لاقت اتهامات جماعة الحوثي لعدد من موظفي الأمم المتحدة بما سمتها "شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية"، جدلا وتفاعلا وتندر بين أوساط اليمنيين.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة 13 من موظفي الأمم المتحدة في اليمن وموظفين سابقين في السفارة الأمريكية، قبل أن تعلن الاثنين، انتماء المختطفين لما سمتها "شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية".
وبثت قناة المسيرة التابعة للحوثيين اعترافات لتسعة أشخاص لما سمتها بـ "خلية التجسس"، كما يبدوا على وجهوهم اثار التعذيب والاعتراف تحت الاكراه حسب حقوقيون ومحامون.
وذكرت الجماعة في نشرها اعتراف المقبوض عليهم أن أحد المتهمين قام بالتأثير على النحل حتى لا ينتج العسل، مما أثار موجة سخرية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الثلاثاء، إلى الإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين في اليمن من قبل سلطات الأمر الواقع الحوثية.
وقال غوتيريش -في بيان له- إن الأمم المتحدة تدين أي احتجاز تعسفي للمدنيين، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين.
وأضاف غوتيريش "هذا تطور مثير للقلق ويثير مخاوف جدية بشأن التزام الحوثيين بحل تفاوضي للصراع". مشيرا إلى أن الحوثيبن احتجزوا منذ عامي 2021 و2023، أربعة موظفين من الأمم المتحدة.
واليوم الثلاثاء، بعث زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، تهنئة بمناسبة ما سماها "الانتصار الأمني في تفكيك شبكة التجسس الأمريكية".
وفي السياق وصفت عضو اللجنة الوطنية للتحقيق، إشراق المقطري، بيان الحوثيين بالإنشائي والعقيم حول مبرر اعتقال الموظفين اليمنيين التابعين لمنظمات دولية مختلفة وجهات اممية.
وقالت إن "تلفيق التهم مضحكة، وقائمة على المصطلحات التي تم رصها بدون تنسيق وترابط"، مضيفة "الغرابة هو أين نخب الجماعة التي تدافع عنها ليل نهار، من هكذا استهتار بسلامة وحرية الناس".
وأضافت المقطري "برغم سخافة التهم الموجهة للضحية المعتقل تعسفيا عامر الاغبري، والذي يعرفه الكثيرين منا بنشاطه وتعاونه في خدمة المجتمعات المحلية التي عمل بها من خلال عمله وخبرته، إلا أن الأمر يحتاج تكاتف كل المكونات والمؤثرين لإيقاف جراءة قيادة الحوثي الأمنية والعسكرية والقضائية".
وأكدت الحقوقية إشراق المقطري أن مسئولية حمايتهم واجب الجميع، من سفارات ووكالات ومنظمات دولية ومحلية، ووزارات في الحكومة الشرعية، وقبلهم المبعوث الأممي والدول المهتمة بملف اليمن، خاصة الحقوقي والإنساني.
المحامية والحقوقية هدى الصراري رئيسة منظمة دفاع للحقوق والحريات، كتبت "شبكة تجسس اسرائيلية امريكية تهم مقولبة جاهزة للزج بضحايا الحوثيين جاءت ردا على نقل المنظمات الدولية مكاتبها نهائيا إلى عدن وقبلها قرارات البنك والمواصلات والاتصالات بعدها اٌصيبت الجماعة بسٌعار جعلها تتخبط كان بها مس مؤكد هذه التصرفات المجنونة بداية النهاية التي ستخلصنا منهم".
وكيل وزارة العدل، فيصل المجيدي قال إن "قصة الخلايا التجسسية المتخيلة حوثيا، صناعة العدو الوهم، اختراع العجلة وخطط أمنية متوهمة، مدنيون ضحايا تفكير حوثي منهجي لايقاع الأذى بكل يمني".
وأكد أن خطاب الجماعة افتقرت للبريق واللمعان فانتقلت إلى عوالم العميل صفر"، مستدركا بالقول "ابتزاز وترهيب على وقع التجاهل الدولي".
بدوره قال الكاتب الصحفي مصطفى ناجي "مرحلة إدارة التوحش ودولة المخابرات، هذه هي مملكة الحوثي التي يشيدها، جهاز المخابرات هو من ينطق التهمة ويصدر الحكم. ليس النيابة ولا المدعي العام ولا في قاعة المحكمة. انما بث متلفز لاعترافات".
واعتبر ذلك بالعمل الرديء من شاكلة أردأ أعمال الصحف الصفراء، حتى صحيفة احمد سيف حاشد التي كانت تجري حوارات مع الجن والمجانين وتنشر اخبار جرائم افلام رخيصة ومبتذلة لن تفعلها".
وأضاف "رداءة إلى درجة نشر اعترافات شخص يذكر فيها اسماء شخص آخر أو أشخاص آخرين دون أن يتم التحقيق العادل مع من ذكر اسمه، ولا إعطاءهم حق الدفاع".
وقال "ضربة قاضية لأبجديات التحقيق ونشر الحقائق، فالجهاز الذي يدرك انه يفتقر للمشروعية وبلا مصداقية يلجأ إلى نشر اعترافات منتزعة" مشيرا إلى أن الأجهزة التي تحترم القانون تتخذ مسارا مختلفة في المحاكمات عبر اجراءات يثق بها المتهم قبل المدعي.
الإعلامي محمد الضبياني، غرد بالقول: هل هناك تعبير أكثر وضوحا من ملامح المواطن المختطف شايف الهمداني، عيناه المنهكتان، ووجهه الشاحب والمتعب، وقلبه الذي يعتصر بالقهر، وروحه التي يمزقها الوجع، ثم يجبرونه على قراءة اعترافات مكذوبة ومكتوبة سلفا من على الاتوكيو لتضليل الناس؟
الكتب الصحفي، محمد العلائي سخر من إعلان الحوثيين بالقول "شفنا جاسوس للنحل، النامس (البعوض) هذي الايام مكرشة من دماءنا، تقولوا ما فيه معها جاسوس".
الخبير الاقتصادي، مصطفى نصر هو الآخر اعتبر ذلك مسرحية هزلية مضحة ومبكية بشأن ما أسمته شبكة التجسس الامريكية الإسرائيلية. وقال "مضحكة لأنها أجبرت موظفين سابقين في السفارة الأمريكية ووكالة التنمية الأمريكية للحديث عن أشياء روتينية كانوا يقومون بها كجزء من مهامهم المعلنة والطبيعية، لتوحي بأنهم قاموا بأعمال تجسسيه خطيرة".
وأضاف "رغم أنه من الطبيعي ان الموظفين في القسم السياسي يجمعون معلومات عن الجانب السياسي والمسئولين عن الجانب الاقتصادي يحللون الشأن الاقتصادي، الخ.. والا كانوا يريدوا منهم يبيعوا لحوح في باب السبح".
وتابع "اما المبكي هو ظهور الموظفين اليمنيين مجبرين على الحديث تحت الإكراه في ظروف صحية وجسمانية مزرية وأثار الإرهاق والتعذيب الجسدي والنفسي بادية للعيان".
وأردف نصر "كان واضحا إجبار الموظفين لإعطاء صورة بأن عملهم الطبيعي ذات بعد استخباراتي. لكن جميع من يعرف طبيعة العمل الدبلوماسي يدرك بأن هذه أعمال لا تستدعي كل هذه الهالة الكاذبة، والإنجاز الزائف. والأدهى من ذلك الاستناد".
وأكد أن ما عرض مؤخرا فيلم سيء الإخراج وتبريز غبي لاستمرار اعتقال مواطنين يمنيين كانوا يعملون لدى سفارة الولايات المتحدة الامريكية بعقود رسمية ملعنة وواضحة، وانتهاك صارخ لحق أصيل من حقوقهم في المحاكمة العادلة. وهي مقدمة لإدانة العشرات ممن تم اعتقالهم مؤخرا في صنعاء من ممثلي المنظمات الدولية والمحلية والقطاع الخاص!
وقال "بعيدا عن الإخراج الهزيل والمعلومات المفبركة والتهم التي تصيبك بنوبات الضحك. ما يبعث على الألم الصورة الشاحبة التي ظهر بها المعتقلين وبدا عليهم وكأن دهرا قد مر منذ اعتقالهم. حتى أنني لم اكد اتعرف على الأخ جميل الفقيه مساعد المحلق الاقتصادي الذي توفي ولده وهو في السجن".
الكاتب خلد سلمان علق بالقول "ما قام به الحوثي هو جريمة يندى لها جبين الإنسانية، ويكشف الهوية القمعية لجماعة لا تعطي وزناً لا للمواطن اليمني، ولا لمرجعية عمل المنظمات الدولية ذات الطابع الأممي".
وقال "الحوثي لم يكشف الشبكة التجسسية المزعومة بل خلقها من العدم، بعد أن صدر قرار نقل نشاط المنظمات إلى عدن، وأيقن أن لا رجعة عن المضي بتنفيذ هذا القرار، وأن موارده من هبات المانحين المنهوبة عنوةً عبر هذه المنظمات آخذ بالتضاؤل حد التجفيف".
ويرى أن ما أقدم عليه الحوثي يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية مضاعفة عزل هذه الجماعة، وتعميم التعاطي معه كأرهابي ، ليس لحماية موظفيه وحسب، بل وحماية المواطن اليمني حيث جميع من يقع تحت سلطته، مجرد رهائن يمكن التنكيل بهم متى شاء وبأي مسمى كان : عملاء خونة طابور خامس أدوات ضغط ناعمة ،وغيرها من عناوين تعيدنا إلى حقيقة أننا أمام عصابة لا دولة ، مافيات لا جماعة وطنية.