[ نازحات الصحراء في مأرب ممنوعات من دورات المياه حتى هبوط الليل ]
لم تعد الصحراء سكن البدو الرحل وحدهم، بل يزاحمهم اليوم آلاف النازحين يتقاسمون المعاناة نساء ورجال وأطفال في ظل افتقار المخيمات لمقومات المعيشة.
على رأسها تحمل أم أمين (40عاما) قنية ماء، جلبتها من حوض للإبل على مسافة 8 كم سيرا على الأقدام بين كثبان الرمل الحارقة.
كل يوم تحمل أم أمين القنينة على رأسها لتجلب لها وأطفالها المياه للاغتسال وطهي الطعام ويجلب زوجها مياه الشرب من سوق الرويك بمبلغ مالي كل يوم أيضا.
ليست وحدها أم أمين تحمل المعاناة بل إن 410 أسرة نازحة تقطن إلى جوارها في مخيم "أبو جنب" بمنطقة الرويك وكلها تحمل ذات المعاناة وتكابر من أجل البقاء.
في حديثها لـ "الموقع بوست" تقول أم أمين "لا يوجد لنا دورات مياه و لا نستطيع قضاء حوائجنا حتى يأتي الليل لأننا في صحراء مفتوحة يراك الجميع بمجرد الخروج من الخيمة".
تضيف "لذلك تصبر النساء طوال اليوم حتى يحل ظلام الليل ليتوجهن إلى الصحراء لقضاء حوائجهن في المنطقة المفتوحة وعلى رمال الصحراء.
حرمان إغاثي
لا مساعدات إنسانية تصل إلى مخيمات النازحين في صحراء "الرويك"، يقول عبد الفتاح الحميدي مسؤول الإغاثة في المنطقة شرق محافظة مأرب، عدى المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، بينما الكثير من المنظمات تأتي ترصد وتسجل، دون أن تقدم شيئ، بحسب الحميدي.
يشير الحميدي إلى أن الاحتياجات للنازحين في الصحراء كثيرة، لكنهم يحلمون بأبسط مقومات حياتهم مثل الماء والكهرباء ودورات المياه (الحمامات)، لافتا إلى أن 8 مخيمات للنازحين تغوص في عمق الصحراء إلى جانب البدو الرحل.
حيث أن المخيمات الستة تتبع نازحي محافظة الجوف واثنان منها لنازحي مأرب ومحافظات أخرى وجميعها تتقاسم المعاناة وتعيش بعيدا عن اهتمامات منظمات الإغاثة.
ويؤكد الحميدي أن الصحراء المفتوحة وغياب تزويد النازحين بدورات مياه تجبر النازحين وخاصة النساء على تحمل معاناة غيابها وينتظرن حتى الليل لقضاء الحاجة.
البدو الرحل منزعجون
معاناة التشرد قاسية والعيش في صحراء قاحلة معاناة أكثر قساوة لكن البدو الرحل اختاروا طواعية العيش عليها، فيما النازحين باتوا اليوم يقاسمون الرحل المكان والرعي والماء.
ذلك أزعج حياة البدو الرحل بحسب الحميدي لتتعالى شكاوى البدو من النازحين بسبب مزاحمة مواشيهم في رعي أغنامهم وجمالهم ومقاسمتهم الصحراء.
يضيف الحميدي، "رغم انزعاج البدو الرحل، إلا أنهم باتوا يتعايشون مع النازحين تفهما للظروف التي أجبرتهم على النزوح إلى الصحراء".
نداء دون صدى
أطلقت إدارة مخيمات النازحين بمأرب نداءاتها المتكررة للمنظمات الإغاثية لمساعدة النازحين في مخيمات الصحراء دون فائدة، بحسب المسؤول الاعلامي بالوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب أيمن عطا.
وأضاف عطا في حديثه لـ "الموقع بوست" أن القطاع السابع (كما تسمية وحدة النازحين ) يضم 22 مخيما يقطن فيه قرابة 9000 نسمة، يوجد فيها قرابة 1200 أسرة بحسب آخر احصائية رسمية.
وهذه المخيمات مترامية ابتداء من صافر مرورا بالصديهات وكمب روضان وقشع البرد وأبو جنب وانتهاء بالرويك.
والصديهات والرويك، أبو جنب والوضيح مخيمات بعيدة في المسافة وبعيدة عن وصول المنظمات الإغاثية وخارج اهتماماتها، فكلها مناطق كانت وديان صحراوية مخصصة لعيش وحياة البدو الرحل طوال السنوات التي سبقت الحرب الدائرة في البلد، لكنها اليوم تعج بالنازحين وتعج منهم بالأنين.