[ مجلس القيادة الرئاسي ]
أصدر مجلس الدفاع الوطني اليمني القرار رقم (1) لسنة 2022 الذي قضى بتصنيف جماعة الحوثي منظمة ارهابية، وفقا لقانون الجرائم والعقوبات والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الاقليمية، والدولية، والأممية، المصادق عليها من قبل الجمهورية اليمنية.
مبررات المجلس لاتخاذ ذلك القرار جاءت في اجتماعا طارئا للمجلس برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وبحضور كافة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورؤساء السلطات التشريعية، والتنفيذية والاستشارية، ومحافظي محافظات حضرموت وشبوة، بعد استهداف الحوثيين مينائي الضبة والنشيمة بمحافظتي حضرموت وشبوة، وتهديداتهما باستهداف كافة الشركات النفطية العاملة في البلاد.
المجلس – وفقا لوكالة سبأ الحكومية - وجه من وصفها بالجهات ذات العلاقة باستكمال الاجراءات اللازمة لتنفيذ القرار، وحذر الكيانات والافراد الذين يقدمون الدعم والمساعدة، أو التسهيلات أو أي شكل من أشكال التعاون، متوعا باتخاذ اجراءات وعقوبات صارمة تجاههم.
أهمية القرار
أجمع عدد من المحللين السياسيين والعسكريين والحقوقيين الذين استطلع الموقع بوست وجهات نظرهم حول قرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، على أنها خطوة ايجابية وممتازة في طريق تحقيق السلام في البلاد.
الباحث والكاتب عادل دشيلة يقول في حديثه لـ "الموقع بوست" إن الوضع في اليمن بعد تصنيف الحوثيين منظمة ارهابية سيختلف تماما، وسيتيح القرار للحكومة اليمنية التنصل عن اتفاقية استكهولوم الذي استغلته جماعة الحوثي، وتعفي نفسها من أي التزامات قانونية تجاه الجماعة، والمناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ووصف دشيلة القرار بالخطوة السياسية المهمة، وعده ورقة ضغط سياسية في الوقت الراهن، معتبرا ذلك سيؤدي لعدم إقامة حوار مباشر وغير مباشر معها مرة أخرى، وإنهاء كل الاتفاقيات مع جماعة الحوثي، وبذلك تصبح تنازلات الهدنة، واتفاق السويد والتسهيلات الاخرى المقدمة للجماعة ملغية، وبهذا يكون الخيار العسكري هو الخيار الأخير المطروح على طاولة الحل لإجبار جماعة الحوثي بالقبول بالسلام، أو الوصول لتسوية سياسية، وفق تعبيره.
وعن مدى إمكانية العودة إلى الخيار العسكري يقول دشيلة: "من الناحية السياسية فالمجتمع الدولي يتعامل وفق القانون الدولي ويعترف بالحكومة الشرعية، وفي حال اتخذت الحكومة قرارات داخلية، فمن حقها أن تستخدم كل الصلاحيات القانونية، أما من الناحية العسكرية فالأمر يعود على مدى إرادة وتماسك الأطراف اليمنية المتمثل بمجلس الدفاع، ومجلس القيادة والحكومة.
خطوة لا مناورة
ويوافق دشيلة في ذلك المحلل السياسي ياسين التميمي، الذي وصف تصنيف الحوثيين بمنظمة إرهابية من قبل السلطة الشرعية بالخطوة الممتازة.
وأضاف التميمي في حديثه لـ"الموقع بوست" إن الأمر ليس مناورة، ولا يجب أن يكون كذلك، وهذا يستدعي خطوات تكاملية مع التحالف الذي أملى هذا القرار دون أدنى شك.
وتابع: القرار يمثل إعلان لفشل خيار السلام مع الحوثي عبر المفاوضات، ويجب الالتحام مع إرادة اليمنيين لفرض السلام عبر النضال المسلح، وصولا إلى إسقاط مشروع عودة الإمامة الفاشية بنسختها الحوثية الإيرانية، وما نتطلع إليه هو عودة الحسم العسكري إلى أجندة الشرعية ودعمها، لا استمرار الرضوخ لإملاءات الهدنة.
التميمي تطرق أيضا لمعضلة ارتهان القرار الخارجي للحكومة اليمنية، وشدد على أهمية ألا يكون الأمر مجرد مناورة وقال بأن هذا يستدعي خطوات تكاملية مع التحالف، وأضاف: "ما نتطلع إليه هو عودة الحسم العسكري إلى أجندة الشرعية وداعمها التحالف، والابتعاد عن املاءات الهدنة التي حولها الحوثيون لورقة ابتزاز الحكومة والشرعية".
قرار مشروط
المحامي عبد المجيد صبرة يرى أن تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية يعد أفضل قرار تم اتخاذه حتى الآن من الشرعية منذ الانقلاب الحوثي في 2014م
وقال صبرة لـ "الموقع بوست" إن هذا التصنيف يجب أن تتبعه خطوات جادة على الأرض، تحجم التعامل مع جماعة الحوثي محلياً وإقليمياً ودولياً، وتقف دون شرعنتها بالاتفاقات والمبادرات، وتبييض جرائمها عبر التاريخ الحديث، وخذلان لدماء الأبرياء، وظلم للمظلومين.
واشار صبرة إلى عواقب استمرار ارتهان قرار الحرب والسلم في اليمن على الأطراف الخارجية، ودور هذا العامل في تمييع معركة اليمنيين مع جماعة الحوثي، واعتبر ذلك يضعف العقيدة القتالية، ويقتل المعنويات، وهو ما تعانيه اليمن منذ دخول السعودية على خط الأزمة في الحرب اليمنية، وتحكمها بمسار المعركة مع الحوثيين.
وأوضح صبرة إن مجلس الدفاع أو الرئاسي اليمني ليس هو الجهة الوحيدة والمخولة في التعامل مع الحوثي، فهو لا يعد سوى تابع لسياسات دول التحالف، والواضح أن المجلس لم يتمكن حتى الآن من ضبط مكوناته أو التحكم فيها، مضيفا: "لا نستبعد أن يتعامل طرف داخلي من إحدى مكونات المجلس بخلاف هذا القرار، وكذلك بالنسبة لدول التحالف أيضا، فهي تتعامل مع الحوثي من منطلق مصلحتها، ولا تضع أي اعتبار لمصلحة اليمنيين، أو قرارات مجلس الدفاع، حسب تعبيره
وتساءل صبرة: متى صارت قرارات المجلس الرئاسي أو مجلس الدفاع الوطني هي الوحيدة التي تحدد سياسة التعامل مع جماعة الحوثي، وتفرض على جميع الأطراف المحلية أو الدولية، سواء دول التحالف أو غيرها احترامها والتعامل على أساسها؟
وتابع: إذا كان هناك استقلال للقرار المحلي السيادي حينها يمكن التحدث وبكل ثقه عن مدى تأثير أي قرارات صادرة من مجلس الدفاع أو غيره من الجهات الرسمية المخولة مهما قل شأنه.
تداعيات القرار
المحلل العسكري علي الذهب يرى أن خيار السلم والحرب في اليمن ليس قرارا مستقلا، بل يخضع لمحددات داخلية وخارجية، و محكوم خارجيا أكثر منه محليا، رغم التوافق في القوات العسكرية حاليا، متمثلة في الأطراف المشاركة في المجلس الرئاسي.
وقال الذهب لـ "الموقع بوست" تظل هناك محددات داخلية وخارجية لخيار الحسم العسكري، فالمحددات الداخلية تتمثل في المجلس الرئاسي، والذي وإن كان قدر الإمكان يبدو متماسكا، إلا أنه يعاني أزمة ثقة، على خلفية مطلب الانفصال الذي يتبناه المجلس الانتقالي.
أما بالنسبة للمحددات الخارجية لخيار الحسم العسكري؛ فيرى الذهب أن ذلك يتمثل في دور كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتان تحاولان الوقوف مع قوى دولية أخرى، والإبقاء على الهدنة، أو الابقاء على الوضع في اللاسلم واللاحرب؛ لأن هذه الدول تفاوض إيران على الاتفاق النووي، وكل منها - بما في ذلك إيران - يستخدم طرفي المواجهة للخروج بالاتفاق إلى بر الأمان.
وأضاف الذهب "في تقديري أن الوضع في اليمن سيبقى كما هو بعد هذا القرار، وستستمر المعركة، لكنها ليست معركة حسم؛ بل معركة استنزاف، مالم تصدق دول التحالف على راسها السعودية في حربها داخل البلاد، كونها المعنية بهذا الملف بدرجة أساسية وفق التفويض الأممي.
المحلل السياسي محمد الغابري بدوره تطرق في حديثه لـ الموقع بوست إلى إمكانية إيجاد حسما عسكريا، باستخدام القوة على نطاق واسع لكنه إرجع هذا الأمر إلى موافقة التحالف وفي مقدمته السعودية.