[ أفراد من الجيش الوطني في تعز ]
من جديد عاد سباق المبادرات السياسية لإنهاء الأزمة في اليمن إلى الواجهة، بالتزامن مع اشتداد حدة المواجهات في عدد من جبهات القتال، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي بلغت مستويات غير مسبوقة منذ بدء الحرب في اليمن.
وكان من أحدث المبادرات الجديدة المبادرتان الأمريكية والسعودية لحل الأزمة اليمنية وإيقاف الحرب.
وحظيت المبادرة السعودية الجديدة بمباركة الحكومة اليمنية الشرعية والدول العربية كما باركتها الأمم المتحدة.
ويرى كثير من المراقبين أن المبادرة السعودية الأخيرة تضمنت تنازلات مهمة لأول مرة، فقد تضمنت بعضا من مطالب الحوثيين المتكررة، وأهمها فتح جزئي لمطار صنعاء والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحُديدة.
موقف الحوثيين
وبرغم ذلك فقد قوبلت المبادرة السعودية ظاهريا على الأقل برفض من قبل جماعة الحوثي، إذ غرد ناطق جماعة الحوثيين محمد عبد السلام عبر تويتر واصفا المبادرة السعودية بأنها "مبادرة موجهة للاستهلاك الإعلامي، غير جادة ولا جديد فيها".
وفي تصريحات لوكالة رويترز قال محمد عبد السلام إن "فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة حق من حقوقنا الإنسانية، وبالتالي لا ينبغي أن يستخدم كأداة للضغط علينا".
ورغم ذلك فإن جماعة الحوثي أكدت مواصلتها المحادثات مع السعودية والأمم المتحدة.
إيران على الخط
وكان الملاحظ هذه المرة دخول إيران الدولة الداعمة للحوثيين على خط الأزمة وبشكل مباشر إذ عبر السفير الإيراني لدى الحوثيين في صنعاء عن رفضه للمبادرة.
وبدت خيارات الحرب والسلام هذه المرة وقد خرجت من يد جماعة الحوثي تماما وأصبح القرار إيرانيا بامتياز.
خيار ثانوي
من واقع الحال فإن جماعة الحوثي لا تقبل بخيارات السلام إلا كلما انحشرت في زاوية ضيقة وشعرت بالهزيمة.
وهذا ما حدث في الحديدة إذ قبلت الجماعة مبادرة ستوكولهم التي أنقذتها من هاوية السقوط وخسارة مدينة وميناء الحديدة، وما إن استعادت الجماعة أنفاسها وأعادت ترتيب صفوفها ووصلها الدعم الإيراني بالسلاح حتى استأنفت هجماتها على مدن يمنية أخرى وآخرها الهجوم المستمر على مدينة مأرب.
السيناريوهات المتوقعة
إن الضغط العسكري على الحوثيين في الجبهات هو وحده قد يغير موقف جماعة الحوثي ويجبرها على القبول بالمبادرات وتغليب خيار السلام على خيار الحرب.
ويبدو أن كلا الطرفين الشرعية والتحالف وجماعة الحوثي يتجهان نحو مسار التصعيد العسكري للحصول على مكاسب سياسية.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة اشتداد حدة المواجهات والقصف المتبادل بين جماعة الحوثي عبر طائراتها المسيرة والصواريخ البالستية لاستهداف السعودية وبالمقابل زيادة الغارات الجوية التي تستهدف الحوثيين في صنعاء وجبهات القتال من قبل مقاتلات التحالف العربي.
سيناريو المراوغة
وبحسب مراقبين فإن الحوثيين لم يتضح موقفهم الحقيقي بعد من المبادرة السعودية فهم لم يرفضوها بشكل مطلق إذ ما يزالون يراوغون في القبول أو رفض المبادرة حتى يتحقق لهم أحد أمرين.
وهذان الأمران هما إما أن تتمكن الجماعة من السيطرة على مأرب أو عجزها التام عن اقتحامها وبالتالي فإن تمكنت من السيطرة على مأرب فإنها تكون قد وضعت أيديها على حقول النفط والغاز ومن ثم يمكنها التفاوض من منطق القوة لفرض شروطها ورؤيتها.
وأما في حالة العجز عن اقتحام مأرب فإن قبول الحوثيين بالمبادرة سيكون مخرجا لهم ليتم تحييد جبهة مأرب وعقد اتفاق مشابه لاتفاق ستوكهولم ويتسنى لهم التفرغ لتجهيز مقاتلين وترتيب صفوفهم من جديد ومن ثم شن الحرب على جبهات أخرى.
تجارب فاشلة
وتعليقا على مارثون المبادرات السياسية لحل الأزمة في اليمن قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني فؤاد مسعد إن هناك ضغوطا دولية مستمرة من أجل وقف الحرب.
واستدرك مسعد بالقول "لكن ما ندركه جيداً أن تجارب اليمنيين في إبرام الاتفاقيات مع المليشيات الحوثية سيئة".
يؤكد مسعد أن الحوثيين لم يلتزموا بأي اتفاق أو معاهدة سواء كانت مع القبائل أو مع الدولة أو مع الأحزاب والمكونات السياسية، حتى الاتفاقيات التي تمت برعاية ودعم إقليمي ودولي تنصل الحوثي منها وفي اتفاق ستوكهولم.
واعتبر فؤاد مسعد في سياق حديثه لـ"الموقع بوست" اتفاق ستوكهولم دليلا واضحا على أن المليشيات الحوثية لا يمكن أن تلتزم بالاتفاقيات والمعاهدات.
واختتم حديثه بالتأكيد أن المجتمع الدولي قد يكرر تجربته مع الحوثيين لكنها ستكون تجارب فاشلة مثل التجارب السابقة منذ اتفاق السلام والشراكة ومفاوضات جنيف ومفاوضات الكويت وغيرها.
الحسم العسكري هو الحل
ويتفق وديع عطا مع فؤاد مسعد بفشل المبادرات السياسية لوقف الحرب إذ يرى عطا أن أي مبادرة لن تنجح في تحقيق السلام طالما لا يزال السلاح بيد مليشيا الحوثي الإرهابية وطالما لا يزال بإمكانها تهديد الأمن اليمني والسعودي بفعل القدرة العسكرية التي توفرها لها إيران عبر أذرع الإمارات في اليمن.
ويؤكد وديع عطا أن الحسم العسكري هو الطريق الوحيد لفرض السلام وإنهاء الحرب في اليمن.