[ فعالية خلال إشهار حركة "خيالة" الثقافية في تعز ]
من بين ركام الحرب ومن خلف أسوار الحصار الخانق لمحافظة تعز اليمنية (جنوب غرب اليمن)، منذ سبع سنوات ومن وسط أصوات أزيز الرصاص والقذائف والزوامل الممجدة للموت والمحتفية به، ومن تحت ركام التهميش والإقصاء والظروف المعيشية القاسية انتفض مثقفو تعز ليعلنوا عن أنفسهم خيالة محبة وسلام وإبداع، يكتبون بمدمع الألم الضاري قصيدة طرب راقصة، ويرسمون على جدران الخراب لوحات للحياة والأمل ويداوون نحيب الأنفس المجروحة بألحان التفاؤل والحب.. هكذا كان يجب أن تكون رابطة "خيالة" الوليدة رابطة تليق بمدينة ثقافية كتعز وتحتوي كل ألوان الطيف الثقافي ورموزه فيها دون اقصاء لأحد.
الثلاثاء غرة فبراير/شباط الجاري كان يوماً استثنائياً لمدينة اليمن الثقافية تعز باحتضانها نخبة من مثقفيها وأدباءها وشعرائها وفنانيها ورموزها الإعلامية في عرس إعلان عودة تعز لروحها الثقافية وعودة مثقفيها لتضميد جراحها الغائرة، فكان حفل تدشين الحراك الثقافي الذي فشلت سنوات الحرب العجاف في قتله وإن نجحت في تغييبه قهرياً.
مراسل "الموقع بوست" شارك مثقفي تعز حفل عودتهم الأول لواجهة المشهد العام في محافظة تعز المعروفة يمنياً بعاصمة الثقافة والمدنية والسلام والتعايش من خلال إشهار حركة "خيالة" الثقافية، فكان هذا التقرير.
روح تعز
يقول رئيس منتدى خيالة الثقافي الشاعر "عبدالاله الشميري" في تصريحه لـ"الموقع بوست" إن عملية اشهار منتدى (خيالة) الثقافي مرت بمخاضات ونقاشات عدة إنطلقت من قناعة تامة أن ظروف الحرب التي تعيشها اليمن منذ سبع سنوات بصفة عامة ومحافظة تعز بصفة خاصة قد ألحقت أضرارا بالغة بمختلف مكونات المجتمع وشرائحه وفي مقدمتهم المثقفين الذين أجبرتهم ظروف الحرب وتوقف الفعاليات الثقافية الرسمية والخاصة ومؤسساتها عن مزاولة أي نشاط ثقافي، مما أضطر المثقف للانكفاء على نفسه.
واردف الشميري وبما أن محافظة تعز هي عاصمة الثقافة اليمنية بلا منازع وتمثل الثقافة روحها وهويتها، ومن أجل عودة تلك الروح للجسد العليل كانت فكرة منتدى "خيالة" كنافذة ومنصة يطل منها مثقفو تعز في مختلف فنون الإبداع على جمهورهم مجدداً.
واختتم الشاع "الشميري" رئيس منتدى "خيالة" الثقافي في حديثه لجميع مثقفي محافظة تعز ومبدعيها وأصحاب المواهب لتقديم نتاجاتهم لرئاسة المنتدى حتى يتسنى له مساعدتهم وفق الامكانات المتاحة لإيصال نتاجاتهم إلى العامة.
وأكد أن (خيالة) مضمار مفتوح لكل خيال دون إقصاء او تهميش.
العودة من الشتات
من جهته أوضح الكاتب "ماجد الجعفري" الناطق الإعلامي لمنتدى (خيالة) الثقافي في تصريحه لـ "الموقع بوست" أن مثقفي تعز جميعهم قد طال غيابهم وتغييبهم ونحن من خلال منتدى خيالة نعلن عودة فرسان الإبداع بمختلف أشكاله شعر وقصة وفن تشكيلي ومسرح وتمثيل وغناء...الخ، من شتات التغييب ومنافي الصمت والانكفاء إلى واجهة الحياة والتألق والإبداع.
وعن سؤالنا للجعفري عن مشاريع منتدى (خيالة) الثقافي ومصادر تمويله؟ أكد أن فكرة المنتدى تقوم على اكتشاف المواهب الشابة والمبدعين في مختلف الفنون والأخذ بيدهم وإتاحة الفرصة لهم للبروز وتسويق نتاجاتهم.
ولفت إلى أن أهم خطوة سيقوم بها هي التواصل مع مدراء المدارس الحكومية والخاصة والجامعات والبحث عن المبدعين والموهوبين وتبنيهم ومساعدتهم لتطوير مواهبهم وصقلها.
وأضاف الجعفري أن المنتدى نظم صباحية شعرية صباح اليوم الأربعاء أحياها نخبة من فرسان القصيدة في محافظة تعز، منوهاً الى أن مشاريع المنتدى وخططه كثيرة ورائعة وتليق بمحافظة تعز وثقافتها وتاريخها، كالاحتفاء برموزها الثقافية الكبيرة كالفضول وهاشم على، وأيوب طارش، وسلطان الصريمي وغيرهم، فطموحاتنا بلاحدود ونتمنى من الجميع أحزاباً سياسية ومنظمات مدنية وجهات حكومية تقديم الدعم والعناية للمنتدى ومشاريعه الثقافية، فما نعيشه اليوم من إحتراب وتمزق وصراعات هو نتيجة طبيعية لغياب ثقافة المحبة والتسامح والسلام، وثمرة مرة لإقصاء المثقف وتهميشه، وإغفال التأثير الكبير للثقافة في تشكيل هوية أي مجتمع ورسم صورته، فالثقافة هي المتحكم الرئيس في تفكير الفرد وسلوكه العام.
نافياً تلقي أي دعم حتى الأن من أي جهة حكومية أو خاصة بإستثناء عميد الكلية الدولية للعلوم التطبيقية الذي وفر لهم القاعة لتدشين فعالية الإشهار.
آمال وتطلعات
انطباعات مثقفي تعز حول تدشين منتدى (خيالة) الثقافي تحدثت للموقع بوست الشاعرة إيناس السبئي قائلةً: لا مبالغة إذا ما قلنا أن الواحد من فبراير/شباط الجاري يعد يوماً استثنائيا بالنسبة لمثقفي محافظة تعز ومبدعيها، الذين عانوا كثيراً من الضيم والتجاهل والتهميش نتيجة لظروف الحرب وعوامل أخرى عديدة.
ووفقاً للشاعرة إيناس فإن هذا اليوم يعد عرساً لثقافة تعز وللإبداع فيه اشعلت شموع الأمل والتفاؤل في عتمة الواقع الحالكة.
واختتمت تصريحها بالتعبير عن مشاعر البهجة والسرور أمنيات بأن يعيد منتدى خيالة لتعز بريقها وللمثقف إعتباره وأن تحل فعاليات الإبداع وأصوات المبدعين بدلاً عن متارس الإقتتال وأصوات الرصاص.
بعيداً عن ما شاب حفل إشهار منتدى خيالة الأدبي في محافظة تعز من قصور ونقص تمثلت في سوء الاعداد وإحتكار الفعالية للشعر والشعراء فقط وتجاهل بقية المجالات الإبداعية مرورا بتوزيع فقرات الإحتفائية على أسماء بعينها وانتهاء بتشكيل الهيئة الإدارية للمنتدى التي تمت مسبقاً ودون علم أغلب من حضر الإحتفائية، كما أفادوا لمراسل "الموقع بوست"، إلا أن البيان الصادر عن الفعالية حمل رسائل ود للجميع كتبت سطورها بحبر قلوب أدمتها مشاهد الموت وأصوات القذائف وحشرتها في زاوية النسيان المظلمة، الذي يتمنى الجميع أن خيالة قد كسروا أول أسوار العزلة العديدة وقرروا بالفن والإبداع ترميم كل التصدعات التي خلفتها معاول السياسة في مدينة تتنفس هواء الحرية وتجري في أوردتها ثقافة لا تموت.