[ أطفال تضرروا جراء الحرب في اليمن - إرشيف ]
تتفاقم معاناة اليمنيين، جراء الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي والمخلوع، منذ أكثر من عام، على المدن اليمنية، في ظل ارتفاع محموم لأسعار السلع الغذائية، وانقطاع تام للتيار الكهربائي. فمن ينجو من نار الحرب، تتلقفه ظروف قاهرة، تحيل حياته إلى جحيم.
وتجتاح المدن اليمنية موجات حر شديدة مع حلول فصل الصيف، وفي ظل غياب تام للكهرباء منذ انقلاب الحوثيين على الدولة قبل أكثر من عام. وتتضاعف معاناة أبناء المدن الساحلية بدرجة لا تطاق، حيث تزيد درجة الحرارة عن 40 درجة مئوية، الأمر الذي جعل الحياة أكثر تعقيدا.
وقد أطلق ناشطون يمنيون "هاشتاج" على مواقع التواصل الاجتماعي، تضامنا مع مدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمن. ويحوي الهاشتاج، الذي يحمل عنوان ( #الحديدة_مدينة_منكوبة ) مناشدات وتغريدات متصلة، تدعو إلى إنقاذ هذه المدينة عبر إيصال التيار الكهربائي. وتظهر صورا نشرها ناشطون، أطفالا ومسنين، ينامون في العراء، وقد بدا على أجسادهم طفح جلدي جراء الحرارة المرتفعة. ويقول الناشطون إن تنكُّر الانقلابيين، الحكام الفعليين للحديدة، عن توليد الكهرباء للمدينة، لا يعني أن تقف الحكومة الشرعية، المدعومة بالتحالف العربي، مكتوفة الأيدي، بحيث بالإمكان الضغط على الأمم المتحدة لإيصال شحنات الوقود، وإلزام المتمردين على توليد الكهرباء للمدينة المنكوبة.
تزداد الأوضاع المعيشية سوءا في اليمن، مع حلول شهر رمضان (المبارك)، حيث تزداد المتطلبات، سواء من الأغذية أو الملبوسات وحاجيات العيد. يأتي هذا الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية وغيرها، بعد انهيار فجائي للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، والذي تسبب به نفاد الاحتياطبي النقدي للبنك المركزي اليمني، جراء صرفه من قبل الانقلابيين.
وتعاني مدينة تعز، فضلا عن ذلك، حصارا مُطبقا تفرضه المليشيات منذ أشهر، الأمر الذي فاقم معاناتهم على نطاق أوسع. حيث تمنع مليشيات الحوثي والمخلوع، تمنع دخول السلع الغذائية والأدوية عن أبناء المدينة. ويعيش أبناء تعز على المعونات التي تجود بها المنظمات، وإن وجدت السلع الأساسية فبأسعار خيالية يعجز المواطن عن دفعها.
وإمعانا في التضييق على سكان المدينة، الذين رفضوا النزوح، شددت قوات الانقلابيين على دخول البنزين إلى تعز. فقد وصل سعر البترول (20 لتر) إلى عشرين ألف ريال، الأمر الذي ضاعف أسعار رغيف الخبز والسلع الغذائية المتواجدة. كما أطلقت مليشيات الحوثي والمخلوع قذائف صاروخية، استهدفت الأسواق الموسمية للشهر الكريم، والشوارع الأكثر اكتظاظا بالسكان، والأمر الذي اعتبره مراقبون كرسائل واضحة لاستهداف الحاضنة الشعبية للمقاومة، والتشفي منهم. أضف إلى ذلك تسريح العديد من موظفي المدينة عن أعمالهم، وقطع الرواتب الحكومية لبعضهم، وخصم رواتب البعض الآخر، تحت مبررات واهية.
أمراض جلدية غريبة في الحديدة
"باختصار نحن موتى على قيد الحياة." يقول "محمد الشميري" دكتور صيدلاني من الحديدة. ويضيف "الشميري" في حديث لـ(الموقع بوست): "درجة الحرارة تصل إلى 42 درجة، المرضى يموتون، خصوصا مرضى الفشل الكلوي والحروق، كبار السن والمصابون بالربو".
وتابع: "أمراض جلدية مخيفة ظهرت لم نراها من قبل. شاهدت بعض من يستخدمون الدراجات النارية يسقطون فجأة نتيجة شدة الحرارة، للعلم إيقاف الخط الساخن عن المستشفيات ومراكز الغسيل الكلوي يسبب الموت المحقق".
و حول احتياجات المدينة في الوقت الراهن للتخفيف من معاناة الأهالي، استطرد "د. محمد" : "نحتاج إلى سرعة تشغيل المولدات التي تعمل بالديزل وتغطي 45% من احتياج المدينة بدلا من التحجج بالمازوت كحل إسعافي".
في تعز معاناة مضاعفة
أبناء تعز المحاصرة يعانون، بالإضافة إلى الحرب، ويلات الحصار وغلاء المعيشة. وقال "أحمد البكاري" صحفي من تعز: تعاني تعز من شحة المواد الغذائية نتيجة الحرب والحصار المفروض عليها من قبل مليشيا المخلوع والحوثي، ومع حلول شهر رمضان المبارك، شددت الميليشيات من حصارها على المدينة، وبالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب تراجع صرف الريال، وهو ماضاعف من نسبة المجاعة إلى حد كبير ومخيف.
وأضاف "البكاري" في تصريح لـ(الموقع بوست): "يعاني المواطن من مصروفه اليومي، الذي بالكاد يسد به رمق أسرته، إن لم يحصل على معونات عاجلة. ذلك ما لاحظته عند الكثير من المواطنيين وسط المدينة".
وتابع: "حقيقة هناك أسر لم تجد مصروفها لشراء احتياجات شهر رمضان الأساسية، نتيجة ارتفاع الأسعار واستغلال بعض التجار للوضع القائم. ماهو متوفر بنسبة ما، مقارنة بالشهور الماضية، هو توفر سلع الخضروات، لكنها هي الأخرى تشهد حاليا ارتفاعا بسبب منع المشتقات النفطية، والتي يتم نقلها عبر طريق طالوق الوعرة بجبل صبر الى الميدنة المحاصرة".
وأردف: "هناك معاناة إنسانية حقيقية صعبة للغاية، يعيشها أبناء تعز، سواء في المدينة أو في الريف، ناجمة عن حرب الميليشيات منذ أكثر من سنة، وهذا ما لم تشهده مدن أخرى على الإطلاق".