[ بلا مدارس ومستقبل مجهول للأطفال بمخيمات النزوح في مأرب ]
وسط زملائها الصغار تقعد إيمان أحمد (13 عاما) التي لزالت طالبة في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة تتكون من فصل واحد لجميع الطلاب من الصف الأول إلى السادس في مخيم "السمية" شرق محافظة مأرب، فيما يعد خارج فصول المدارس في ذات المخيم 1700 طالب وطالبة حيث تعد إيمان من ذوي الحظ الجيد أنها التحقت بالمدرسة بسنها الكبير في فصول الابتدائية.
التحقت إيمان بالمدرسة منذ السابعة من عمرها لكنها ما إن وصلت إلى الصف الثالث الذي لم تكمل تعلمها فيه، بسبب نزوحها الأول من قريتها في مديرية صرواح غرب مأرب التي شهدت معارك عنيفة منذ مطلع العام 2015م تسببت تلك المعارك بنزوح آلاف المواطنين وضياع وثائق الطلاب في المدارس بالمديرية.
ظلت إيمان كغيرها تنتظر وثائقها أو اعتمادها طالبة في الصف الثالث، لكنها رضخت لاختيار أهلها بأن تعود للتعليم من الصف الأول بسبب ضياع وثائقها التعليمية لتلتحق مجددا في مدرسة النصر في مخيم النازحين الذي أنشئ للنازحين من مديريات غرب مأرب، وما إن أكملت الصف الثاني حتى داهمت الحرب مجددا مخيم النازحين في الروضة ليفر النازحين مرة أخرى إلى مخيم السمية شرق مأرب.
إيمان، هي صورة واحدة من كاتالوج لآلاف الأطفال الذين مرت سنوات من عمرهم بين التشرد والضياع والذين يكبرون بين ضياع مستقبلهم وعلى مقاعد مدارسهم الابتدائية.
تسرب من المدارس
تقول المعلمة في مدرسة النصر بالمخيم "فكرة الحجازي" إن عدد كبير من الطلاب والطالبات بات أعمارهم كبيرة، فيما لا يزالون في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، بينما المفترض أن يكونوا قد تجاوزوا المرحلة الابتدائية ودخلوا بالإعدادية وهذا بنظر فكرة أمر غير عادل ويجب أن يحظى الطلاب النازحين بما يحظى به الطلاب المستقرين من استحقاق التعليم خاصة.
حظيت إيمان بمقعد دراسي مبني من الرمل والإهمال وتحت سقف خيمة تنهك الطلاب أكثر من أن تفيدهم، لكنها مستمرة بالتعليم بينما 1700 طالب وطالبة لم يلتحقوا حتى الآن بالتعليم داخل مخيم السمية ذاته.
وفي الشأن ذاته يقول مدير مخيم السمية مبارك بيحان إن عدد الطلاب في المخيم حاليا 2400 طالب وطالبة بينما التحق منهم في المدرسة الحالية فقط 640، فيما تبقى أكثر من 1700 طالب وطالبة لم يلتحقوا بالعام التعليمي الجاري ومحرومين من التعليم حتى اللحظة ومازالوا ينتظرون المجهول دون تدخلات للمنظمات الإنسانية أو الجهات الحكومية المعنية.
وفي السياق قال مسؤول إدارة المنشآت التعليمية مكتب التربية والتعليم في مأرب علي حليان إن الجهود تبذل تجاه الحاق الطلاب النازحين بالمدارس المجاورة للمخيم في منطقة السمية بالإضافة إلى محاولة لتوفير وحشد الجهود والدعم من قبل المنظمات لتوفير أربع مدارس في المخيم، مشيرا إلى أن ذلك يسير ببطء أكثر ولا ملامح اهتمام في المشهد لاحتياجات المشردين .
مستقبل مجهول
من جهتها إدارة مخيمات النازحين بالمحافظة، قالت إن هناك احتياجات كثيرة في المخيم من ضمنها الاحتياجات التعليمية للمخيمات الجديدة التي بلغ عددها 40 مخيم خلال موجات النزوح الأخيرة من مناطق جنوب مأرب والذي بلغ عدد النازحين الجدد منها خلال العام الفائت 2021 أكثر من 21420 أسرة نازحة ( 128244 ) نازح ونازحة، فيما وصل العدد النهائي للنازحين بمأرب 332248 أسرة نازحة (2246237) نازح ونازحة بحسب أخر احصائيات وحدة النازحين بمارب خلال نهاية العام الفائت 2020م .
فصول من المأساة تخيم على شريحة واسعة من الأطفال ومستقبل مجهول ينتظر الآلاف منهم في مخيم السمية شرقي محافظة مأرب, يكابدون النزوح والتشرد والحرمان من الحق في التعليم وباتت المدرسة في تلك الخيمة الفرصة الوحيدة لمواصلة التعليم للأطفال الذين وجدوا أنفسهم ضمن موجات النزوح الأخيرة التي تسببت بها المواجهات العسكرية جنوب مارب, فيما مئات الطلاب والطالبات في المخيم ينتظرهم مستقبل مجهول، فهم حتى اللحظة لا يعرفون كيف سيكملون عامهم الدراسي في ظل تجاهل لتلك المعاناة من قبل المنظمات والسلطات.
ولما تشهده البلاد من حرب يأتي القانون الدولي الإنساني الذي ينظم عمليات الحرب بعيدا عن استهداف المدنيين أو تكليفهم خسائرها، لكن ذلك لم يمر على مسامع أطراف الصراع في اليمن.
أكبر ضحايا الحرب
وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن حوالي مليون طالب وطالبة أبعدتهم الحرب عن مقاعد الدراسة والتعليم في عموم البلاد بعد مرور ست سنوات من الحرب والصراع .
وبحسب اليونيسف فإنه بعد ست سنوات من الصراع فقد أصبح تعليم الأطفال أكبر ضحايا الحرب في اليمن - وأن ما يربو على مليوني طفل (فتيان وفتيات في سن الدراسة) هم خارج المدارس بسبب الفقر والنزاع وانعدام فرص التعليم.
ويُعتبر هذا العدد أكثر من ضعف عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2015، حيث بلغ عددهم حينها 890,000 طفل.
وفي تقرير اليونيسف الذي صدر حديثا في تموز/يوليو من العام الماضي بشأن تأثير النزاع على تعليم الأطفال في اليمن، فإن القلق يتزايد لأن الأطفال غير الملتحقين بالمدارس أو الذين تسربوا من مدارسهم في الآونة الأخيرة قد لا يعودون للدراسة إطلاقا إذا لم يتم دعمهم بشكل صحيح.
ورغم حماية القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان حق التعليم للأطفال وكفالتهم اثناء النزاع وحمايتهم لاستمرار حقهم في التعليم الآمن إلا أن أطفال اليمن أكثر المتضررين من الحرب واستخدمت مدارسهم كثكنات عسكرية وقصفت وكذا هجر الطلاب من مناطقهم بفعل الهجمات المسلحة مما شرد الطلاب ومعلميهم في مخيمات نزوح مختلفة، عرقلت عودتهم الى المدارس، فيما الكثير من مخيمات النزوح تفتقر لوجود مدارس لالحاق الطلاب بالتعليم، وهو ما دفع الكثر من طلاب واجيال اليمن الى التسرب عن التعليم والتحاقهم بالأعمال المختلفة بما فيها الاعمال القتالية، فيما تبقى الفتاة أشد حرمانا من تعليمها في المناطق التي شهدت وتشهد صراع وحرب مستعرة .