[ جدل بشأن مذكرة لمجلس القضاء الأعلى عن محافظ البنك المركزي ]
أثارت مذكرة رسمية صدرت عن مجلس القضاء الأعلى في عدن، تقضي بإحالة محافظ البنك المركزي أحمد غالب إلى النيابة العامة، واتهامه بعرقلة عمل السلطة القضائية، في واقعة غير مسبوقة، جدلًا واسعا بين أوساط اليمنيين.
وتضمن قرار رئيس مجلس القضاء محسن يحيى طالب ابوبكر الصادر، في اجتماعه الاستثنائي أمس الثلاثاء، منع محافظ البنك المركزي غالب من السفر، على أن يتخذ النائب العام الإجراءات القانونية اللازمة لذلك متهما اياه بـ"عرقلة التعزيز المالي للسلطة القضائية".
ويأتي قرار مجلس القضاء الأعلى بعد توقف رواتب القطاع القضائي، لأول شهر، فيما موظفي بقية القطاعات مضى على توقف رواتبهم عدة أشهر، الأمر الذي أثار تندرا واسعا بين أوساط اليمنيين باعتبار أن القرار متحيز وشخصي.
وتواجه الحكومة اليمنية منذ عدة أشهر عجزاً في صرف مرتبات موظفي الدولة في المؤسستين المدنية والعسكرية في وقتها المعتاد، وذلك بسبب وجود عجز مالي في ميزانيتها نتيجة توقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط في جنوب وشرق اليمن.
وفي السياق يرى عضو البرلمان اليمني علي عشال أن توجيه رئيس مجلس القضاء الأعلى، بإحالة محافظ البنك المركزي، أحمد غالب المعبقي للتحقيق ومنعه من السفر بـ "الأمر الخطير والانحراف".
وقال عشال "عندما تكون المصالح هي الدافع لاستخدام مؤسسات الدولة لسلطتها فهذه كارثة"، محذّراً من أن أي تساهل مع ذلك سيشكل تهديداً لعمل مؤسسات الدولة.
وأضاف "إذا لم تقف سلطات الدولة أمام هذا الانحراف، فغداً سنشهد تجاوز أكبر يهدد عمل مؤسسات الدولة"
من جانبه قال المحلل السياسي ياسين التميمي "مجلس القضاء الأعلى، يقع في خطأ غير مبرر، عندما أمر، دون استناده إلى صلاحيات قانونية واضحة، بتقييد حرية مسؤول في السلطة التنفيذية، هو: محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب، الذي يعد من أفضل الكوادر الوطنية في الإدارة المالية، من ممارسة سلطته كمحافظ للبنك، ومنعه من السفر.
وأشار التميمي إلى أن الخبير القانوني محمد ناجي علاو كان محقاً في تخطئة الإجراء الي اتخذه مجلس القضاء الأعلى، فهو لا يرقى حتى إلى ما يمكن وصفه بسوء استخدام للنفوذ، لأن مجلس القضاء الأعلى لا يمتلك صلاحية أو نفوذ يسمحان له بإيقاع عقوبة مباشرة بأي مواطن يمني، ناهيك عن مسؤول تنفيذي في الدولة. لأن هذا الامر من اختصاص النيابات والمحاكم بمختلف مستوياتها.
وذكر أن أحد القضاة البارزين علق على قرار مجلس القضاء الأعلى بالقول: لا يحق للمجلس أن يحيل أحداً من أعضاء السلطة التنفيذية للتحقيق ولا يمنع أحداً من السفر، وإنما يعامل وفقاً لقانون شاغلي وظائف السلطة العليا ،وهو قانون خاص. وبناء عليه فإن على المجلس أن يقوم فقط أن يطلب النائب العالم باتخاذ الاجراءات القانونية بخصوص كذا وكذا، ولا يوجهه أو يكلفه لكون النيابة مستقلة وتحريك الدعوى من قبلها محدد قانونا، وليس من اختصاصات المجلس الإحالة.
وقال "هي الفوضى .. الإجراء الأصلح هو الحوار مع الحكومة ممثلة برئيسها، وربما تطلب الأمر بحث الإشكال مع مجلس القيادة الرئاسي، لا أن يتم بهذه الطريقة التي من الواضح أنها لا تتمتع بأية مسوغ قانوني أو دستوري".
الصحفي محمد الجماعي، المختص في الشأن الاقتصادي قال "واحد يحلق والآخر يقول نعيما.. لاحظوا ممن صدر القرار، صدر عن (سلطة قضائية) لرفض محافظ البنك صرف تعزيز (السلطة القضائية)".
واضاف "القرار يعني لا مصلحة وطنية ولا يحزنون، رعى الله حكومة معين، كانت تغضب على المحافظ ولم تفعل ما فعل القضاء".
وتابع الجماعي "إذا صحت الوثيقة فهذا عمل قضائي يريد إجبار البنك المركزي على الصرف من الفلوس المطبوعة بدون غطاء، والمركونة في عرض البحر منذ عامين أي منذ تعيين المحافظ الجديد في منصبه".
وأردف "للتوضيح أكثر امتنع المحافظ المعبقي منذ أول اول أيام تعيينه كمحافظ للبنك المركزي بمنع استخدام الأموال المتبقية من العملة المطبوعة في 2017، وذلك لدفع الحكومة كي تقوم بواجبها في تنمية وجمع الموارد، وفقا لمهامها المنوطة بها، بدلا من الركون على تلك المطبوعات والصرف على المكشوف لتغطية التزاماتها".
وقال إن القضاء الموقر يحاول استخدام سلطته لإجبار المحافظ على الصرف من الأموال المطبوعة وهو يرد عليهم: اشقوا على بطونكم، الشخصنة واضحة في القرار، ضد الخبير المالي والاقتصادي أحمد غالب، وسيذهب القرار أدراج الرياح، مشيرا إلى أن غالب لو سمح بصرف المطبوعة كان وصل الدولار إلى 3000 ريال.
الصحفي ماجد الداعري، المتهم بالشأن الاقتصادي أيضا كتب "أكد لي محافظ البنك المركزي اليمني بعدن، صحة هذه الوثيقة التي وصفها بـ "الصادمة" من أعلى جهة قضائية مفترضة باليمن وتجهل أن مشكلة صرف المرتبات مرتبطة بعجز الدولة عن توفير سيولة مالية لصرفها للجميع لأسباب يعرفها الكل وكقضية وطنية كشفت عن جهل أناني مخجل ممن كان عليهم مساندة الموظف المسحوق أولا".
فتاح المحرمي، علق بالقول "توجيهات بإحالة محافظ البنك المركزي اليمني إلى النيابة العامة للتحقيق معه في واقعة عرقلة عمل السلطة القضائية، خطوة في الاتجاه الصحيح".
وأضاف "لكن نتمنى على السلطة القضائية أن تستخدم سلطتها ضد كل مسؤول يخل بواجبه تجاه خدمة المواطنين، وليس فقط فيما يتعلق بحقوقها المالية".
الصحفي عبدالرحمن أنيس اعتبر القرار شخصي لا يصب في الصالح العام وقال أنا كموظف حكومي لم أستلم حتى اللحظة مرتبي لشهر يناير رغم اننا اليوم في تاريخ 20 فبراير ، ومثلي الملايين من موظفي الدولة لم يستلموا فلسا منذ شهرين".
وأضاف "لكن عدم صرف مرتباتنا كموظفين حكوميين مساكين أمر عادي ولا يستوجب اتخاذ إجراءات، أما عدم صرف مرتبات الجهاز القضائي فتوجب إحالة محافظ البنك المركزي للنيابة ومنعه من السفر".
عمار الذهبي غرد بالقول "عندما تأخر راتب القضاة أصدر المجلس الأعلى للقضاء أمر بإحالة محافظ البنك المركزي اليمني للنيابة ومنعه من السفر، والموظفين يريد لهم مجلس قضاء يصدر قرار بإعدام كل من تسببوا بقطع رواتبنا لثمان سنوات".