[ مشهد عام من بريطانيا ]
بعد أن حسم البريطانيون أمر بلادهم بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي، امتد الحديث عن إمكانية لعب بريطانيا دورا جديدا في المنطقة العربية، وتحديدا اليمن.
وذكر خبراء أن بريطانيا ترغب من خلال خروجها من الاتحاد الأوروبي، التخلص من عبء المهاجرين واللاجئين، الذين تزايدت أعدادهم مؤخرا؛ إذ استقبلت المملكة المتحدة 863 ألف مهاجر، وهو ما يشكل عبئا عليها، ويكلفها سنويا بحسب جامعة" مدرسة لندن الاقتصادية" 4.131 مليار دولارا.
كما سيتيح خروجها من الاتحاد الأوروبي، حسب بعض التوقعات، نفوذا دوليا منفردا، بالإضافة إلى التجارة الحرة التي يمكن أن تمارسها بعد تخلصها من القيود المفروضة عليها، بموجب قانون دول الاتحاد الأوروبي.
هذا ما يدعم فرضية المراقبين الذين استطلع( الموقع بوست) آراءهم؛ حيث أكدوا أن شكل عودة بريطانيا سيكون اقتصاديا، لكنهم أشاروا إلى أن ذلك الأمر قد يختلف فيما لو استخدمت الحراك الانفصالي، الذي يعده خبراء أداة تحكم في قبضتها.
وكانت بريطانيا قد دخلت اليمن عام 1839، وبقي جنوب البلاد تحت سيطرتها حتى عام 1967.
الحرب دون جيوش
في السياق ذكر المحلل العسكري علي الذهب أن:" بريطانيا أحد أطراف من صنع واقع المنطقة العربية منذ مائة عام تقريبا، وأتمته بصناعة دولة الإمارات في سبعينات القرن الماضي، وفق اتفاقيات سرية وأخرى معلنة".
وتابع ل(الموقع بوست):" الآن نعيش عالما معولما، عالما رقميا، تخترق فيه قوى التسلط الدولية دول العالم الثالث، دون جيوش ودون حروب كبرى كما كان الحال في القرن الماضي".
وعن شكل الدور الذي يمكن أن تقوم به بريطانيا في اليمن، يؤكد الخبير في شئون الجماعات المسلحة، أن القوة الاقتصادية هي المحرك الأول للأطماع ولفرض الإرادات، وهذا هو وجه الحاضر والقادم، مشيرا إلى أن اليمن هي أحد أهداف الاستعمار الحديث، وضحية صراع حلفاء هذا الاستعمار وأعوانه.
استخدام الحراك الانفصالي
من جانبه قال المحلل السياسي محمد الغابري إن:" سياسات بريطانيا المعلنة مع الجمهورية اليمنية، ليست مع عودة التجزئة في البلد، وذلك ينفي إمكانية تحريكها لورقة الحراك الجنوبي الانفصالي"، مستدركا حديثه بالقول:" لكن للعلاقات بين الدول وجهان، معلن وخفي، ويعني احتمال استخدام بريطانيا للحراك الجنوبي، إذا كان يفيد ذلك مصالحها".
وأضاف في تصريح لـ( الموقع بوست) :" ربما كانت بريطانيا تتطلع إلى إعادة تنشيط محافظة عدن التي كانت واقعة تحت سيطرتها من قبل، وهو ما عبر عنه وفد تجاري بريطاني منتصف التسعينيات، غير أن القصور الذاتي للحراك وفوضويته قد يحول دون الرهان عليه".
ولفت أن:" اليمن تمثل أهمية خاصة بالنظر لموقعها على خطوط التجارة الدولية، ومن جهة أخرى جوارها لمصادر الطاقة في الخليج، وهو ما يجعلها دولة ذات ثقل".
وعن دور بريطانيا في الأزمة اليمنية، فهو يعتقد أن دورها كان فاعلا ورئيسيا، واصفا إياه بالإيجابي والسلبي.
واستطرد:" لكن ما يمكن لفت النظر إليه، أنها من يعد قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، وهي قرارات إيجابية ومهنية، تلتزم بوحدة وسلامة الجمهورية اليمنية وسيادتها واستقلالها".
كما أوضح الكاتب " الغابري"، بعد قرار الشعب البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي، من المحتمل أن يزداد حجم الدور البريطاني في المنطقة العربية، لتحللها من الالتزامات لسياسة الاتحاد الأوروبي، وانفرادها بسياستها الخارجية.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن المملكة المتحدة، من الدول الفاعلة الرئيسة في العلاقات الدولية، وفي المنطقة العربية خاصة، بالنظر إلى خبرتها بالمنطقة، السابقة للخبرة الأمريكية.