[ جانب من مطارح العرقين في مأرب المعارض لرفع أسعار النفط بمحافظة مأرب ]
تقف محافظة مأرب اليوم على صفيح ساخن، عقب قرار حكومي برفع وتحريك أسعار المشتقات النفطية بالمحافظة التي تعد من أهم معاقل الشرعية، إذ استعصت على جماعة الحوثي التي تتربص بالمحافظة منذ تسع سنوات وما زالت، غير أن الأحداث الجارية اليوم قد تغير مسار المحافظة في حال إستمرار الرفض لرفع أسعار النفط الذي قاد إلى توترات أمنية فجرت مواجهات مسلحة راح ضحيتها سبعة أشخاص حتى اللحظة بينهم ثلاثة جنود في صفوف القوات الأمنية من منتسبي حماية الطرقات.
يوم الـ 18 من شهر ديسمبر الجاري، قررت شركة النفط بمحافظة مأرب، تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم (3) لعام 2023م بشأن المصادقة على قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى الخاصة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز موارد الدولة والتي من بينها تحريك أسعار النفط بمحافظة مأرب، والذي تم تأجيله منذ الـ 16 من يناير 2023م، بفعل جهود عضو المجلس الرئاسي محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة مع المجلس الرئاسي والحكومة، نتيجة للظروف الاستثنائية التي تمر بها المحافظة آنذاك.
وقال بيان شركة النفط اليمنية بمحافظة مأرب بأنه ونظراً للوضع الاقتصادي وحاجة الحكومة للإيرادات لتغطية النفقات ومنها المرتبات وبما أن سعر تكلفة اللتر البنزين في محافظة مأرب منخفضة بحيث لا تغطي تكلفه انتاجه، فقد قررت الحكومة تحريك سعر اللتر من مادة البنزين (487.50) للتر الواحد أي ان سعر الجالون الواحد "20 لتر" (9750) ريال، مضيفا بأن اللواء "العرادة" بذل جهودا كبيرة من خلال تواصله بشكل مكثف مع الرئاسة والحكومة لتخفيض السعر إلى (400) ريال للتر الواحد أي ما يعادل ثمانية ألف ريال للجالون الواحد.
وبحسب إعلان شركة النفط فإن السعر الجديد الذي تم إقراره لمادة البترول، ارتفع من 3500 ريال إلى 8 ألف ريال للجالون الواحد "20 لتر"، وهو السعر الذي قالت الشركة بأنه مناسب جداً اذا ما قورن بالأسعار خارج المحافظة، مشيرة إلى أن التسعيرة الجديدة ستحد من الازمة بشكل كبير كون السعر السابق ساهم في ازدهار السوق السوداء وانعدام المادة نتيجة للسحب المكثف.
وبنظرة عامة للتسعيرة السابقة والتي كانت بـ "3500" ريال فقد فتحت الباب للسوق السوداء وتهريب البترول لمحافظات أخرى وبيعه بسعر مضاعف خصوصا وأن تلك المحافظات ترتفع فيها أسعار المشتقات النفطية بشكل كبير ولا يقارن بمحافظة مأرب، في الوقت الذي انعكس على المحافظة بأزمة مستمرة في المشتقات النفطية ما جعل طوابير السيارات تصطف في طوابير طويلة للحصول على المشتقات النفطية.
أبناء مأرب ينظرون للتسعيرة من باب آخر، خصوصا وأن المحافظة النفطية حرمت خلال السنوات والعقود الماضية من استحقاقات التنمية الأمر الذي يتوجب منحها حصة معينة من النفط الذي يعود على خزينة الدولة بأموال طائلة، وهو الأمر الذي جعل تسعيرة النفط بالمحافظة مختلف ومغاير عن بقية المحافظات، وإذ يجدون في التكلفة السابقة نوعا من الإنصاف لأهل المحافظة خصوصا وأن تحقيق التنمية بالمحافظة أمر يصعب مع سنوات الحرب والمقاومة التي تفجرت شرارتها في 2015م، وقدم خلالها أبناء مأرب مع بقية المحافظات تضحيات كبيرة في سبيل الدفاع عن النظام الجمهوري وإبقاء المحافظة خارج سيطرة الحوثيين.
عقب ساعات من إعلان التسعيرة الجديدة للمشتقات النفطية في محافظة مأرب، قوبل القرار برفض واستياء خصوصا في بعض الأوساط القبلية التي أعلنت موقفا صادما للسلطات المحلية، برفضها القاطع للقرار والتصعيد الهادف لإسقاط القرار أو ما يسميه الرافضون للقرار بـ "إسقاط الجرعة"، حيث تداعى مسلحون قبليون للتصدي للقرار وخاضوا مواجهات مسلحة مع قوات الأمن تحت لافتة "الرفض" للتسعيرة الجديدة.
ونصب المسلحون تجمعات قبلية (مطارح) في مديرية الوادي بمحافظة مأرب، عقب بدء تنفيذ قرار رفع النفط بالمحافظة، اعتراضا على تحريك سعر مادة البترول، في الوقت الذي شهدت مديرية الوادي توترا ومواجهات مسلحة بين المسلحين القبليين وقوات الأمن، إثر محاولة العشرات من المسلحين منع مرور شاحنات تحمل مادة البترول من مصافي مأرب إلى مدينة مأرب، إذ سقط شخص من أبناء القبائل وأصيب إثنان "توفيا في وقت لاحق" في قصف متبادل بين الجيش والعناصر المسلحة بمديرية الوادي شمالي محافظة مأرب.
واستمرت الإشتباكات المسلحة بشكل عنيف عقب سقوط الضحايا في صفوف القبائل الذين اتهموا القوات الحكومية بقصفهم بطائرة مسيرة، حيث دارت المواجهات في منطقة "الضمين" على امتداد الخط الدولي، بين قوات الجيش وعناصر مسلحة تابعة لأبناء القبائل الذين اعترضوا تحريك أسعار المشتقات النفطية.
وبحسب مصادر محلية فإن الضحايا في صفوف القبائل هم خميس بن صالح بن جابر بن حسن الشبواني وعبدالواحد بن علي بن جابر بن حسن الشبواني وعبدالله بن صالح بن علي بن حفرين، فيما توفي سائق شاحنة جراء القصف المتبادل بين الجانبين.
وأصدر المجتمعون في المطارح بيانا ذكروا فيه مطالبهم المتمثلة بإلغاء "الجرعة في مادة البترول واعادة سعره السابق 175ريال للتر بشكل دائم، وتخصيص كمية 300,000 لتر بترول يوميا لمحطات مديرية الوادي، واعطاء كل مواطن كميه تكفي سيارته حسب استهلاكها، وتوقيف كافة صادرات الانتاج من بترول محسن وعايدي وكذلك الغاز والديزل عداء ما هو مخصص منه لمحطات الكهرباء بحسب البيان.
وتضمن البيان الصادر عن المطارح القبلية توقيف مرور شاحنات تحمل مادة البترول من مصافي مأرب إلى مدينة مأرب محملين الجهات الرسمية مسؤولية ما سيحدث من تبعات خطيره لتجاوز التوقيف او عدم تنفيذ المطالب المذكورة في البيان الصادر يوم الـ 18 من ديسمبر الجاري.
ونجح مسلحو القبائل في إعتراض شاحنات نقل الغاز والنفط في منطقة "الرويك" شرق مأرب وأجبروها على العودة إلى صافر في واحدة من خطواتهم التصعيدية ضد قرار رفع أسعار البنزين بالمحافظة، في الوقت الذي دخلت وساطات محلية ومحاولة إحتواء من قيادة السلطة المحلية بهدف إمتصاص ردة فعل القبائل، غير أن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح حتى اللحظة.
تفجير أنابيب النفط
وسط تصاعد وتوتر غير مسبوق تشهده محافظة مأرب، أقدم مسلحون مجهولون، الثلاثاء، على تفجير أنبوب النفط الخام بمحافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، والواصل بين منشأة صافر وحقل جنة جنوب مأرب.
وقالت مصادر محلية إن مسلحين مجهولين فجروا أنبوب النفط في مديرية عسيلان بمحافظة شبوة، في الوقت الذي شوهدت ألسنة اللهب تتصاعد بشكل كبير من الأنبوب النفطي، مشيرة إل أن الأنبوب الذي جرى تفجيره يربط منشأة صافر بحقل جنة هنت النفطي.
ويأتي هذا الحادث بعد يومين من تفجير عناصر تخريبية تابعة لبعض قبائل مأرب أنبوب النفط الخام الرابط بين حقل ريدان بمنشأة صافر شرق مارب، على وقع مواصلة بعض مسلحي القبائل تصعيدهم ضد القرار الحكومي المتضمن رفع أسعار المشتقات النفطية بمحافظة مأرب من 3500 ريال إلى 8000 ألف ريال.
مأرب لا تقايض البنزين بالدم
الصحفي محمد الجماعي مدير إذاعة الإتحادية والتي تعمل من محافظة مأرب، كتب قائلا: "من يظن أن مأرب ستقايض البنزين بالدم فهو واهم ولا يعرف أن رجالها لا يطلبون الشر إلا إذا جاءهم الغازي، ولا يسكبون الدم إلا في مواطن الشرف والبطولة والدفاع عن الكرامة والوطن والدين..".
وأشار الجماعي إلى أن "هذه اخر محاولات ابتزاز المشروع الوطني بإذن الله تعالى، ولا تنتظرون الا موقفا مشرفا ساطعا كنور الشمس".
أحزاب مأرب تساند السلطات المحلية
وظهر مسلحو القبائل بدون أي سند مجتمعي أو تضامن واسع من القوى المدنية والسياسية وغيرها من منظمات المجتمع المدني، حيث عقد قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية بمحافظة مأرب الخميس الماضي، لقاء بهدف مناقشة المستجدات التي طرأت في المحافظة عقب رفع أسعار المشتقات النفطية وظهر موقف الأحزاب أقرب لمساندة السلطات المحلية الت يتقوم بتنفيذ القرار الحكومي برفع أسعار النفط بالمحافظة.
وطالبت الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة مأرب، في بيان لها، المجلس الرئاسي والحكومة، برفع الأجور والمرتبات وإعتماد موازنة خاصة بالمحافظة النفطية بما يلبي تطلعات أبنائها وإحتياجات المحافظة، في ظل الاستياء الواسع والرفض في أوساط المواطنين جراء رفع أسعار النفط بالمحافظة.
وعبرت الأحزاب والتنظيمات السياسية بمحافظة مأرب عن أسفها لما حصل من مواجهات مسلحة وقطع للطرقات وسقوط ضحايا، مشيرة إلى أن "ما جرى يأتي في الوقت الذي يبذل فيه الجميع جهوداً كبيرة لتعزيز قوة الجبهة الواحدة المناهضة لعدو الجميع المتربص بالمحافظة والذي يستغل مثل هذه الأحداث لتحقيق اهدافه من محافظة مأرب التي كانت ولازالت وستظل عصية على ميليشياته الانقلابية".
وقال بيان الأحزاب والتنظيمات السياسية بمحافظة مأرب بأن "ما شهدته المحافظة ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك نية مبيتة كانت ولا تزال تسعى إلى إفشال كل المحاولات الرامية إلى رص الصفوف واحداث ثغرة في الجبهة الداخلية وهوما تراهن عليه ميليشيا الحوثي الانقلابية"، مؤكدة أن المراهنة على أي مشكلة قد تحدث في مأرب بأنها "مراهنة خاسرة" مشيرة إلى أن "محافظة مأرب جزء لا يتجزأ من الجمهورية اليمنية ومن المناطق المحررة ومن الطبيعي للدولة تحريك أسعار المشتقات النفطية" غير أنها وضعت جملة من المطالب بعد تحريك أسعار المشتقات النفطية.
ودعت الأحزاب والتنظيمات السياسية في بيانها، المجلس الرئاسي والحكومة باعتماد موازنة خاصة تليق بها وبما يلبي متطلباتها وتطلعات أبنائها ابتداء من عام 2024 وبما يتناسب مع العبء الذي تتحمله المحافظة مشيرة إلى أن من "حقها الحصول على حصتها كاملة من عائدات النفط والمشتقات النفطية الأخرى"، في الوقت الذي دعت "المواطنين إلى ضبط النفس والتحلي بالصبر وعدم قطع الطرقات وإثارة الشغب والإبتعاد عما يقلق السكينة العامة أو يخل بالأمن في المحافظة"، مطالبة كافة الشخصيات الإجتماعية من مشايخ ووجهاء وأصحاب الراي السديد الى "التفاهم الإيجابي مع السلطة المحلية وقيادة الدولة في المحافظة والحفاظ على توحيد صف المقاومة وتفويت أي فرصة على العدو".
وجددت أحزاب مارب مطالبتها "مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بإحداث نوع من التوازن الاقتصادي بما يتناسب مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وذلك من خلال إعادة النظر في الأجور والمرتبات للقطاعين العسكري والمدني والعمل على رفعها بما يتلاءم مع الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلد بشكل عام والمحافظة بشكل خاص"، مشددة على حق أبناء محافظة مأرب في الحصول على الترقيات الوظيفية والحصول على المقاعد المناسبة في السلك الدبلوماسي وكذلك المناصب القيادية العليا في القطاعين المدني والعسكري، وتوفير منح دراسية لأبناء المحافظة لتمكنهم من مواصلة الدراسات العليا وإعطائهم الفرص التي يستحقونها.
وطالبت أحزاب مأرب، من مؤسسة النفط توفير المشتقات النفطية الكافية للمحافظة والحد من السوق السوداء وملاحقة المتلاعبين، في الوقت الذي شددت على أهمية تأهيل ورفع مستوى القطاع الصحي في المحافظة إداريا وصحيا وماديا وبناء المستشفيات المتخصصة في علاج الأمراض الناتجة عن استخراج النفط ومشتقاته لمواجهة ما ينتج عنه من أضرار صحية جسيمة يعاني منها أبناء المحافظة.
بيان هزيل لا يمثل القواعد
الناطق بإسم مطارح مأرب محمد ميقان وصف بيان الاحزاب والتنظيمات في مأرب بأنه "هزيل ولا يمثل الشرفاء من قيادات وقواعد الاحزاب والتنظيمات اليمنية، مشيرا إلى أن "المشائخ قالوا كلمتهم مع مطالب مطارح مأرب لإسقاط الجرعة والبيان المنسوب للأحزاب لايمثل سوى بضعة هوامير انتمت لهذه الاحزاب لتختطف قرارها من قواعدها ولا يهمهم مصير قواعدهم حتى لو ماتوا جوعا فقد اختلسوا المال العام وسرقوا الثروة ونكلوا بالمواطن وهم اشد خطرا وفتكا باليمنيين من غيرهم".
ميقان أضاف بأنه إذا "كان هنالك من سيدخل الحوثي مأرب فهم هؤلاء اللصوص الذين يوجدون له الذرائع المناسبة ويريدون اشباع رغباتهم (..) على حساب شعبهم ومصيرهم الى زوال ان شاء الله وسيقيض الله لقيادة هذا الشعب من يخافه ويتقيه".
العرادة في مهمة إمتصاص ردود الفعل
محافظ مأرب وعضو المجلس الرئاسي اللواء سلطان العرادة واحدا من أبرز رجالات مأرب ممن يعرف عنهم الحنكة والدهاء وإمتصاص المشاكل حاول منذ وقت مبكر تأجيل القرار تفاديا لأي تبعات قد تضر بالمحافظة وتساهم في تحقيق أطماع جماعة الحوثي التي حشدت خلال السنوات والأشهر الماضية على تخوم مأرب بهدف السيطرة عليها وفشلت بشكل ذريع، غير أن هذه المرة يرى مراقبون أنه قد تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن الشرعية التي تبحث عن رفد الخزينة العامة من إيرادات مأرب، وقد يكون القرار بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير وستفجر صراعا داخليا تستفيد منه جماعة الحوثي التي لن تبقى متفرجة وستحاول التدخل بأي وسيلة بغية تحقيق ما عجزت عنه خلال تسع سنوات مضت.
ويوم أمس الأول، عقد عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب سلطان العرادة، لقاء مع عدد من المشائخ والوجهاء والشخصيات الاجتماعية والعلماء بمديرية مأرب الوادي لمناقشة الوضع العام ومتطلبات المرحلة في ضوء التحديات الماثلة والمتوقعة على مختلف الأصعدة، وشدد فيه على أهمية تضافر جهود كافة مكونات المجتمع المأربي لتعزيز وحدة الصف، والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وتغليب المصلحة الوطنية.
وخلال اللقاء، وضع العرادة وجهاء ومشائخ مأرب أمام التوجيهات الرئاسية والقرارات الحكومية المتعلقة بالزيادة السعرية لمادة البنزين بالمحافظة في إطار منظومة الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح المالية العامة للدولة، ونوه إلى أهمية وقوف أبناء المحافظة صفاً واحداً كما هو معهود منهم إلى جانب الدولة والحكومة الشرعية والتفافهم حولها لدعم قراراتها وجهودها للحفاظ على السكينة العامة وترسيخ الأمن والاستقرار، وحذر من المهاترات والمناكفات وكافة الأعمال التي قال بأنها "لا تخدم سوى مليشيات الحوثي التي تتربص بالمحافظة وتسعى إلى زرع الفُرقة بينهم وإثارة الخلافات والصراعات داخل المجتمع".
وأشاد عضو مجلس القيادة الرئاسي بالموقف الإيجابي والواعي لأبناء المحافظة وسكانها وكافة المكونات الرسمية والسياسية والشعبية بمحافظة مأرب في تجاوز التحديات، وتعزيز التكامل الرسمي والشعبي لتحقيق أهداف المعركة الوطنية وتثبيت دعائم التنمية والسلم الاجتماعي بالمحافظة.
رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير حمود بن عزيز الذي حضر لقاء اللواء العرادة مع وجهاء ومشائخ مأرب قال خلال اللقاء، بأن تثبيت الأمن والاستقرار أولوية قصوى في هذه المرحلة، مطالبا قبائل مأرب وسكانها مساندة المؤسسة الأمنية والعسكرية للحد من الظواهر السلبية ومواجهة الأعمال التخريبية وردع المخربين الذين يسعون لخدمة العدو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حد قوله.
مقتل ثلاثة جنود
ويوم أمس الإثنين، قتل ثلاثة جنود في صفوف القوات الحكومية، بالقرب من منطقة محطة بن معيلي بمديرية الوادي بمحافظة مأرب، حيث لقوا حتفهم برصاص مسلحين مجهولين، بالتزامن مع توتر أمني تشهده المحافظة، عقب مواجهات مسلحة بين عناصر قبلية وقوات الأمن، على خلفية رفض بعض قبائل المحافظة قرارا حكوميا برفع أسعار المشتقات النفطية بالمحافظة.
ولاحقا اتهمت اللجنة العسكرية والأمنية بالمحافظة "عناصر تخريبية" من مسلحي القبائل بالوقوف خلف قتل ثلاثة جنود من قوات الأمن، والذين جرى استهدافهم بطريقة غادرة حيث كانوا على متن أحد الأطقم في طريقهم بالقرب من منطقة محطة بن معيلي بمديرية الوادي، ونشرت صور الضحايا وهم على متن الطقم في ما يؤكد أنهم تعرضوا لكمين مسلح دون مواجهات، وسط استياء واسع من طريقة قتلهم البشعة، ومطالبات بمحاسبة الجناة ومن يقف خلفهم.
الصحفي علي عويضة أحد أبناء مأرب علق على الحادثة بالقول: "قتل ثلاثة من أفراد الجيش اليوم وهم في حال سبيلهم على الخط الدولي هو أول ثمرات البيان الخطير الذي نشره ناطق العرقين، حتى وإن حاول الظهور بمظهر الأسيف، فالخطابات المنفلتة والبيانات الحربية لن تجر إلا مثل هذه الحوادث، وستفتح الباب لكل من يريد زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأشار "عويضة" إلى أن ناطق مطارح العرقين محمد ميقان، هدد قبل أيام بـ "إعادة مأرب للعصر الحجري وتدمير كل شيء، لكن قلنا يمكن تخزينة قات ليلة، لكن بعد البيان الذي نشره مساء البارحة، لم يعد مجديا تجاوز هذه التهديدات الخطيرة!!".
تهديد لم يجرؤ عليه الحوثي
وأوضح أن "التهديد بتدمير منشآت النفط هو تهديد لم يجرؤ عليه حتى الحوثي، وما كان ينبغي أن يصدر هذا التهديد من إنسان عاقل يعيش في مأرب ويشرب من ماءها ويتنفس هواءها، ويعرف ماذا تعني هذه المنشأة لمأرب وأبناءها، الذين باتت المنشآت النفطية تقدم لهم كل ضروري في حياتهم من شربة الماء إلى وقود السيارات. هذه منشآت لليمن كامل، ولمأرب وسكانها، والحفاظ عليها واجب الجميع".
وطالب عويضة" الوجهاء والمشائخ في المطارح أن "تكون حماية المنشآت من أولوياتهم وأن يحافظوا عليها من أي مندس في صفوفهم يسعى لتدمير مقدرات البلاد، مهما كان خلافهم مع الجهات التي تحكم البلاد".
الصحفي سيف الحاضري، قال بأن حادثة قتل ثلاثة من جنود الجيش الوطني في منطقة بن معيلي بمأرب تمثل "الجريمة الأخطر على تهديد أمن مأرب واستقرارها" مشيرا إلى أن "هذه الجريمة ليست مجرد جريمة قطّاع طرق أو حصر دوافعها جنائيًا.. الأمر أخطر من ذلك.. تلك الجريمة في اختيار زمنها أراد مرتكبوها إشعال (فتنة) تجرّ وراءها سيلاً من الدماء".
وقال الحاضري بأن "التعبير عن الرأي وتبني مواقف معارضة لسياسة الدولة لا تأتي من خلال استباحة دماء الجنود في النقاط العسكرية والأمنية.. سفك الدماء جريمة وجريمة حرابة. لماذا خرجنا لقتال المليشيات المسلحة الانقلابية؟!ولماذا قدم الشعب وجيشه والمقاومة الشعبية مئات الآلاف من الشهداء والجرحى؟ كل ذلك من أجل رفض استخدام السلاح وسفك الدم في مواجهة الدولة؟".
وأضاف: "كلنا نمارس حق معارضة سياسة قيادات الشرعية رئاسة وحكومة.. ننتقدها بقوة ونرفض الكثير من قراراتها السياسية لكننا نمارس ذلك في إطار الحرية والديمقراطية وحق التعبير السلمي بقوة القانون والدستور الذي نقاتل دفاعاً عنه، مشيرا إلى أنه "لا أحد يتفق مع أغلب سياسات الحكومة التي نطالب بإحالتها للمحاسبة والمحاكمة.. لكن ذلك وفقاً للقانون والدستور وفي إطار القنوات المشروعة.."، مؤكدا أن "الاعتصام سلمياً حق مكفول لرفض الجرعة.. لكن استخدام السلاح وقطع الطرقات وتهديد المنشآت النفطية لا يمكن أن يوصف بأنه تعبير عن الرأي أو حق مشروع لجماعة أو فئة..".
جر مأرب لمواجهات دموية
الحاضري واصل حديثه القول: "إذا كان حق رفع السلاح مباحاً لفئة ما في مأرب أو غيرها في وجه الدولة.. فلماذا نحارب مليشيات الحوثي طيلة ثمان سنوات، ولماذا نرفض مليشيات الانتقالي.. الأمر هنا يخرج عن مسار التعبير عن المعارضة أو الرفض.. بل يذهب في سياقات إشعال الفتن وسفك الدم وجرّ مأرب إلى مواجهات دموية بين الاخوة ورفقاء الدفاع عن الجمهورية اليمنية ورفض العودة باليمن لعهد الأئمة.. والأخطر من كل ما حدث ويحدث تحت مسمى رفض الجرعة والذي يمثل تهديدا وجودياً للجميع بما فيهم من يقف وراء استخدام السلاح في وجه الدولة.
وأكد أن "التهديد الوجودي للجميع يتمثل في المساعي الحثيثة لأعداء مأرب وفي مقدمتهم مليشيات الحوثي لإشعال النار وتوسيع رقعتها لتحقيق ما فشلوا في تحقيقه من خلال ثمان سنوات من الحرب. وهنا سؤال يفرض نفسه: ماذا حقق قتل 3 من جنود الجيش بأسلوب غادر؟!! هل أسقط الجرعة؟!! لا.. هل أسقط السلطة؟! لا، مشيرا إلى أن "قتل الجنود الثلاثة أسقط الأقنعة عمن يريدون لمأرب إشعال فتنة.. قتل الجنود الثلاثة أسقط الأخلاق عن كل من يؤيدها ولا يدينها ولا يعمل للقبض على مرتكبيها، نعم إنه سقوط للأخلاق.. وسقوط للأقنعة التي يقيناً أهدافها تتجاوز إسقاط الجرعة..".
وحاول الحاضري الربط بين إسقاط صنعاء باسم الجرعة وإسقاط مأرب بذات المبرر، حيث قال "لنا في إسقاط صنعاء باسم الجرعة عبرة.. ولنا في إسقاط العاصمة عدن باسم مظلومية الجنوب عبرة.. ووووو.. وما أكثر العبر التي تحيط بنا".
اللجنة العسكرية تهدد بالتعامل بحزم مع أمن مأرب
اللجنة الأمنية العسكرية بمحافظة مأرب أكدت في بيان لها، أنها لن تتهاون في القيام بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية المصالح العامة وتأمين الطرقات وحفظ الأمن والاستقرار، بالتزامن مع التوتر الأمني الذي تشهده المحافظة والمواجهات المسلحة بين العناصر التخريبية وقوات الأمن بالمحافظة بعد قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية بالمحافظة.
وقالت اللجنة الأمنية والعسكرية في مأرب إنها تتابع التطورات الجارية بمديرية مأرب الوادي، وما تقوم به العناصر التخريبية من جرائم قتل وقطع الطرقات وتعطيل المصالح العامة، وآخرها جريمة القتل العمْد لثلاثة من أبناء القوات المسلحة أمس الاثنين داخل سيارتهم أثناء مرورهم بالطريق العام بالقرب من محطة بن معيلي، في الوقت الذي اتهمت اللجنة الأمنية، العناصر التخريبية بالقيام بجريمة قتل سائق ناقلة من عابري السبيل، وإحراق شاحنة نقل لأحد المواطنين يوم أمس الأول، بالتزامن مع تفجير أنبوب النفط بين ريدان وصافر، وما رافق ذلك من تحريض تتخادم فيه عدة جهات معادية لأمن واستقرار محافظة مأرب.
اللجنة العسكرية والأمنية في مأرب قالت "إن تلك العناصر التي تقوم بتلك الأعمال الإجرامية والحرابة لها سوابق في الاختطافات والتقطعات والقتل والاعتداء على النقاط الأمنية والعسكرية وصدرت بحق عدد منهم أوامر قبض قهرية سابقة من الجهات القضائية" مشيرة إلى "ما صدر من بيانات عن تلك العناصر تحرض على العنف والتهيئة للأعمال الإرهابية ضد المنشآت النفطية السيادية التي هي ملك للشعب والوطن".
وأعتبرت أمنية مأرب، ما ورد في تلك البيانات بأنه "يكشف حقيقة النوايا والدوافع لتلك العناصر وزيف ادعاءاتها الكاذبة بغطاء قضايا مطلبية والوقوف ضد قرار الحكومة بالزيادة السعرية لمادة البنزين والإصلاحات الاقتصادية"، مؤكدة "أن القوات المسلحة والأمن لا تزال تتعامل بمسؤولية وصبر لإعطاء الفرصة للمغرر بهم ممن التحقوا بتلك العناصر بالعودة إلى جادة الصواب، وتغليب المصلحة العامة، بعد انكشاف حقيقة دوافع من يتصدرون تلك التجمعات"، في الوقت الذي هددت بالتعامل بـ "كل قوة وحزم مع كل من تسول له نفسه المساس باستقرار المحافظة".
فقدان المصالح وراء تأجيج الأوضاع
الصحفي محمد الصالحي أحد أبناء محافظة مأرب قال بأن "هناك من يريد خلط الأوراق ويحاول تفكيك اللحمة الموجودة بين السلطات والجيش والأمن من جهة وبين قبائل مأرب تحت شعارات ومطالب شعبية.
الصحفي الصالحي أكد أن "قتل جنود في مارب جريمة يستنكرها كل ابناء مأرب"، مشيرا إلى أن من "يقف ويدعم ويحاول ان يأجج الوضع في مارب معظمهم من الذين فقدوا مصالحهم الشخصية من السوق السوداء". مضيفا: "نقف الي جانب الدولة والسلطة في اتخاذ قرارات مناسبة وتعديل اي وضع يصب في المصلحة العامة، ولن ينجر أبناء مأرب الي أهداف مشبوهة".
فتح لباب الفوضى
الداعية الحسن السليماني قال في صفحته على منصة فيسبوك "رَفعُ أسعار المشتقات النفطية في ظلّ الظّرف الرّاهن مِن عَدم الحكمة، بل قد يُعتبر ضَربًا من الحماقة، وفيه فتحٌ لبابِ الفوضى، وإشغالُ العباد داخليًا عن مُناهضة الخَطر الخارجي، والواجب أن يكون لدى الحكومة وَعي بما يُحيط بالبلد وتَتخذ قراراتها على مُعطيات واقعية، وأن تكون عونًا للمواطن الذي يعيش أسوأ ظروفه في هذه الحِقبة، لا أن تزيد همّه وغمّه وكربه.
السليماني أضاف أن "زيادة سعر المشتقات سيَزيد به سعر كافة المواد، فكيف ومن أين سيُوفر المواطن لقمة عيشه ومن يعول؟! فقد تَسبّبت الظروف الحالية في إهانة أقوام كِرام كانت بيوتهم ملاذا بعد الله لأكباد جائعة.
وأشار إلى بدائل أخرى عن رفع أسعار النفط حي قال "لو تمت محاربة الفساد وأهله الذين أصيبوا بالتّخمة؛ لما احتيج إلى رفع سعر البترول ولا غيره" مطالبا بتأجيل تنفيذ قرار الحكومة برفع أسعار النفط حيث قال: "فإنْ لم يكن بُدّ من فَرض التسعيرة، وكان في ذلك دعم للخزينة العامة؛ فليُؤجّل ذلك الشر حتى تأمَن البلاد من الخطر المحدِق بها، فَدَرءُ المفسدة مقدّمٌ شرعا وعقلا".
الشاب ناصر الخليفي قال بأن "قبائل عبيدة في مأرب تواصل الاحتجاج ولازالت سلطة مارب ترفض إلغاء الجرعة في اسعار المشتقات النفطية، بالرغم ان مارب محافظة نفطية لكن ابناءها لا يستفيدون شي وفوق هذا رفعوا جرعة جديدة".