[ ظروف صعبة يعيشها النازخين في المخيمات بتعز - الموقع بوست ]
"في السابق كنتُ ميسور الحال، أعول أسرتي، كنَّا مستورين في منزلنا، لكن الأوضاع التي خلفتها الحرب أكلت الأخضر واليابس، ما أدى إلى بتر يدي اليمنى، أثر انفجار لغم أرضي وإصابات أخرى في قدمي الأيمن".
بهذه المفردات يتحدث أحمد سفيان، البالغ من العمر 55 عامًا، قصة أسرة كانت تعيش حالة من الاستقرار، وبفعل الحرب تحولت حياتها إلى نزوح وتشرد وإعاقة يرثي لها القلب، الأمر الذي جعلها تلجأ إلى السكن ضمن مخيمات النازحين، الواقعة في الجهة الغربية من مدينة تعز.
يشكو أحمد في حديثة لـ "الموقع بوست" قائلا: "نعاني في المخيمات من صعوبة العيش أنا طريح الفراش، ليس لي سوى زوجتي تعولني، كل يوم تقوم بالبحث والسعي لتوفير قوت يومنا، المعونات الإغاثية انقطعت، والخيمة التي نسكن فيها لم تعد صالحة للعيش خصوصًا مع مواسم الأمطار".
وأضاف: "مياه الأمطار تتسرب من كل مكان أثناء تساقط المطر، وتبتل ملابسنا وأغراضنا، ولا نجد مكانًا ننام فيه، وجميع الأسر النازحة تعاني من تساقط الأمطار، وهم عاجزون عن وضع حلول لتسرب المياه إلى المخيمات، التي تعتبر مهترئة وممزقة لا تقيهم من تساقط الأمطار ولا حرارة الشمس".
معاناة النزوح
الحاج أحمد، واحد من مئات النازحين الذين يسكنون مخيمات الكدحة والبيرين، جنوب غربي تعز، ويعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة، ويعانون من فقدان الرعاية الصحية والخدمات الأساسية وانقطاع المساعدات الإغاثية من جهة أخرى.
بحسب احصائيات حديثة، فهناك 2000 أسرة، تعيش ضمن مخيمات منطقة الكدحة، ومخيم الحجب، ومخيم الملكة، ومخيم جبل زيد، بالإضافة إلى مخيم النخيع، ومخيم المنيف، ومخيم البيرين، وجميعهم يشكون الفقر والجوع، ويعانون من سوء حالتهم المادية والمعيشية، فضلًا عن افتقارهم للاحتياجات اليومية، الأمر الذي يجعلهم أمام معركة مع الموت جوعًا.
" الموقع بوست " زار هذه المخيمات لرصد واقع النزوح، وتحدث مع الأهالي المقيمين في المخيمات، والذين يعيشون معاناة تتفاقم مع سقوط الأمطار، حيث يفترسهم البرد وصقيع المياه الراكدة، ما يسبب لهم العديد من الأمراض والالتهابات خصوصًا الأطفال والنساء.
ظروف صعبة
وبصوت شاحب ولغة متلعثمة، يقول محمد علي، لـ "الموقع بوست": "أجبرتنا الحرب والظروف على العيش في خيام لا تقينا برودة الشتاء، ولا حرارة الصيف، ويزداد الأمر سوءًا مع تساقط الأمطار، وتسربها إلى المخيمات".
ويتابع: "تسببت حرب جماعة الحوثي بتهجيرنا من منازلنا، ولجأنا جراء ذلك إلى أكواخ من الخيام، تفتقر لوسائل تصريف مياه الأمطار، ولتدفئة، ونعيش كارثة حقيقية مع عوائلنا وأطفالنا، في حال استمر عدم التدخل لإنقاذنا.
هكذا تبدو معاناة النازحين الوافدين من محافظة الحديدة "غربي اليمن"، والتي هجرتهم الحرب، ودمرت منازلهم ممتلكاتهم في العام2016، الأمر الذي جعلهم يتخذون من هذه المخيمات المهترئة مأوى لهم.
إقراء أيضا: أسامة الأسدي.. قصة نجم رياضي صاعد في تعز رغم الحرب والحصار
الأمطار كارثة إضافية
من جانبه، يقول توفيق أحد النازحين من الحديدة: لـ " الموقع بوست" المخيمات التي نسكنها أصبحت غير صالحة للسكن، وخصوصًا مع تساقط الأمطار الغزيرة، فـ "الخيم لا تحجب علينا المياه التي تتسرب إلى الداخل، وفوق رؤوسنا وأولادنا".
وأضاف: "المعاناة تتفاقم يومًا بعد آخر، في ظل غياب الخدمات الأساسية، وانقطاع المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات".
مأساة متفاقمة
تزداد أعداد النازحين، ومعاناة الجوع تتفاقم عام بعد عام، وحالة النازحين تسوء أكثر فأكثر، بسبب الصراعات المسلحة، وما نتج عنها من تبعات اقتصادية وأمنية وديموغرافية، اكتوى بنارها فئة كبيرة الشعب اليمني، وجدت نفسها مجبرة على النزوح والتشرد المستمر.
يقول عبدالفتاح سالم، نازح لـ"الموقع بوست": نعاني بشكل كبير في الحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء، وفوق ذلك نعاني من سقوط الأمطار، فكلما اشتد هطولها تتسرب المياه من جوانب المخيمات ومن الأسطح، ما يلحق بنا الضرر وبملابسنا، وأغراضنا، ويؤثر على صحة أطفالنا الذين ينامون على الأرض بفرش مبلولة، ويؤدي هذا إلى إصابة الكثير منهم بالأمراض والحميَّات، ونعجز عن توفير العلاج الملائم لهم عند المرض".
كارثة وشيكة
ماجد التاج وهو أحد النازحين يشير في حديثه لـ "الموقع بوست" إلى وقوع كارثة إنسانية متوقعة بالمخيم، بسبب قلة الدعم، وانقطاع المساعدات الإغاثية، معتبرا ذلك يشكل منعطفًا خطيرًا على حياتهم، خصوصًا في ظل الظروف الراهنة لليمن، كتدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع الأسعار.
وأضاف: "لا نستطيع توفير وجبة إفطار كافية لأبنائنا، ناهيك عن الأمراض المنتشرة جراء الأمطار والحمِّيات التي نقف عاجزين أمام توفيرها، الأمر الذي يجعلنا نتمنى لو أننا متنا بالقصف أهون علينا من أن نعيش هذه الحياة التي أهانت كرامتنا أمام كل منزل".
مساعدات مبتورة
يناشد هؤلاء البسطاء المنظمات الإنسانية والإغاثية، إضافة إلى الجهات الحكومية، لعمل حلول عاجلة لمعاناة النازحين في مخيمات تعز، مؤكدين أنهم يعيشون مجاعة حقيقية، ويفتقرون للمواد الغذائية والإيوائية التي قد تساعدهم على البقاء قيد الحياة.
وفي هذا السياق، يقول هاشم السوائي مندوب النازحين في منطقة الكدحة لـ "الموقع بوست" إن النازحين يعيشون ظروفا مأساوية، وصعبة جدًا، وتستمر معاناتهم وسط انقطاع المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أن مئات الأسر تعاني الفقر والجوع.
وأضاف السوائي: "هناك 250 أسرة متضررة في مخيمات البيرين، ومخيمات أخرى، كذلك التوافد الكبير من النازحين خلال الفترة الماضية، بما يقارب 350 أسرة من منطقة الطوير، وحمير، بالإضافة إلى استحداث مخيمات جديدة، ومنها مخيم المنيف، ومخيمات أخرى، نتيجة الصراعات مع جماعة الحوثي، وقصفها العشوائي للأحياء السكنية.
مضايقات الأهالي
وأوضح السوائي أن سبب انقطاع المساعدات عن مخيمات النازحين في البيرين والمناطق المجاورة، تقف خلفه مضايقات أهالي المنطقة الذين يستخدمون عملية الضغط والمضايقة المستمرة على النازحين، وإرغامهم بالخروج من المكان، باعتبار أن الأرض تعود ملكيتها لأهالي المنطقة، ويستخدمون عملية ضغط على المنظمات الإغاثية، ويمنعون وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين، في محاولة للتضييق عليهم.