[ من فعاليات إحياء الذكرى الخامسة لمحرقة ساحة الحرية بتعز - إرشيف ]
خمسة أعوام مرت على محرقة ساحة الحرية بتعز، تلك المجزرة التي أبكت المدينة، وغيمت سماها بأدخنة الحقد الاسود، حتى عدت الحدث الأبرز في الثورة الشبابية السلمية.
ففي التاسع والعشرين من مايو 2011م كان الموت يعد أصابعه، ويحصي كماً من الأرواح، التي استطاع ان يحصدها خلال ساعات من اقتحام ساحة الحرية بمحافظة تعز.
كانت أدوات الشيطان على مداخل الساحة تستعد لإحراقها، وفي سطح مبنى مديرية القاهرة بلاطجة تحمل الزناد في بطون الأسلحة، وتحمل معها شرها المستطير، وفي ساعات متأخرة من الليل يأتي النقيض على فوهات المدفعية والجرافات بمداهمة ساحة الحرية، ولتتصاعد منها رائحة الموت المغشاة بفروسية الشباب الذين واجهوا ألآت الموت الحاقدة لإخماد ثورة تعز.
عشرات من الشهداء ودعوا ساحتهم في ذلك اليوم، بعد ان سطروا اروع الملاحم البطولية، في سبيل التحرر من الكهنوتية البغيضة، في مدينة انتفضت بشبابها في وقت مبكر.
ومع حلول هذا الذكرى، يعيد (الموقع بوست) التذكير بهذه الجريمة، وأبرز ضحاياها من الشباب الذين جسدوا بطولات ثورية خالدة، وشاهدا على جرائم قوات المخلوع علي عبد الله صالح.
الحلقة الثالثة
الشهيد فاروق محمد سعيد
الشهيد فاروق محمد سعيد أحمد، من أبناء منطقة مشرعه وحدنان، فيها تربى، وأطلق صرخته الأولى، حصل على دبلوم فني إدارة، تنمية تخصص محاسبة في المعهد الوطني للعلوم الإدارية بتعز.
وما إن أشرقت شمس الثورة الشعبية السلمية، في العام 2011، حتى كان فاروق من أول المنطلقين، إلى ساحة الحرية بتعز، ليسهم مع الجموع في المطالبة بالتغيير، وليصلح هذا الشاب ما أفسده النظام الشائخ.
وفي يوم الأحد، الموافق 29 مايو 2011، وتحديدا في تلك الليلة الدامية، تربص أزلام النظام الإجرامي، نظام المخلوع صالح، للمعتصمين، وزرعوا لهم الغدر في الأزقة، وعلى أسطح البنايات المجاورة، والكمائن في الطرقات، تمهيدا لاقتحام تلك الساحة التي امتلأت بالأروح التواقة للحرية.
وما هي إلا دقائق، حتى بدأت المعركة بين زبانية المخلوع، وبين مصابيح الحرية، في ساحة الحرية، حيث قامت مجاميع من عناصر الأمن والجيش الموالين للمخلوع، بمهاجمة الساحة، وقتل كل شيء يتحرك فيها، وإحراقها في جريمة لم تشهد لها تعز مثيل منذ الأزل.
كان الشاب فاروق في قلب الحدث، والأوغاد يحصدون أرواح الشباب، ثم جاء دوره، ليرقى إلى مقام الشهداء، حيث اختطفت روحه رصاصة غدر، اخترقت بطنه، لتتركه إلى جانب العشرات من رفاقه موتى، في سبيل الحرية والكرامة.
جمال عبده سعيد أحمد إبن عم الشهيد، قال في ذكرى محرقة الحرية: "نتذكر من فعل هذه الجريمة ونطالب بمحاكمتهم على ما اقترفته أيديهم، كما نطالب الثوار أن يواصلوا مسيرتهم حتى تحقيق الأهداف التي خرجوا من أجلها".
الشهيد نزيه المقطري
الشهيد نزيه عبد المعين المقطري، ولد في قرية المنزل مديرية المقاطرة عام 1975م، ومن ثم أنتقل إلى تعز درس الابتدائية في مدرسة النهضة، والإعدادية والثانوية في مدرسة الشعب، وبعد ذلك واصل تعليمه في جامعة تعز قسم محاسبة.
متزوج ولديه 3 أبناء وبنت عمل مراجع حسابات في مجموعة شركة هايل سعيد أنعم ثم في مؤسسة التواصل للتنمية.
كان الشهيد نزيه المقطري، يحمل في يمينه شمسا و36 ورده من باقة عمرة المديد، أراد المقطري أن يكون المستقبل زاهرا للجميع، وهذا ما دفعه لمساندة الثورة منذ انطلاقتها، فكان في لجنة النظام والتغذية، بساحة الحرية بتعز، كما أنه كان ناشطا ومساعدا وبطلا ومقداما.
أصابته رصاصة قاتلة، من بندقية أحد قناصة المخلوع، ليلة المحرقة، في 29 مايو، حيث أصابت الرصاصة قلبه التواق للحرية والكرامة، فارتقى شهيدا.
والد الشهيد نزيه، اختلطت مشاعر الفرح بالحزن، بالفخر، وهو يحدثنا عن ولده الشهيد، ساردا تفاصيل لحظة علمه وبقية أفراد الأسرة، بنبأ استشهاد نزيه، وهي اللحظة التي ساد الصمت، حتى كأن الموت، قد ألقى سدوله على كل شيء، حينما فاضت روح نزيه إلى بارئها.
يتبع..