خلفت الحرب التي تشهدها مديرية المسراخ، بمحافظة تعز، صورا متعددة للمعاناة في أوساط الآلاف من سكان المديرية، وخصوصا أولئك الذين نزحوا فرارا من تلك المعارك.
وضع مأساوي وكارثة إنسانية توشك المسراخ على الانزلاق فيها، في حال استمر الوضع كما هو عليه، وخصوصا في ريف المسراخ، والمناطق التي تشهد القصف والدمار.
قتل، تدمير منازل، قصف عشوائي، انعدام أساسيات الحياة، انقطاع الكهرباء، نفاد المشتقات النفطية، نفاد مخزون الأدوية، نقاط تفتيش في مداخل المديرية ومخارجها قبل أن تتحرر، طرقات مقطوعة، عدم وصول المعونات الإنسانية، موجات نزوح جماعي، بهذه العناوين العريضة المزدحمة بالمآسي، التي تحاصر حياتهم اليومية، عاش سكان مديرية المسراخ، بتعز، جنوب اليمن، أيام الحرب الدامية، هذا العام.
مأساة النازحين
تكمن الكارثة في قضية النازحين، الذين يعيشون الخوف، والجوع، والحصار، والتشريد، وهم عاجزون عن الخروج من ثقل الوقائع المأساوية، التي باتت النتيجة الوحيدة لهذه الحرب الدائرة بين قوات الجيش المتمردة على الحكومة اليمنية، الموالي للمخلوع علي عبدالله صالح، بالتحالف مع ميليشيات الحوثي من جانب، وبين المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني المساندة للشرعية المتمثلة بالرئيس/عبدربه منصور هادي وحكومته من جانب آخر.
اشتدت وتيرة الحرب في المسراخ لتطال الأبرياء في المنازل ولتطال القرى والعزل أيضاً، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني، حيث خلفت الحرب في المسراخ، وعزلة الاقروض أيضاً ضحايا من المدنيين اضطرتهم للنزوح تحت وطأة القصف العشوائي الذي يطالهم ويطال منازلهم من قبل ميليشيات الحوثي وصالح.
موجة نزوح كبيرة قُدرت بـ70% من أهالي المسراخ، حيث يعاني أولئك النازحون أزمات متنوعة، أبرزها الجوع والمخافة، والبرد القارس.
الألغام
معاناة كبيرة أثقلت كاهل النازحين، سواءً عند نزوحهم أو حتى عند رجوعهم بعد تحرير مديرية المسراخ، فعلى سبيل المثال أسرة من الأسر التي أرادت أن تنزح من المسراخ خرجت بكامل عدتها بسيارة، ليحصد ارواحهم لغم كانت قد زرعته ميليشيات الحوثي وصالح.
وحتى بعد تحرير المديرية لا تزال الألغام تحصد أرواح من عاد من النازحين إلى منازلهم.
موجة النزوح الكبيرة كانت لمنطقة الأقروض النصيب الأكبر، لأن هذه العزلة تعتبر ثلث مديرية المسراخ مساحة وسكاناً، حيث نزح السكان إلى المناطق القريبة والبعيدة، وكذا إلى دمنة خدير والحوبان والنشمة وإلى المحافظات القريبة، كمحافظة إب، وذمار وغيرها.
لكن المعاناة كانت قدرهم، إذ لا مساعدات إنسانية وصلتهم ولا معونات، وهذا ما ضاعف معاناتهم.
ولم يجد البعض منهم مساكن عدى المدارس وساحاتها، ليلتهمهم البرد القارس، فيكونوا بمعاناتهم قد دفعوا ثمن بيعة مديريتهم من قبل العملاء والمتحوثين للميليشيات التي لم يشاركوا فيها أصلاً.
النازحين في عزلة الاقروض، إحدى عزل المسراخ، يطالهم الحصار الخانق، المفروض من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، الأمر الذي يهدد بوضع كارثي قد يعصف بالمنطقة برمتها.
الميليشيات تفرض الحصار على عزلة الاقروض من جهة طريق دمنة خدير، بالمسراخ، بعد تحرير الجيش الوطني والمقاومة الشعبية للمديرية، حيث تمنع عليهم مواد الإغاثة والمواد الغذائية أيضاً، وهو ما دفع النازحين إلى مناشدة منظمات الإغاثة والمنظمات الانسانية لإغاثتهم قبل أن تتفاقم الأمور وتتحول الى مجاعة نتيجة الحصار الذي تفرضه الميليشيات.
ويعيش أبناء المسراخ، سواء النازحين منهم أو من تبقى في منازلهم وقراهم، الخوف والعزلة، والحصار، فهم إما في معاقلهم الجبلية بدون سلاح، أو نازحين في الأرياف والمناطق الأخرى، دون طعام أو دواء، إلا أن النازحين يتميزون في أنهم نجو من حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها ميليشيات الحوثي وصالح.
لا مساعدات
ويحدث ذلك في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن تقاطر المساعدات الإنسانية إلى اليمن، فضلاً عن تصريح المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة بوقتٍ سابق عن وصول المساعدات الاغاثية الإنسانية، بإشراف أممي عبر برنامج الغذاء العالمي، مشيراً إلى استفادة نصف المحتاجين في اليمن.
لكن واقع النازحين والمحتاجين لا يطابق التصريحات الرسمية المختلفة، إذ حذّر المواطنون من تفاقم الوضع الإنساني في عزلة الاقروض-المسراخ مؤكدين أن الأوضاع هناك اقتربت من الكارثة.
يستمر الحصار على المسراخ لتستمر معاناة النازحين في الحصول على المساعدات والإغاثات والخدمات وابسط مقومات الحياة، في الوقت الذي أكد ناشطون ومهتمون بالشأن الإنساني أن استمرار محاصرة وتضييق الخناق على النازحين من قبل المليشيات، هي بمثابة جريمة حرب لا تسقط بالتقادم.