على نقيض ما يجري من مباحثات لإيقاف الحرب في اليمن، حشد المخلوع والحوثي انصارهما في مشهدين منفصلين بالعاصمة صنعاء.
الاول كان حشد المخلوع صالح الذي احتشد مناصريه في السبعين، بمناسبة الذكرى الاولى لانطلاق عمليات التحالف العربي" عاصفة الحزم" ضد الانقلاب على شرعية الرئيس هادي، فيما الاخر كان للحوثيين الذين احتشدوا للذكرى نفسها في الروضة شمالي العاصمة.
وتأتي هذا الحشود، في وقت لا تزال رحى الحرب مستعرة في عدة جبهات ميدانية، في ظل استعداد أطراف الصراع بالذهاب لمفاوضات.
وبقدر ما تفاوت الحضور النسبي بين المشهدين بصنعاء، الا ان كل الطرفين يبحثان عن مخرج سياسي لحفاظ ماء الوجه، وفقا لما يرى محللون سياسيون.
ويتضح ذلك أكثر من خلال دعوة صالح، لإجراء حوار مباشر مع النظام السعودي، وداعيا في الوقت ذاته مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار لإيقاف الحرب.
وبحسب مراقبين، فإن صالح، استغل المناسبة، للتعبير عن غضبه، من دخول حلفاءه الحوثيين، في مفاوضات مباشرة مع السعودية، حيث يعتقد صالح، أن الحوثيين استغلوا الأوراق التي منحها لهم، والتي من أهمها قاعدة حزب المؤتمر الشعبي العام الجماهيرية، بهدف تحقيق مكاسب خاصة بالجماعة، بينما يرى آخرون أن الطرفين – الحوثيين وصالح – يسعون من وراء حشد أنصارهم إلى تحسين شروط التفاوض في الجولة القادمة.
وعلى غرار ما دعا له طرف الحرب الرئيسي في البلاد، فان شريكه " عبدالملك الحوثي " توجه بالقول في خطاب "متلفز" الجمعة" لقادة النظام السعودي " اتقوا الله" ان كنتم مرتاحين تحت المظلة الامريكية.
واكد الحوثي بان النظام السعودي الذي لم يرعى حق الجوار ولا اخوة الاسلام فكان هو الجار الغادر لجاره والمعتدي.
وعلى غير المعتاد بدأ عبدالملك الحوثي في خطابه اكثر خفه بتوجيه التهديد والوعيد للتحالف الذي تقوده السعودية، على نقيض خطاباته السابقة بمواصلة القتال ضدها.
ردود متتالية
توالت التعليقات والردود، من قبل الناشطين والمحللين على الحشود الجماهيرية التي نظمها حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه المخلوع علي عبد الله صالح، وجماعة الحوثي، بالعاصمة صنعاء.
صفعة للحوثيين
وتعليقا على تلك الحشود، وأهداف الحوثيين والمخلوع صالح من ورائها، قال الناشط يسري الأثوري إن الحوثيين تلقوا صفعة "أصلي" من "عفاش".
من جانبه أوضح الصحفي محمد المقبلي، أن حشود صالح والحوثيين، اليوم بصنعاء، تشير إلى أن كل طرف من الإنقلابيين، يحاول التبرؤ من الطرف الثاني، مثل "لصوص جربة قات انكشفوا أمام أهل القرية، وكل واحد يحمل الثاني المسؤولية".
الصحفي محمد سعيد الشرعبي، رأى بأن طرفي الانقلاب يستجدون السلام من السعودية، مشيرا إلى أن مطالبتهم بإيقاف الغارات الجوية، هو من أجل توسيع نار حربهم القذرة ضد تعز، حد وصفه.
ما لم يحققه السلاح لن تحققه الحشود
من جانبه، قال نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر، علي الفقيه، إن الهروب إلى حشد الجماهير بعد الفشل في فرض الإنقلاب بقوة السلاح لن يكون له أي أثر، مشيرا إلى أن سوأة تحالف الإنقلاب قد انكشفت محلياً وإقليمياً.
وأشار الفقيه، إلى أنه ليس أمام الانقلابيين، إلا "أن يطووا أوراقهم بهدوء ويبحثوا عن منفذ "ليتخارجوا" من الورطة، ولو اضطروا أن يحرثوا الحدود بعد تصفيتها من الألغام ويزرعوا مكانها ورود".
وأضاف الفقيه معلقا على حشود الحوثي وصالح: "كل ما يمكنهم الخروج به من تلك الحشود هو تحسين شروط التفاوض وتوفير مخرج أكثر أماناً من ورطة الإنقلاب التي ساقهم إليها غرور القوة وأوهام القدرات الخارقة للحليف الطائفي".
لحظة انتشاء لـ"عفاش"
من جانبه، قال الكاتب والمفكر نبيل البكيري: "كل ما في الأمر زعيم عصابة مافيا لا زال في خزائنه الكثير من المال الذي سرقه على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وها هو ينفقه ليصنع لحظة انتشاء تشعره انه بأمان و بمنأى عن الملاحقة، هذا كل ما في الأمر"، في إشارة منه إلى استخدام صالح للأموال لجمع أنصاره بصنعاء.
وخطاب البكيري صالح بالقول: "أنت انتهيت يا عفاش وكل من حولك من القطط السمان والخائفة على مصيرها".
لا تأثير على محادثات الكويت
الكاتب والإعلامي محمد جميح، أشار بدوره إلى أن إصرار المؤتمر على تنظيم فعاليته بشكل مستقل يمثل رسالة للحوثيين دون غيرهم، بأنهم أقوياء بالمؤتمر وجماهيره وليس العكس، منوها إلى أن حشود اليوم في السبعين هي رسالة للحوثيين في المقام الأول، قبل أن تكون رسالة لخصوم المؤتمر الآخرين.
وقلل جميح من تأثير الحشود التي خرجت اليوم بالعاصمة صنعاء، على سير المحادثات في الكويت، لأن محادثات الكويت، كما يرى جميح، ستكون محكومة بالمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، والحوار الوطني ونتائجه، والقرارات الدولية.
وأشار جميح إلى أن حشود اليوم رسالة للرئيس هادي وحكومته، فإذا لم يفهموها، فلن يكون الذنب ذنب مرسل الرسالة إذا لم يفهمها المتلقي، والمعنى، حد قوله، "أنه كان بإمكان تعز أن تخرج الملايين دعماً للشرعية لولا إحساسها بالخذلان"، لافتا إلى أنه على كل حشد اليوم يؤكد أن صالح هو اللاعب الرئيس على الساحة الداخلية، وأنه أراد أن يقول لبستُ قفازات الحوثي خلال الفترة الماضية، ولكني أظهر اليوم بلا رتوش ولا قفازات ولا احترازات أمنية.
من جانبه قال السفير السابق، عبدالوهاب طواف، إن هناك قاسم مشترك بين الحوثيين وحليفهم صالح، يتمثل في تيار الإمامة، مشيرا إلى أن لهذا التيار رأس وقيادة هي التي تحدد الواجهة التي تكون عليها.
وقال طواف: "حشد صالح أم لم يحشد.. حشد الحوثي أم لم يحشد.. هناك قاسم مشترك بينهما هو تيار الإمامة ولهذا التيار رأس وقيادة هي التي تحدد الواجهة التي تكون عليها".