[ أسرة نازحة في تعز - إرشيف ]
تزداد الأوضاع الإنسانية في المحافظات اليمنية، التي تشهد معارك مستمرة منذ قرابة عام ونصف، تدهورا، بسبب استمرار الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي والمخلوع الانقلابية، متسببة في مقتل وإصابة الآلاف، فضلا عن تشريد مئات الآلاف، فضلا عن النقص الحاد في متطلبات الحياة لملايين المواطنين.
ولقد كانت محافظة تعز، في مقدمة المحافظات المنكوبة، جراء حرب الحوثيين الهمجية، حيث لا تزال الحرب تلقي بثقلها على كاهل المواطن البسيط، والذي يكتوي يوميا بنيران القصف والحصار والتشريد.
ومن أبرز تلك المشاكل التي أفرزتها الحرب، مشكلة النازحين، والذين يتجرعون يوميا مرارة العيش، وقسوة النزوح، في ظل انعدام مقومات الحياة، من غذاء ومياه نظيفة، وكذا عناية طبية، وكهرباء وغيرها من الخدمات الضرورية.
دمار البيوت
المواطن فواز عبدالله وهو أحد النازحين من مدينة تعز، بسبب الحرب التي أشعلها الحوثيون منذ أكثر من عام ونصف، يقول لـ(الموقع بوست): "مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية دمرت بيوتنا ودمرت كل شيء بهذه البلاد، والآن نحن نازحين في المدارس، ونعاني من نقص في الغذاء والمياه والكهرباء، ولم تصلنا أي مواد إغاثية".
وتساءل المواطن فواز بحرقة قائلا: "إذا انتهت الحرب منازلنا مدمرة إلى أين نعود ؟ ".
براءة الاطفال
وبالرغم من قساوة النزوح إلا أن ذلك لم يقتل براءة الأطفال الذين يحكون واقعا مأساويا لذكريات الحرب الأليمة، وتمنياتهم بالعودة إلى مدارسهم، بالرغم من عدم درايتهم بالمدة التي سيظلون فيها نازحين.
الطفل محمد عبدالرحمن الذي قال لـ(الموقع بوست): "أحرمتنا ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية مدارسنا ومنازلنا، وشردتنا، ولكنّا نتمنى أن تنتهي هذه الحرب لكي أعود لطابور المدرسة ولمواصلة دراستي".
شبح الموت
دمرت الحرب الكثير من الأشياء في اليمن، إلا أنها لم تستطيع أن تقتل أمل النازحين في العودة إلى ديارهم ومنازلهم.
تقول "أم حاجب" إحدى النازحات من منطقة العسكرية إلى منطقة الحوبان، في تعز، لـ(الموقع بوست): "خرجت أنا وأولادي الإثنين لا أملك شيء سوى التلهف للبقاء على قيد الحياة!".
وأضافت: "لا أعرف إلى أين سأذهب ؟! كل ما أعرفه فقط هو أنني أريد أن أبعد شبح الموت عن أطفالي الذين كانوا يرونه صباح مساء".
وعن المعاناة التي تعيشها هي وأطفالها تقول "أم حاجب": "وها أنا ذا أمكث في غرفة صغيرة لفاعل خير، والعراء يحتوينا، والظلام الدامس طوال اليل والنهار، والبرد القارس لا مفر منه".
واستطردت متحدثة لمراسلة (الموقع بوست): "وكما تلاحظين فأنا أعد الأيام الأخيرة لأضع مولودي الثالث، ولو كان الأمر بيدي لجعلته في أحشائي يترعرع وسأحمله طوال عمري، لكيلا يأتي على واقع مرّ كهذا، ومع ذلك لي أمل أن نعود إلى منازلنا وننتهي من هذه الحرب".
سكتت بعدها "أم حاجب"، لبضع ثوانٍ، ثم انهمرت دموعها، لفرط ما تعانيه من خوف وتوجس، وشوف لمنزلها ولأمان أطفالها.
أطنان من الوجع
"أم حاجب"، وفواز، والطفل محمد، نماذج من آلاف القصص والحالات، لنازحين شردتهم ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح الانقلابية، وأبعدتهم، عن منازلهم وأقاربهم، ومدارسها، بعد أن فروا من الموت والدمار، على أمل العودة يوما ما.
وتزداد المعاناة في أوساط النازحين، وخصوصا الأسر، التي لديها أطفال صغار، مع استمرار المليشيات الانقلابية في محاصرة المدينة، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم، في سياق العقاب الجماعي الذي تفرضه المليشيات الانقلابية على أبناء تعز، لموقفهم المساند للشرعية، ورغبتهم التواقة للدولة المدنية الحديثة.