[ احتجاجات ضد الحكومة في حضرموت والانتقالي يحاول ركوب الموجة ]
تتوسع الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة ضد الحكومة اليمنية تنديدا بتردي الخدمات في العاصمة المؤقتة عدن وأبين وحضرموت، في ظل محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا المشارك في الحكومة ركوب الموجة لتحقيق مكاسب خدمة لأجندته.
وتشهد عدن ولحج وأبين وحضرموت مظاهرات غاضبة وقطع للطرقات الرئيسية دخلت في بعض المحافظات أسبوعها الثاني تنديدا بسوء الأوضاع المعيشية وتردي الخدمات، لا سيما الكهرباء والمياه إلى جانب انهيار العملة.
وفي وقت سابق اليوم اقتحم العشرات من المتظاهرين الموالين للمجلس الانتقالي مبنى السلطة المحلية في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، في استغلال واضح للاحتجاجات الشعبية المنددة بتدهور الأوضاع المعيشية.
وقالت اللجنة الأمنية في حضرموت -في بيان لها- إن المتظاهرين أضرموا إطارات السيارات وأغلقوا بعض الشوارع وأحدثوا فوضى عارمة قبل أن يقتحموا مبنى المجمع الحكومي حيث تتواجد قيادة السلطة المحلية في وادي وصحراء حضرموت.
وذكرت أن المظاهرة خرجت عن إطارها السلمي وتحولت إلى أعمال تخريب، واقتحم المتظاهرون المجمع الحكومي وأحدثوا بعض الأضرار، لافتة إلى أن متظاهرين مندسين حطموا زجاج عدد من السيارات وتكسير عدد من كاميرات المراقبة وتخريب شبكة المياه للمجمع الحكومي إلى جانب الاشتباك بالأيدي مع عدد من الجنود.
وأشارت إلى أن قوات الجيش والأمن التي تتولى حماية وتأمين المجمع الحكومي، اضطرت عقب ذلك إلى إطلاق الرصاص في الهواء لتفريقهم وإخراجهم من المجمع.
تنصل من اتفاق الرياض
لكن المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات قال -في بيان له- تعليقا على التظاهرات بمدينة سيئون: "سنعمل على دعم الأهالي في وادي حضرموت في سبيل تمكينهم من إدارة مديرياتهم وتخليصهم من إجرام قوات الحكومة الغاصبة والراعية للإرهاب"، في خطوة عدها سياسيون استطلع رأيهم "الموقع بوست" محاولة ركوب موجة الاحتجاجات لتأجيج الأوضاع ضد الحكومة وتنصل من اتفاق الرياض وإيجاد موطئ قدم له في حضرموت.
وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي علي الكثيري إن قوات المنطقة العسكرية الأولى بمدينة سيئون قابلت الاحتجاجات السلمية والعصيان المدني الذي نفذه أبناء المدينة بالرصاص الحي وحملات التنكيل، واعتبر ذلك إجراما مدان لا يصدر إلا عن قوات سماها بـ"الاحتلال الغاشم".
ومن المتوقع ازدياد الاحتقان في المحافظة الجنوبية، مع استمرار المشاكل، في ظل عجز الحكومة عن وضع حلول لمعالجتها، في الوقت الذي يعمل المجلس الانتقالي المشارك في الحكومة المشكلة مؤخرا وفقا لاتفاق الرياض الذي رعته السعودية على تأجيج الوضع لتحقيق مآرب أخرى.
ورغم عودة الحكومة إلى عدن، في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، تنفيذا لاتفاق الرياض، فإن مليشيا المجلس الانتقالي ما زالت تسيطر على عدن ولحج وأبين، ولم تشهد الأوضاع الخدمية والاجتماعية تحسنا.
وتأتي هذه الاحتجاجات مع استمرار انهيار سعر صرف العملة الوطنية، فقد تراجعت إلى 900 ريال للدولار الواحد لأول مرة منذ عودة الحكومة إلى عدن، فأدى ذلك إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية، مقابل تراجع القدرة الشرائية لليمنيين بسبب خسارة رواتبهم لقيمتها.
والجمعة، دعت ما تسمى بـ"الهيئة العسكرية العليا للأمن والجيش الجنوبي"، التابعة للانتقالي إلى الاحتشاد والمشاركة الفاعلة في التصعيد الاحتجاجي، يوم غد الثلاثاء، أمام بوابات قصر المعاشيق لاقتلاع الحكومة، حسب تعبيرها.
وزعمت الهيئة -في بيان لها- أن هذا الاحتجاج سيكون الشرارة الأولى للتصعيد الشامل الذي ستتوسع رقعته لتشمل أماكن حيوية أخرى، كما توعدت الحكومة بإسقاطها في حال لم تكبح ارتفاع أسعار السلع والمشتقات النفطية وتوقّف صرف الأجور.
تخادم حوثي
وفي السياق يرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن المجلس الانتقالي يحاول تكريس وضعية جديدة بعيدة عن التزامات اتفاق الرياض، رغم علمه أن الخروج عن الاتفاق لن يتحقق إلا إذا تلقى ضوءا أخضر من القوى التي صاغت الاتفاق المشوه وفرضته على الحكومة.
وقال التميمي في حديثه لـ"الموقع بوست" إن "الانتقالي يعبث على الساحة الجنوبية من عدن إلى حضرموت، لكنه يدرك قبل غيره أنه ليس موجوداً سوى بالتشكيلات العسكرية التي أقامتها ودعمتها وسلحتها الإمارات، ولكنه بات معزولاً عن الناس الذين صفق بعضهم لهذا المجلس قبل أربعة أعوام قبل أن يجدوا أنفسهم في وضعية مزرية جراء سلوك الانتقالي".
وأكد أن الأعمال التخريبية للانتقالي في حضرموت لا يمكن أن ترقى إلى حد السيطرة على المحافظة لعدة أسباب منها رفض سكان حضرموت للسيطرة المناطقية من قبل منطقتي الضالع ويافع على محافظتهم، ووجود فيتو إقليمي بالإضافة إلى وجود قوات تابعة للحكومة.
وتابع المحلل السياسي بالقول: "من الواضح أن الانتقالي يحاول الاستجابة لمحاولات حوثية يائسة للحصول على مأرب، وهي الخطوة التي يعتقد الانتقالي ومن بعده الإمارات أنها ستمهد الطريق لتحقيق هدف الانفصال وهو طموح يغلب عليه قصر النظر لمن لا يدركون طموحات الميلشيا الحوثية".
وأردف: "لذا يمكن القول إن ما يقوم به الانتقالي يمثل تخادماً مكشوفاً مع المليشيا الحوثية على نحو يعيدنا إلى الجذر المشترك لكل من الانتقالي والحوثيين الذي يمثله التبعية الحركية لإيران ولأهدافها الجيوسياسية، على الرغم من الارتهان الكبير للانتقالي للإمارات ومخططاتها وأطماعها".
ركوب الموجة
في الشأن ذاته قال مستشار وزارة الإعلام مختار الرحبي إن "محاولات الانتقالي إسقاط حضرموت قائمة منذ أشهر طويلة وتم إفشال كل تلك المؤامرات".
وأضاف الرحبي في حديثه لـ"الموقع بوست" أن الانتقالي يعمل على تسييس الاحتجاجات في محاولة منه لركوب الموجة للسيطرة على وادي حضرموت الذي تتواجد فيه الشرعية.
وتابع: "لو كان الانتقالي جادا في تقديم الخدمات لكان سمح للحكومة التحرك في عدن ونفذ اتفاق الرياض خصوصا الشق العسكري الذي ما يزال معلقا وما زالت مليشيات الانتقالي تسيطر على كل شيء في عدن أمنيا وعسكريا".
ودعا المسؤول الحكومي اليمنيين إلى تفويت الفرصة على الانتقالي وعدم السماح بسقوط وادي حضرموت وحضرموت بشكل عام بيد مليشيات الانتقالي التي تطمع للسيطرة على كامل تراب الجنوب بقوة السلاح، مضيفا: "إذا كان هناك من إشكاليات خدمية يجب إصلاحها من قبل الحكومة الشرعية".