عاد الحديث مجددا، عن التواجد الأمريكي في اليمن، بعد إعلان وزارة الدفاع الأمريكية، (البنتاجون)، عن إرسال فريق محدود من القوات الخاصة إلى اليمن، لتقديم المساعدة والمشورة، للحملة التي تخوضها قوات تابعة للتحالف، بإشراف إماراتي، إلى جانب قوات الجيش اليمني، ضد التنظيمات والعناصر الإرهابية في حضرموت، ومحافظات أخرى، والتي بدأت بداية النصف الثاني من شهر إبريل المنصرم.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، على لسان المتحدث باسمها، جيف ديفيز، أن الجيش الأمريكي، أرسل "عدد صغير للغاية" لتقديم المساعدة المعلوماتية، في العمليات العسكرية التي تخوضها قوات الجيش اليمني، إلى جانب قوات إماراتية وأخرى من التحالف ضد التنظيمات الإرهابية، لافتا إلى أن الحملة حققت نجاحا في دحر عناصر القاعدة من مدينة المكلا.
وأشار ديفيز، في بيان صحفي، أدلى به يوم الجمعة، الموافق 6 مايو/ أيار الجاري، إلى أن الجيش الأمريكي قدم حتى الآن مساعدات من الدعم بالمعلومات والاستشارات والمساعدة في التخطيط للعمليات إلى المساعدة الطبية وإعادة التزود بالوقود في الجو، وخصصت أيضا عتادا للمساعدة في مجال الاستطلاع والمراقبة من الجو لدعم عمليات التحالف العربي ضد قوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وحلفائه الحوثيين.
المتحدث باسم البنتاجون، قال إن عدد المقاتلين الأمريكيين، صغير جدا، وأنهم وصلوا على مدى الأسبوعين الماضيين، أي خلال شهر إبريل المنصرم.
وحينها، أشار مسؤولون أمريكيون، إلى أن وصول قوات عمليات خاصة أمريكية إلى اليمن، يعكس الاستعداد المتزايد لدى واشنطن للعودة للتواجد على الأرض، بعد مغادرة قرابة 100 جندي، قاعدة العند، في مارس من العام 2015، إثر احتدام الحرب بين قوات الشرعية، الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وبين المتمردين الحوثيين، وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح.
طلب إماراتي
وقبل التأكيد الأمريكي حول إرسال عناصر إلى اليمن، كانت الإمارات قد تقدمت بطلب من الحكومة الأمريكية، بتقديم دعم عسكري، للمساعدة في العمليات العسكرية التي شاركت وأشرفت عليها الإمارات لاحقا، ضد تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت، وهي الحملة التي امتدت إلى لحج، وأبين وشبوة، وعدن.
مسؤولون أمريكيون، أكدوا منتصف إبريل، أن واشنطن تدرس طلبا إماراتيا، بمساعدات أمريكية، في مجال الدعم الجوي والمخابراتي واللوجستي، إضافة إلى المساعدة في عمليات الإجلاء الطبي.
الوجود العسكري الأمريكي
بدأ التعاون الأمريكي مع الحكومة الأمريكية، في الجانب العسكري، ضمن الحرب العالمية على الإرهاب، والتي بدأت عقب أحداث 11 سبتمبر، حيث تشير المصادر، إلى أن الوجود الأمريكي في اليمن، يعود إلى ما بعد 11 سبتمبر، وبشكل أكثر فاعلية، عقب تفجير المدمرة الأمريكية، USS Cole، في عدن، 12 أكتوبر 2000.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام غربية وأمريكية، أن عدد من عملاء المخابرات الأمريكية، يعملون في اليمن، منذ الفترة التي أعقبت تفجير المدمرة Cole، حيث تشير تلك الوسائل إلا أن عملاء أمريكيون، ربما نفذوا عملية تصفية شخص يدعى، قائد سنان الحارثي عام 2002.
وخلال الفترة التي أعقبت 2001، أخذ التعاون العسكري، بين اليمن وأمريكا، يتطور، ويتوسع، ليشمل، وجود قوات خاصة على الأرض، حيث أشيع حينها أنها تقوم بتدريب القوات اليمنية، في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أن هناك من يرجح أنها كانت تقوم بمهام أخرى، غير التدريب وتقديم الاستشارة.
كما رفعت أمريكا، من سقف دعمها العسكري واللوجستي لليمن، ليشمل، تقديم المعدات والأسلحة، والتدريب والمشورة، إلى جانب، تقديم منح مالية ضخمة تجاوزت 400 مليون دولار، لدعم الحكومة اليمنية في حربها ضد تنظيم القاعدة، منذ عام 2006 وحتى ما قبل اندلاع ثورة الشباب الشعبية السلمية في فبراير 2011.
وخلال الفترة التي أعقبت ثورة الشباب، 11 فبراير، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن إجمالي المساعدات المقدمة من الحكومة الأمريكية لليمن منذ بداية العملية الانتقالية في نوفمبر 2011، تجاوزت مبلغ 630 مليون دولار.
الوجود على الأرض
في منتصف شهر سبتمبر 2012، أعلن السفير الأمريكي السابق، جيرالد فايرستاين، عن وصول مجموعة صغيرة من قوات المارينز الأمريكية، في صنعاء، بناء على مباحثات تمت مع الحكومة اليمنية.
ولفت في بيان نشرته السفارة الأمريكية بصنعاء، إلى أن عدد قليل من القوات الأمنية الإضافية، وبشكلٍ مؤقت على المساعدة في جهود الأمن وإعادة الوضع إلى طبيعته في سفارة الولايات المتحدة بصنعاء، لافتا إلى أنها تعمل وفقا للقانون الدولي.
حينها أشار باحثون إلى أن عدد الجنود الأمريكيون من قوات المارينز، يتراوح بين 150 إلى 210 جندي.
مغادرة القوات الأمريكية
أغلقت واشنطن، في النصف الثاني من شهر مارس، 2015، سفارتها في صنعاء، وقامت بإجلاء كامل رعاياها من اليمن، بعد تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية في اليمن، إثر سيطرة المتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح، على العاصمة صنعاء، واستمرار مضايقتهم للمسؤولين اليمنيين، وفي المقدمة رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، وكذا رئيس الحكومة وأعضائها.
كما أعلنت واشنطن سحب جنودها من قاعدة العند الجوية، الواقعة بمحافظة لحج، جنوب البلاد، قبل أيام قليلة من انطلاق عملية عاصفة الحزم، التي تقودها المملكة العربية السعودية، ضد انقلاب الحوثيين وقوات المخلوع على الشرعية.
الوجود الأمريكي لم يتوقف
وبالرغم من مزاعم الحديث عن مغادرة عناصر الجيش والقوات الخاصة الأمريكيين اليمن، في مارس 2015، إلا أن حوادث لاحقة، أكدت أنه كان لا يزال هناك عدد من عناصر الجيش الأمريكي في اليمن.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر غربية، أن كتيبة صغيرة من القوات الأمريكية، لا تزال متواجدة على الأرض في اليمن، في مهمات لم يعلن عنها ولم يتم الكشف عن طبيعتها.
في حين أعلن أكثر من مرة، عن تسلّم واشنطن من الحوثيين، أشخاص أمريكيين، كانوا محتجزين لدى سلطات الحوثي، في صنعاء، بعد وساطة عمانية، إحدى تلك العمليات، تسليم مواطن أمريكي، مصاب، لسلطنة عمان، تمهيدا لتسليمه لواشنطن.
ولم تكشف واشنطن أو سلطة الحوثيين، عن طبيعة الأشخاص الأمريكيين الذين تم احتجازهم، إلا أن مصادر أمريكية، أشارت بخصوص أحد المعتقلين، إلى أنه يعمل في فريق الدعم والاتصال، والإمداد اللوجستي، وهذه التفاصيل تشير لهويته العسكرية.
"صالح" والدعم الأمريكي
مؤخرا، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريرا، مفصلا حول الدعم العسكري الأمريكي لليمن، مشيرة إلى أن واشنطن قررت وقف مساعداتها المالية، لليمن، في عام 2005، عقب النجاحات التي حققتها بمساعدة بريطانيا، في القضاء على معسكرات وكذا قيادات من القاعدة في اليمن، خلال الفترة من 2001 وحتى 2005، حيث قررت واشنطن التوجه نحو دعم الجانب الديمقراطي في هذا البلد الفقير.
وبحسب المجلة، فقد أبدى الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح حينها، انزعاجه الشديد من هذا القرار، كونه يحرمه ملايين الدولارات، مشيرة إلى أنه عقب ذلك، حدث أن فرّ 23 من كبار قادة القاعدة من أحد سجون صنعاء، في حادثة لا يزال الغموض يلفها، علما بأنه عقب هذه الحادثة، أصبح الدعم الغربي لليمن، ضرورة ملحة، حيث قامت واشنطن حينها بإعادة تقديم المساعدات النقدية لحليفها "المخلوع صالح"، وليس لمحاربة القاعدة.
مجلة فورين بوليسي، نقلت عن السفير الأمريكي الأسبق، ستيفثن سيش، أن أسلوب المخلوع صالح، وطريقته الاستثنائية في التلاعب بالأمور، أقنعت كبار مسئولي المخابرات المركزية الأمريكية، ووزارة الدفاع، بأنه يجب تقديم مزيد من المساعدات العسكرية لليمن.
المجلة، نقلت عن مسؤول عسكري أمريكي، أنه ونتيجة عجز أمريكا عن فهم الرئيس المخلوع صالح، اضطرت القوات الأمريكية، إلى تنفيذ عملياتها العسكرية في اليمن ضد القاعدة بنفسها، في حين كان نظام صالح يعلن أن القوات اليمنية، هي من نفذ تلك العمليات.
كما لجأت الحكومة الأمريكية، بعد ذلك، إلى اعتماد برنامج ضربات الطائرات بدون طيار، لاستهداف عناصر وقيادات القاعدة في اليمن، حيث بلغ عدد ضربات الطائرات بدون طيار من عام 2002 وحتى أواخر العام 2014، أكثر من 115 ضربة.