[ النحال سالم العولقي في مأرب خلال استراحة بخلايا نحله ومتوجه إلى صعدة ]
رغم مخاطر المغامرة إلا أن خطر الموت جوعا دفع سالم العولقي لمجاراتها والسير على خطى المخاطر التي وقع ضحيتها العشارات من اقرانه.
مع طلوع الشمس رَكنَ سالم العولقي (35 عام) شاحنته المحملة بـ 70 خلية نحل في صناديقها ليستقر حتى هبوط الليل لتبدأ رحلته من جديد خلال الليل.
في صحراء صافر (100كم)شرق محافظة مأرب وعلى جنبات الطريق الإسفلتي الذي يخترق سكون الصحراء الواسعة، أوقف سالم مركبته، فيما مد جسده المنهك وأربعة من مرافقيه تحت ظل بناية قيد الإنشاء ليستعيدوا طاقتهم وتبدأ رحلتهم من جديد نحو محافظة الجوف قاصدين وادي حوث بمحافظة صعدة.
يقول سالم لـ "الموقع بوست" إن موسم زهور السدر قد بدأ في مديرية حوث حيث الوديان الواسعة لرعي النحل.
رغم مخاطر الطريق التي سيمر عليها والمليئة بمفاجآت الموت من الغام الحوثي وتقطعات وابتزاز يتعرض لها رعاة النحل عادة من قبل الحوثيين، إلا أن سالم عازم على السير قدما الى حيث مقصده.
"لا نسير خلال النهار في نقل خلايا النحل"، يقول سالم الذي يتعرض بين الحين والآخر للسعات نحله وهو يتحدث إلينا.
قادم من مديرية الصعيد بمحافظة شبوة وقد رسم خطة لرعي خلايا النحل في محافظة صعدة وعمران وذمار لتتبع مواسم الرعي من الزهور المتنوعة في تلك المناطق لكسب أكبر قدر ممكن من المال مقابل أجود أنواع العسل اليمني(السدر) التي تنتجه النحل من رعي زهور محددة.
المخاطر كثيرة التي يواجهها رعاة النحل في مناطق مختلفة من البلاد في ضل الحرب حيث قد وقع الكثير منهم ضحايا قصف والغام وحوادث في طريق الصحراء الرملية ، يقول العولقي وقد غطى ثلثي وجهة بلحاف جاف تحاشيا لمزيد من لدغات النحل.
يبحث سالم العولقي عن طريقة لتعويض ما فقده من خلايا النحل خلال الحرب ومتغيرات المناخ خلال السنوات والأشهر الماضية .
كان آخر ما فقده قبل أقل من شهر هو 70 خلية نحل جرفتها سيول الأمطار التي شهدتها مناطق شبوة ومأرب وحضرموت.
يضيف سالم "كنت قد تركتها ترعى في وادي الصعيد ولكن سيل كبير جرفها ولم يتبقى لي شيئا".
خسائر ومعاناة
سالم فقد قبلها 200 خلية نحل من أملاكه بفعل عدم قدرته على نقلها للرعي في محافظات الرعي المعتادة قبل الحرب الحوثية في البلاد والتي أيضا تسيطر عليها الجماعة كمحافظة إب والبيضاء وذمار.
"ماتت من الجوع والحر والجفاف الذي يضرب المناطق الصحراوية " بحسب العولقي الذي يشير له معاونيه بأن ثلاثة أعوام كانت سنوات البؤس على سالم الذي كان يملك قبل الحرب 1200 خلية نحل فقدها كافة.
في ذات المنطقة التي ينوي سالم الوصول والرعي فيها في منطقة حوث فقد سالم العولقي 40 خلية نحل بفعل سموم القات التي ذهبت النحل للرعي في زهر كانت قد رشت بسموم قتلتها جميعا وعاد بصناديق فارغة حد وصفه .
اقترض العولقي من اقرانه رعاة النحل خلاياه السبعين كافة من مختلف النحالين الكثر في منطقته ليستعيد قواه من جديد في تجارة العسل الذي يبحث عنه.
شهد القطاع الواسع من مربي النحل وتجار العسل في اليمن ولزال معاناة شديدة من "خسائر فادحة منذ بدء الصراع في البلاد" حسب تقرير حديث للجنة الدولية للصليب الأحمر.
وبحسب منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة أن حوالي 100 ألف أسرة في اليمن تعتمد على تربية النحل كمصدر أساسي لكسب الرزق .
الحرب والالغام
محافظات إب وذمار وصعدة وعمران هذه المحافظات التي تشهد أمطارا كثيفة وتنوع نباتي واسع كانت مرعى النحل على مدار العام لكن ذلك إلى قبل الحرب الحوثية التي تسيطر على تلك المناطق, فيما اليوم انحصر المئات من النحالين في صحاري مارب وشبوة وحضرموت.
بينما منعت الحرب وتقطعات الطرق والألغام الحوثية المزروعة في الطرق البديلة النحالين من التنقل بين المحافظات لرعي النحل في مواسمها منذ اكثر من عامين .
ويتحدث العولقي بحزن عن ما تشهده ثروة العسل والنحل اليمني من حرب من قبل اطراف الصراع والمواطنين وكذي دول الخارج التي منعت تجارة الحسل اليمني ومنعت تصديره حاليا مما جعل العسل اليمني يفقد سمعته ويفقد قيمته الشرائية .
وتقول منظمة الفاو وكذا الصليب الأحمر الدولي أنهما قدما مشاريع لمساعدة النحالين اليمنيين لكن العولقي يؤكد عدم تلقيه أو أحد من النحالين الكثر في منطقة الصعيد المشهورة بامتهان تربية النحل أي من تلك المساعدات أو من أي منظمة كانت وبأي شكل منها.