسجن، من قبل مليشيا الانتقالي.
ظهر السعيدي الشهر الماضي في مدينة عدن وسط جموع من المحتجين الذين حاولوا اقتحام القصر الرئاسي الذي تتخذه الحكومة اليمنية الشرعية مقرا لها، وهو ينتقد بجرأة كبيرة السعودية والإمارات ويحملهم مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية، وانعدام الأمن، وانتشار المليشيا.
وتعرض السعيدي للتهميش والمطاردة والتضييق لاحقا من قبل الإمارات ومليشيا المجلس الانتقالي، وجرى تجريده من سيارته، ووضع تحت الرقابة، وتعرض لحملات تشويه من قبل إعلام الانتقالي بعد ظهوره ناقدا لسياسة السعودية والإمارات في عدن واتهامه للدولتين بالتسبب بتدهور الوضع المعيشي والخدمي ودعم المليشيا بالمدينة.
وبسبب تلك الأدوار التي اضطلع بها السعيدي بات يصنف شعبيا باعتباره صندوقا أسودا في عدن، بسبب معرفته الدقيقة بالمتآمرين على المدينة، والمتورطين في عمليات الإغتيالات التي طالت عدة شخصيات خلال الفترة الماضية، وكذلك الشخصيات الضالعة بالفساد المالي والإداري، إضافة لإلمامه الجيد بالنهج الذي اتبعته الإمارات والسعودية منذ اللحظة الأولى لوصولهما مدينة عدن، تحت مبرر إعادة الشرعية ودعم الإعمار.
اختطاف السعيدي من قبل مليشيا الانتقالي في عدن جاء بعد أسبوعين من حملة اختطافات طالت قيادات سياسية واجتماعية طوال الفترة الماضية، من أبرزهم مدرم أبو سراج القيادي في مجلس الحراك الثوري وغيره.
وفي وقت لاحق دان مجلس أحرار المقاومة في عدن والذي يرأسه السعيدي اختطاف مليشيا المجلس الانتقالي للسعدي، واصفا عملية الاختطاف بالسابقة الخطيرة، التي لا تمت للدولة، أو الكيانات السياسية بأي صلة.
المجلس الذي لايزال تحت التأسيس ويتكون من كبار قادة المقاومة حمل السلطات الأمنية والمحلية بالعاصمة عدن كامل المسؤولية, معربا عن رفضه واستهجانه لعملية الاختطاف التي قال بأنها لا تنفذ من سوى العصابات، وفق تعبير البيان.
وطالب المجلس في بيانه السلطات الأمنية والمحلية في عدن بالكشف عن مصير السعيدي، داعيا المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية الإلتفات لما يحدث في عدن من انتهاك واعتداء واستخفاف بالحقوق والحريات، والضرب عرض الحائط بكل المواثيق والمعاهدات الدولية والقيم الأخلاقية والإنسانية.