[ مهرجان جماهيري في تعز بالذكرى الثانية عشرة لثورة فبراير ]
تحل على اليمنيين الذكرى الثانية عشرة لثورة الحادي عشر من فبراير والبلاد على مفترق طرق أكثر من أي وقت مضى، بين حرب تبدو بلا نهاية وسلام ليس له من اسمه شيء، تبدو فبراير بخطابها هي الوحيدة التي لا تزال خارج السياق.
بعد 12 عاماً من اندلاعها، مازالت ثورة الـ11 من فبراير حاضرة في الوجدان الشعبي رغم كل المنعطفات التي مرت بها اليمن خلال العقد الماضي، والتي أدت إلى فقدان اليمنيين للدولة واستمرار النضال الشعبي المقاوم لاستعادتها، وسط جدل عن المكتسبات الوطنية للثورة.
شهدت البلاد خلال الأعوام الماضية تحوّلات جوهرية في الأوضاع شمالا وجنوبا ومرت الثورة بإرهاصات حالت دون تحقيق أحلام الشباب الذين خرجوا من أجلها، في ظل حرب شرسة تمارسها دولا اقليمية في إطار ما يسمى بالثورات المضادة للربيع العربي.
في هذه الذكرى تحديدا خفت تفاعل اليمنيين بشكل واضح قياسا بالاحتفالات للأعوام السابقة، حيث كان يجهز للاحتفال بالذكرى منذ مطلع الشهر، وكان التفاعل رسميا وجماهيرا بأغلب المحافظات، إلى جانب تحويل اليمنيين منصات مواقع التواصل الاجتماعي إلى صالات أفراح ابتهاجا بهذه المناسبة الغالية على قلبهم والذي كان من أبرز ثمارها الإطاحة بنظام المخلوع علي عبدالله صالح الذي جثم على صورهم 33 عاما، والقضاء على نظام التوريث الذي كان يجهز له.
أمس الجمعة منعت السلطات الرسمية في محافظة مأرب مهرجان غنائي نظمه مجلس المنسقية العليا لثورة فبراير السلمية، وبحضور الفنانة، ماريا قحطان، فيما اقتصر الاحتفال على محافظة تعز فقط، الأمر الذي أثار جدلا واسعا بين أوساط اليمنيين.
وفي تعز أحيا آلاف المواطنين في مهرجان جماهيري حاشد الذكرى وسط شارع جمال بمدينة تعز، إلى جانب إيقاد الشعلة، في خطوة عدها مراقبون رسالة قوية لكل المتنكرين للثورة وتأكيدا على تمسكهم بأهدافها حتى تحقيقها.
يرى يمنيون أن 11 فبراير شرارة الثورة وطريق الوطن الأول نحو الإنعتاق من هيمنة الأسرة والسلالة، والمقاومة سبيل الثوار الحتمي لوأد الثورة المضادة واستكمال الانتصار، مؤكدين أن فبراير سيبقى أعظم يوم مهما لوثوه وحاولوا إلصاق سوءات انتقامهم منه.
مشروع نضال مستمر
وفي السياق حمّلت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان السعودية والإمارات وإيران والنخب الخائنة مسؤولية الانقلاب والحرب وتدمير اليمن.
وأكدت في خطاب لها بمناسبة ذكرى الثورة أن "الأعداء المسؤولون عمَّا حصل لشعبنا وبلادنا من انقلاب وحرب ودمار وحصار هم السعودية وإيران والإمارات ونظام المخلوع والمليشيات الحوثية والانفصالية والنخب الخائنة الفاسدة، وليست ثورة فبراير الشعبية السلمية وجموع النساء والرجال السلميين العزل من كل سلاح ونفوذ عدا حلمهم باليمن الكبير وسعيهم لوطن حر مستقل ودولة حديثة تحقق آمالهم وطموحاتهم، وتضمن مستقبل أفضل لأبنائهم وبناتهم".
وذكرت أن "الحملات الإعلامية المشبوهة الهادفة إلى تحميل ثورة فبراير وزر كل ما فعله أعداؤها باليمن هي جزء من الحرب ضد اليمن وشعبه"، معتبرة إياها أخطر جبهات هذه الحرب؛ لأنها تهدف إلى تبرئة أطراف الحرب الداخلية والخارجية، ونشر اليأس في صفوف الشعب، وجعله يندم على أنصع صفحة عبرت عنه.
وقالت إن "إيماننا بالحرية والعدالة والكرامة والمواطنة ودولة القانون والشراكة الوطنية هي قيم لا وجود لنا كشعب بدونها"، مؤكدة أن "ثورة 11 فبراير هي مشروع نضالي مستمر ومتكامل مع ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين"، مشيرة إلى أن "اليوم الوطني المجيد للوحدة اليمنية (الثاني والعشرين من مايو)، سيبقى هدفاً لنا وللجيل القادم من بعدنا".
مؤامرة
وفي الشأن ذاته حمّل عضو المنسقية العليا لثورة 11 فبراير عبدالغني الماروي بعض القوى الاقليمية والسياسية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في اليمن، والتي وقفت حائلا دون تحقيق أهداف ثورة فبراير.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول الماوري "في مثل اليوم، ينبغي القول إن ثورة فبراير نجحت في إحداث تحول سياسي سلمي كان في طريقه للاكتمال، لكن تآمر بعض القوى وتذاكيها أوصلت البلاد لفوضى عارمة وحرب مركبة وانهيار لمظاهر الدولة".
وأكد الماوري أن الطبقة السياسية لم تكن بحجم ومسؤولية هذا التحول المهم".
عيد ميلاد وطن
الكاتب الصحافي أحمد الشلفي قال "إن كان 11 فبراير قصيدة فهو أجمل القصائد، وإن كان ثورة فهو أعظم الثورات، وإن كان يوما فهو عيد ميلاد وطن ينتظر، وإن كان مستقبلا فهو المستقبل القادم، وإن كان قصة فلا أعذب من قصة كالتي رأينا، وإن كان حلما فهو أبدع ما حلم الحالمون، وإن كان غيثا فإن الغيث وإن تأخر يهمي، وإن كان وعدا فسيتحقق، وإن كان وهما فتلك أجمل الأوهام".
وأضاف " 11فبراير قصيدة الشعب وقصته وعيد ميلاد الآباء ومستقبل الأجيال وحلم وغيث ووعد لا ينقطع ووهم جميل".
تكالب قوى الشر
وكتبت الصحفية والناشطة سامية الأغبري "كنا نحلم بيمن حر وديمقراطي ومستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة، لكن كانت المؤامرة أكبر منا ومن أحلامنا".
وقالت "كانت الثورة المضادة أقوى، السلام على أرواح شهداء فبراير، والسلامة ليمن لم يعد يمننا، لبلد تكالبت عليه قوى الشر، من الاشقاء والأصدقاء قبل الأعداء".
ثورة غير مكتملة
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري هو الآخر أكد أن ثورةٌ 11 فبراير غير مكتملة وستلد أخرى، وقال "اعلموا أننا أردنا ثورة 11فبراير ثوريةً لا ثأرية وسلميةً لا تسليمية وتشاركيةً لا استحواذية".
ويرى أن من مواطن ضعفها: أنها أشعلت من دون قياداتٍ حزبية ثورية، وفي بيئةٍ داخلية ثأريةٍ، تحايليةٍ لا تحولية، وبيئة خارجية غير مواتية.
وقال إنَّ ثورة فبراير ستلدُ أخرى؛ فالثوراتُ ضرورات للتغيير، ما حضرت الإراداتُ، واستيقظ الأُباةُ، واستبد الطغاةُ، وتنمر الغزاة.
الصحفي نبيل الصوفي غرد بالقول "11 فبراير، يوم حلم فيه اليمنيين بالتغيير، لكن للأسف تدافعت أيادي الخراب فتساقطت الاحلام، ثم دارت الايام، غير أن كل هذا لا يدين أحلام التغيير بل يدين الفساد الذي عبث أولا بالنظام ثم انتقل يفسد الثورة، وافسد بعدها الحروب، واليوم يقف هزيلا كل معركته هي حول فبراير، لا يختلف فيه من يدعي تمثيلها ومن يدعي انه ضدها".
وأضاف "يختلفون في التوجه لكنهم متفقين حول ابقاء فبراير يوما للصراع والالغاء، فلنعيد تعريف مشاريعنا، ومن يحظى بالتوافق ساد"، متابعا "الأقوى من يتشارك فيه المختلفون ويستوعب تنوعهم ويبقي لهم مساحات للاختلاف".
وأردف الصوفي "نتمسك بما نتفق عليه مهما كان صغيرا وننميه، ونبني لما نختلف فيه مسارات للتعايش، ولن نكافح الحوثي وماي مثله من تشظي وفوضوية ودموية إلا بروح فبراير التي تشكلت لدى جميع الاطراف".