[ هادي مع بحاح (ارشيف) ]
لاتزال اصداء قرار إعفاء نائب الرئيس رئيس الحكومة السابق خالد محفوظ بحاح متواصلة بعد يومين من صدورها داخل اليمن.
القرارات قوبلت بترحيب سياسي واسع، كما أثارت جدلا متواصلا، خاصة بعد رفض بحاح لها عبر البيان الذي اعلنه في صفحته الشخصية امس.
وبحسب مراقبين فإن القرارات جاءت لتردم هوة الخلاف التي تشكلت بين رئيس الجمهورية ونائبه السابق, وتضع البلاد على بوابة جديدة قد تفضي الى حلول عاجلة لوقف اطلاق النار والبدء بحل سلمي.
خلاف مستتر
بحسب وزير الشباب والرياض، نائف البكري، فإن القرارات الجمهورية، التي قضت بإعفاء بحاح، وتعيين نائبا لرئيس الجمهورية، ورئيسا لمجلس الوزراء، جاءت بعد وصول الخلافات بين بحاح، والرئيس عبد ربه منصور هادي إلى حد لا يطاق، مشيرا إلى أن أعضاء الحكومة، كانوا على علم بتلك القرارات قبل صدورها.
ولم تكن الخلافات والتباينات بين الرئيس هادي، وخالد بحاح، وليدة هذه الفترة، بل تعود إلى أشهر سابقة، حيث ظهرت لأول مرة، عقب إصدار بحاح، توجيهات بمنع رياض ياسين المكلف من قبل الرئيس هادي، بمهام وزير الخارجية، من حضور اجتماعات الحكومة، وذلك في بداية سبتمبر من العام 2015.
وبحسب المصادر، فإن بحاح، كان يرى أنه لا شرعية، لتكليف ياسين بمهام الوزير، في ظل وجود الوزير المعين بقرار جمهوري، عبد الله الصايدي.
وأخذ الخلاف منحى مختلفا، من خلال تصريحات صادرة عن مصادر وأطراف موالية لبحاح وهادي، تهاجم الطرف الآخر، إضافة إلى قيام بحاح، بتوجيه وسائل الإعلام الموالية للشرعية، والواقعة تحت سيطرة الحكومة من التعامل مع وزير الخارجية المكلف، رياض ياسين، بينما سربت مصادر مقربة من هادي، رُجح حينها، أنها من قبل ياسين، معلومات، حول وجود نية لدى الرئيس هادي، لإعفاء بحاح من منصبه، كرئيس للوزراء حينها.
ازدواج سياسي
وبالرغم من نفي مصادر مسؤولة بالحكومة، وجود خلافات بين هادي وبحاح، إلا أنها كانت تظهر في أكثر من مناسبة، منها على سبيل المثال، حساسية الرئيس هادي، من مقترح تقدمت به جماعة الحوثي، في أكتوبر الماضي، لإنهاء الصراع في اليمن، وهو المقترح الذي تضمن طي صفحة هادي، ونقل صلاحيته إلى نائبه خالد بحاح، حيث كان هذا مثارا لاستياء هادي، وشعوره بأن هناك تنسيق بين بحاح والإنقلابيين، علما بأن هذا المقترح، قدمته الجماعة، مؤخرا، قبيل صدور قرار إعفاء بحاح من منصبه، بوقت قصير، على أساس أن يتم مناقشته في جولة المفاوضات المقبلة بالكويت.
لكن أول تأكيد رسمي وعلني لتلك الخلافات، كان بعد قيام الرئيس هادي، بإجراء تعديل وزاري محدود على خمس حقائب بحكومة بحاح، حيث أعلن بحاح حينها رفضه لذلك التعديل، الذي قال إنه غير شرعي، واتخذ بدون التشاور مع الحكومة.
وشمل التعديل الوزاري حينها، تعيين وزراء لخمس وزارات من بينها الداخلية والخارجية والإعلام.
في حين أشارت مصادر أخرى، إلى أن من أسباب الخلاف، هو التداخل في صلاحيات كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهو ما ترجمته التعديلات الوزارية، التي أجراها هادي بداية ديسمبر الماضي.
لكن،، يبدو أن ثمة نقاط اختلاف أخرى، بين الرجلين، بحاح وهادي، من أبرزها، ارتباط خالد بحاح، بدولة الإمارات، وإخضاعه للكثير من الملفات، خلال المرحلة السابقة، للإرادة الإماراتية، الأمر الذي تسبب في تعطيل العديد من الأمور المتعلقة، بحسم المعركة مع الإنقلابيين، وكذا إدارة شؤون المناطق المحررة، وفي المقدمة تحرير محافظة تعز، التي ظلت معلقة، بين توجيهات هادي، وتأخر، وإرجاء بحاح.
فريسة للانقلابين
المحلل السياسي نجيب عبدالله شحرة ذكر لـ( الموقع):" أن بحاح تنقصه الخبرة السياسية، وبسبب ذلك خدم الانقلابين، ووقع فريسه سهله لأطراف الانقلاب المحلية، وبعض الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لهذا الانقلاب".
ووصف قرارات الرئيس" هادي" أنها:" مهمة وفى توقيت مناسب، وضرورية لوحدة تماسك جبهة الشرعية، ويجب أن تستمر، وسوف تأخذ طورا أكثر أهميه بعد محادثات الكويت".
وأشار:" أن بيان بحاح سياسي بامتياز، أكثر منه مواجهة قانونية لقرار الإقالة، حيث كانت جميع الحجج الدستورية التي أوردها في غير محلها ولا تدعم مبرراته".
وقال:" بحاح وقع في خطأ جسيم عندما اعتمد على اتفاق السلم والشركة كأسس للتوافق، وكان هذا الأخير فوق الدستور، وهو لا يرقى إلى حتى قانون، فضلا عن كون اتفاق السلم والشراكة قد سقط بفعل الانقلاب، ودستوريا الرئيس هادي هو صاحب السلطة في تعيين وعزل الحكومة، ولا يوجد دستوريا ما بمنع الرئيس من القيام بذلك".
وأردف:" الحالة الوحيدة التي يكون فيها احتجاج بحاح على إقالته صحيح اذا كنّا في نظام برلماني، بحيث أن هذا الأخير مصدر تشكيل وشرعية الحكومة، واضاف: لكن نحن في نظام رئاسي وفقا للدستور والمبادرة الخليجية والقرارات الدولية، التي اعتمدت على ذلك، بل جعلت مجلس النواب والحكومة مرتبطة بشرعية الرئيس هادي، وهي لم تعطل الدستور، وإنما ارتكزت عليه، ولهذا الانقلاب جاء بالإعلان الدستوري، وحلّ البرلمان حتى يستكمل إسقاط الشرعية".
واعتراض" بحاح" على القرارات- حسب شحرة- يخل بمبدأ دستوري مهم في النظام الرئاسي، وهو مبدأ انسجام السلطات، ويؤكد ما اعتراضه واقعة عدم الانسجام، وذلك مبرر لاتخاذ الرئيس قرار الإقالة.
إرباك الشرعية
من جهته وصف الكاتب طارق الأثوري ردة فعل بحاح أنها:" جانبتها الحكمة وغابت عنها المصلحة الوطنية، وأخفق في الظهور بمظهر رجل الدولة الحصيف والمحنك، والقادر على التعامل باحترافية مع قرار إقالته".
وفيما يخص تأثير ردة فعل" بحاح" على صف الشرعية يعتقد" الأثوري" في حديثه لـ( الموقع):" أنه قد يحدث نوع من الإرباك الطفيف الذي يمكن تجاوزه، مالم يكن هناك تربص من قبل تيارات وشخصيات لهذه اللحظة، لجعل المشكلة تتفاقم لإضعاف صف الشرعية، وستكون مخطئة في حساباتها تماما، فقد رأت ردة الفعل القوية من الشباب اليمني على موقف" بحاح"، بحيث ظهر كمن يطلق النار ببيانه على قدميه".
ويختتم قوله:" من الحكمة أن لا تنجر شخصيات أو قوى أخرى للانتحار، فقد شاهدت أن بحاح وقف وحيدا، حين قرر أن يغرد خارج السرب، وينتصر لذاته، وظهر كأنه كان يحمل أجندة تفيد الانقلاب أكثر من الشرعية ذاتها".