[ مسلحون حوثيون - إرشيف ]
واصلت مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، عملياتها العسكرية في أكثر من محافظة، كان أبرزها سيطرتها يوم الإثنين 20 يونيو حزيران، على جبل الجالس، بمديرية القبيطة، والمطل على قاعدة العند الجوية في لحج، أكبر قاعدة عسكرية في اليمن، والتي تبعد 60 كيلو مترا عن العاصمة المؤقتة عدن، كما أنها تعد بوابة المدن المحررة في الجنوب، وتوصف كذلك أنها مفتاح لتحرير تعز.
وتزامن هذا، مع تصعيدها في محافظة تعز في أكثر من جبهة، واستمرار قصفها العشوائي على الأحياء السكنية، وكذا استهدافها لمديرية الحزم بمحافظة الجوف، بالصواريخ، طيلة الأيام الستة الماضية، فضلا عن تصعيدها المستمر في جبهة نهم، ومأرب، والبيضاء.
واللافت أيضا أن تنظيم القاعدة، الذي يعدّه مراقبون الذراع الأيمن للمخلوع صالح والحوثيين في بعض المدن، سيطر قبل أيام، على مدينة زنجبار وجعار، بعد انسحابه منها في وقت سابق، بناء على اتفاق تم التوصل إليه مع الحكومة.
مكاسب تفاوضية
وعن هذا التصعيد، الذي رفضته أطراف دولية وإقليمية ومحلية، وأكدت أنه يهدد بإفشال المشاورات المنعقدة حاليا في الكويت، قال الكاتب والإعلامي اليمني عبدالملك اليوسفي، إن المليشيا تهدف من وراء تصعيدها، إلى رفع كرت تفاوضي آخر في مشاورات الكويت، وهو تهديد الجنوب، وإعادة التوغل فيه.
وأكد في تصريحه لـ(الموقع بوست) أن "ذلك الأمر ليس مجرد استقراء، فهناك ما يساند مصداقيته في خطاب الإعلام الحربي، الذي أصبح الحشد الإعلامي لإعادة اقتحام الجنوب يحتل مساحة كبيرة في إعلامهم الحربي"، مبينا أن "هناك رغبة من قبل المليشيا، لإظهار تفوق ميداني للحصول على مكاسب تفاوضية، إذ ترافق التصعيد مع حملة إعلامية، أرادوا من خلالها التأكيد على أن وفد الشرعية المفاوض، ليس له تأثير على الأرض".
الخارطة وموقف الوفدين
تصعيد المليشيا الأخير، جاء قبل وبعد إعلان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، عن تصوره لخارطة حل الأزمة اليمنية، وهي الخارطة التي تتضمن إجراء الترتيبات الأمنية، التي ينص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2216 (لعام 2015)، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية، وإنعاش الاقتصاد اليمني.
وبحسب خبراء فإن الخارطة لم تقدم أي جديد، وأبقت على أبواب الصراع مفتوحة، كون الخلاف ما زال مرتكزا على تسلسل المراحل، مؤكدين أن ما قدمه ولد الشيخ هو تفريغ للقرار 2216، الذي يقول" ولد الشيخ" إن خارطته ترتكز عليه.
ولا ينص القرار 2216، على تقديم الحل السياسي وفقا لرؤية الحوثيين التي تبدأ بالحل السياسي، وهو ما يسعى" ولد الشيخ" لتمريره من خلال رؤيته، فالقرار يتضمن خمس نقاط، تبدأ بانسحاب مليشيا الحوثي وصالح من المدن، التي سيطروا عليها منذ أواخر عام 2014، وتسليم الأسلحة الثقيلة، واستعادة مؤسسات الدولة، ومعالجة ملف المحتجزين السياسيين والمختطفين والأسرى، والبحث في خطوات استئناف العملية السياسية.
موقف الوفد الحكومي تبلور في بيان صدر عنه، أكد فيه أنه لا يمكن الحديث عن أي ترتيبات سياسية، قبل تنفيذ الانسحاب الكامل للمليشيا، وتسليمها للأسلحة، واستعادة الحكومة الشرعية لمؤسسات وأجهزة الدولة.
فيما أعلن وفد الانقلابيين، تمسكهم بإعادة النظر في موضوع الرئاسة، على خلاف ما تمت مناقشته في مشاورات الكويت، كما اشترط الاتفاق على حكومة وحدة، وسلطة انتقالية، ولجنة أمنية وعسكرية، قبل تنفيذ الانسحاب من المدن، وحل ما يسمى" اللجنة الثورية"، وتسليم الأسلحة إلى الدولة.
تضليل الرأي العام
وفي هذا السياق، أوضح الكاتب عبدالوهاب العمراني في مقال له، أن الأمم المتحدة تناقض أدبياتها المتعلقة بالحالة اليمنية، فإجراءات الفصل السادس من الميثاق، حسب قوله، عنوانها حل النزاعات بالطرق السلمية بين أطراف النزاع، وتسعى الأمم المتحدة للتوفيق بين أطراف النزاع سلميا، ومن هنا يجعل المراقب في شك وريبة.
ولفت العمراني إلى أن "إحاطة ولد الشيخ توحي ومنذ بدء المفاوضات، أنها تسير بطرق التسوية السياسية السلمية، وفق الفصل السادس من الميثاق، وليس وفق الفصل السابع عقوبات، مؤكدا أن الأمم المتحدة تستغل ضبابية المشهد وجهل وتشويش الرأي العام، المتأثر بأعلام الأطراف المتصارعة، إضافة لحالة اليأس والقنوط التي عمت الشعب اليمني، الذي يعاني شظف العيش، ويكابد المعيشة ويقلق على مستقبلة على القبول بأي اتفاق".
كما حذر" العمراني" من جهل الرأي العام، الذي لا يدرك مخاطر التسوية التي قد تفرض من الأمم المتحدة، وعدّ ما يردد عن" الترتيبات الأمنية" هو مصطلح انقلابي بامتياز.
ووصف الخارطة السياسية، أنها نسخة لاتفاق السلم والشراكة، وكلاهما يخرجان من فوهة البندقية، بفرض أمر واقع، سواء قبل الحرب بسقوط صنعاء، أو اليوم بمحاولة شرعنة الانقلاب، بناء على مسوغات سلطة الأمر الواقع، بسياسة الاستقواء والغلبة".
مستقبل الإحاطة
لم يتغير الأمر كثيرا، بعد تقديم المبعوث الأممي ولد الشيخ لإحاطته إلى مجلس الأمن، التي لم تُقَدَّم رسميا، وما تزال التكهنات تدور حولها.
وعدّ الصحافي والناشط السياسي وضاح اليمن عبدالقادر إحاطة "ولد الشيخ، بمثابة "إعلان فشل مشاورات الكويت"، وهو ما يؤكد ضرورة العودة للحسم العسكري؛ لإنهاء أطماع إيران ومشروعها التوسعي في اليمن والخليج، حد قوله.
وأضاف في تصريح خاص لـ( الموقع بوست): "ولد الشيخ حاول أن ينقذ مشواره المهني كمبعوث أممي مع اقتراب نهاية فترة تولي بان كي مون لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، وهو ما يجعل مشواره كمبعوث أممي على المحك"، لافتا إلى هناك تناقضات في الإحاطة، حاول من خلالها ولد الشيخ أن يشرعن لبقائه، وهو يدرك جيدا أنه فشل فشلا ذريعا حتى في تسمية الأمور.
وقال الكاتب عبدالقادر إن "تشكيل حكومة وطنية، يمثل قفزا على تراتبية القرار الأممي، وإعادة شرعنة الانقلاب".
بدوره توقع مصدر في مفاوضات الكويت في تصريح لـ(الموقع بوست) فشل الرؤية، والخارطة، التي قدمها "ولد الشيخ" في إحاطته لمجلس الأمن، نتيجة لتمسك المليشيا برؤيتها، التي لا تتواءم مع بنود القرار 2216.
ولفت المصدر إلى أنه "من الممكن أن يتم فرض تلك الرؤية عن طريق قرار جديد، سيصدر من الأمم المتحدة، ما لم يتمسك الوفد الحكومي بموقفه، ويدعمه بتحركاته على الأرض".
كما أكد أن المقاومة الشعبية هي الحل الوحيد لإنقاذ اليمن، وهو ما يتفق معه العديد من المراقبين، الذين يؤكدوا أن مستقبل أي قرار أممي لن ينفذ، كون الأمم المتحدة لا تعمل على حل الأزمات من جذورها بالنسبة لأزمة اليمن، فتبقي على الحرب مشتعلة، حسب قوله.
إلى ذلك قال القيادي الميداني بالجيش الوطني العميد عنتر الذيفاني، في تصريحات صحفية، إن المقاومة الشعبية والجيش الوطني سيكونون جاهزين لحسم معركة صنعاء، بعد إعطائهم التوجيهات السياسية لانطلاق ساعة الصفر.
في حين أكدت مصادر عسكرية لـ(الموقع بوست)، وصول تعزيزات عسكرية ضخمة، من التحالف العربي، إلى محافظة مأرب، طيلة الفترة الماضية، ما يعني أن خيار الحسم العسكري، بات حاضرا بقوة، كلما فشل المتحاورون في الكويت، في تحقيق تقدم على المسار التفاوضي.