[ مجلس التعاون الخليجي يعلن عن مفاضات في الرياض تجمع اطراف الصراع في اليمن ]
قبل أيام على الذكرى الثامنة لتدخّل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، أعلن مجلس التعاون الخليجي استضافة مفاوضات يمينة موسعة تنهى الحرب في البلد، وسط رفض حوثي لمكان إقامتها مشترط حضوره في دولة محايدة مع التزام بأولوية الملف الإنساني وفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء.
وبحسب أمين عام مجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف فإن المشاورات ستعقد في 29 مارس الجاري حتى السابع من أبريل الشهر القادم، لمناقشة ست محاور بينها عسكرية وسياسية، فيما ستبحث إعادة اللحمة الاجتماعية لليمنيين وتأسيس آليات للعمل الإنساني والمستقبل السياسي وصولا إلى وقف إطلاق النار برعاية أممية ودعم خليجي.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه المفاوضات مرهون بالتعاطي الحوثي معها رغم أن المؤشرات تفيد بعدم قبولهم الحضور إلى الرياض، حيث يحاول المجلس الدفع بجميع الأطراف إلى نقطة التقاء لإغلاق ملف الحرب بأي شكل، في حين يحثوه الاستفادة من التجارب الفاشلة لتبني مسارات جديدة ونوعية لوضع حلول عادلة للأزمة اليمنية.
ورفضت جماعة الحوثي الحوار في الرياض بالفعل، لكنها رحبت في نفس الوقت بأي حوار بدولة محايدة ليست منخرطة بالتحالف، بما في ذلك دول الخليج، في حين ستذهب الرياض في هذه المشاورات المثيرة للجدل دون الحوثيين على اعتبارهم طرف رئيس في الأزمة، مكتفية بإرسال دعوة لهم.
مشاورات تحتاجها الرياض
وستشكل هذه المحادثات إطاراً لتحرك سعودي إماراتي لم تتضح ملامحه بعد، للحصول على أجماع صوري لإعادة هندسة وترتيب السلطة الشرعية، في خطوة تحتاجها الرياض تحديداً للتحكم بمسار الحرب في اليمن دون منغصات، والقيام بتحركات لإنهاء الحرب، بعيدا عن أهداف التحالف، مع منح الحوثيين فرصة ثمينة للتحكم بالجزء الأهم والمؤثر، وفق الكاتب والسياسي ياسين التميمي.
ويضيف "التميمي" لـ"الموقع بوست" أن الرياض ترغب في الظهور أمام المجتمع الدولي كطرف إقليمي باحث عن السلام، بعكس الحقيقة التي تتمثل بتحكمها بمسار الحرب التي تبدو عبثية واستنزافية، في وقت لم تحقق أهدافها المعلنة، حيث انتهت إلى وقائع خطيرة ليس فقط على اليمن وإنما على السعودية نفسها، مستبعدا وصول المفاوضات إلى نتائج حاسمة لإنهاء الحرب، بفعل رفض الحوثيين الحضور إلى الرياض.
كشف عورة الحوثي
ويعتقد وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي أن التحالف يريد من هذه المفاوضات وضع المجتمع الدولي أمام حقيقة الحوثي، المغايرة لحديثه في الغرف المغلقة مع الوفود الأجنبية بسعيه لرفع معاناة اليمنيين وحرصه على السلام الذي لا يلتزم به في الواقع.
ويضيف "المجيدي" لـ"الموقع بوست" أن جماعة الحوثي لا ترغب بأي حوار مع اليمنيين لأنها ترهم تابعين لها، حيث تختزل اليمن في جماعتها وتقدم نفسها على أنها الممثلة الحصرية لليمنيين، بينما يسعى للحوار مع دول الخليج حتى يحصل على الشرعية وليس لإنهاء الحرب ودخول في السلام والشراكة الحقيقية.
شرعية جديدة
وفي الشأن ذاته يرى الكاتب الدبلوماسي اليمني عبدالوهاب العمراني أن السعودية تريد من هذه المفاوضات أن تغسل كل ممارساتها البشعة للسبع السنوات العجاف باتفاق سلام يوقع عليه اليمنيون، فيما ستضمن ديباجة الاتفاق الإشادة بها وشكرها على استضافة الحوار بين اليمنيين ودعم السلام، مشيرا إلى أنه بمثابة مبادرة خليجية ثانية.
ويؤكد "العمراني" -في مقال طويل نشره على صفحته بفيسبوك- أن هناك خطة جاهزة من الإمارات والسعودية بالتفاهم مع الأمريكان والمبعوث الأممي، في حين تشير إلى الرغبة في هندسة الرئاسة وتقسيم اليمن واستفتاء بتقرير المصير في المحافظات الجنوبية.
ولفت العمراني إلى أن الأطراف التي سيتم دعوتها للرياض هي أطراف لا تمثل البلد، إنماء تمثل هادي وجماعته والقوى الانفصالية، حد تعبيره.
وتأتي هذه المشاورات الغامضة لتؤكد التناقض والتخبط التي تعيشها المملكة العربية السعودية، بين حشد كل طاقتها لتصنيف جماعة الحوثيين "منظمة إرهابية"، وذهابها لدعوت الجماعة للتفاوض في الرياض.
وتسعى السعودية بكل الوسائل لتخليص نفسها من الحرب المكلفة التي أودت بحياة عشرات الآلاف، معظمهم من المدنيين، ودفعت بالبلد العربي الفقير إلى حافة الهاوية، في حين ينظر للحرب أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران ونقطة احتكاك بين الرياض وواشنطن.