[ المجلس العام الجديد ]
شكلت الأحداث التي تشهدها محافظتي المهرة وسقطرى، ابتداء من وصول القوات السعودية وسيطرتها على أغلب المراكز الحيوية في العام 2017، وانقلاب المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً على الحكومة في سقطرى في يونيو/حزيران 2020، واقعاً جديداً في المحافظات الشرقية لليمن، وهي الأحداث التي أُضيف إليها إعلان عبد الله آل عفرار الرئيس السابق للمجلس العام لأبناء المحافظتين، والذي أعلن الانحياز إلى المجلس الانتقالي الجنوبي والترحيب بتواجد أنصار الانتقالي في محافظة المهرة.
ذلك الترحيب كان محط مواجهة محافظ المهرة محمد علي ياسر الذي وجه الأجهزة الأمنية بإغلاق المنافذ المؤدية إلى "الغيضة" عاصمة المحافظة بوجه المظاهرات التي دعا لها المجلس الانتقالي.
وعبر المحافظ ياسر حينها عن رفضه لأي مظاهرات قد تؤدي إلى احتقان الشارع وجلب نزاعات مسلحة. وفي 2019، أثناء انقلاب الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً على الحكومة الشرعية في سقطرى، قدم عبد الله آل عفرار لواءً كاملاً من أنصاره للقتال في سقطرى إلى جانب المتمردين الذين تمولهم الإمارات.
خيبة الأمل تجاه المجلس العام
على ضوء ذلك خسر عبد الله آل عفرار مكانته بالمجلس العام ولدى السكان المحليين المنزعجين من تواجد القوات السعودية والمليشيات الممولة من الإمارات حسب تعبير كثير من القبائل في المهرة، وتصريحهم لوسائل إعلام بشكل متكرر، كما خسر عبد الله آل عفرار عائلته التي أعلنت عن متانة علاقتها مع سلطنة عمان، وهي العلاقة التي تفرض على العائلة الحرص على حدود عمان من تواجد قوات قد تشكل مصدر قلق للسلطنة حال سيطرتها على المنافذ البرية والجوية والبحرية للمحافظة، وأكد آل عفرار ثبات موقفهم الرافض لتواجد القوى المتنافسة على النفوذ في المحافظة وتأييدها للسلطة الدستورية للجمهورية اليمنية.
اقرأ أيضا: المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى.. كيان يواجه التحديات في ظل متغيرات عاصفة
وقال علي سالم الحريزي، وهو وكيل محافظة سابق لشؤون الصحراء وأحد الزعماء القبليين البارزين الذين تزعموا مناهضة الوجود السعودي في المهرة، إن المجلس العام لم يعد يمثل أبناء المهرة وأرخبيل سقطرى، متجنباً الحديث بشكل شخصي عن الشيخ عبد الله آل عفرار، وذهب زعماء قبليون كُثُر في ذات المنحى الذي سلكه الحريزي وعبروا عن استيائهم من قيادة المجلس العام الذي وصفوه بأنه خرج عن الأهداف التي تأسس من أجلها.
مؤتمر تصحيحي لعودة المجلس
إلى هنا هيأ هذا الإجماع المهري السقطري الرافض للتواجد السعودي في المحافظتين المعروفتين بارتبطهما التاريخي والقبلي، هيأ الفرصة لعقد مشاورات حثيثة بين زعماء القبائل الذين ظلوا على تواصل مستمر مع عائلة آل عفرار وبذلوا، منذ نهاية سبتمبر 2020، حسب أحد أعضاء المجلس، جهودا حثيثة للملمة شمل المجلس العام الذي أعلن عن مؤتمره التصحيحي الاستثنائي بتاريخ 28 ديسمبر 2020، والذي ضم زعماء وشيوخ ووجهاء المهرة، إلى جانب ممثلين عن المكونات السياسية اليمنية، وتم ترشيح قيادة توافقية جديدة للمجلس تمثلت باختيار الشيخ محمد عبد الله آل عفرار، وهو الشقيق الأصغر لعبد الله آل عفرار الذي انحاز إلى الإمارات وأعلن موقفه المؤيد للمجلس الانتقالي بعد عودته من الرياض والتقائه بنائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان.
وبهذه الخطوة استطاعت القبائل المهرية السقطرية المناهضة لمشاريع التدخل في شؤون محافظاتهم سحب البساط من عبد الله آل عفرار، وإستعادة زمام المبادرة لتصحيح مسار المجلس العام. وفي الثلاثاء الخامس من يناير الجاري، عقد المجلس العام أول اجتماعاته لترشيح 116 عضواً من المشايخ وزعماء القبائل والوجاهات كأعضاءً للهيئة الاستشارية للمجلس، ويقع ضمن مسؤولياتهم اختيار أعضاء للأمانة العامة وهو ما خرج المؤتمر به وتم الإعلان عن تسميتهم.
مقومات المجلس العام
المجلس العام هو واجهة تتكون من مشايخ القبائل في المهرة وسقطرى، وينطلق من أرضية هموم وتطلعات السكان المحليين، ويتبنى مطالبهم، وينوب عن الدولة نفسها في بعض الأمور الخدمية التي التزم بها للمواطنين، لذلك فهو يتمتع بإجماع قبلي قوي وترابط وتلاحم أصحاب الشأن، وبهذا فإن الحاضنة الشعبية ترجح كفته عند أي رهان يسعى لمقارنته بتكتلات أخرى في المحافظتين.
المجلس العام بقيادته الجديدة يتبنى رفض تواجد القوات السعودية والإماراتية في المهرة وسقطرى، ويدعو إلى خروجها من الأراضي، وبنفس الوقت يحافظ على حبال ود مع محافظ المهرة محمد علي ياسر المدعوم من السعودية، وهو شخصية توافقية استطاع أن يجمع الصفوف وفق المتاح والممكن، ويجنب المحافظة أي فتيل لنزاعات قادمة، ويتشارك مع المجلس العام بتأييد الشرعية اليمنية وعبد ربه منصور هادي، وهذا يكفي لأن يجعله في خانة المجلس إزاء محاولات نقل الانتقالي الجنوبي معاركه إلى المهرة، وهنا يختلف الأمر في سقطرى التي تعاني من واقع أَمَر، حيث تسيطر الإمارات على الأرض وعلى القرار معاً.
المجلس الذي وُلد حديثا في المهرة بشكله الجديد ويحظى بتأييد القبائل الرافضة لمليشيا الانتقالي المدعوم إماراتياً، أعلن أن كل خطوة جرى تنفيذها في المهرة ستنفذ بسقطرى بالتوازي، وهذا ما يعقد عليه السكان المحليون أمالهم في أن تتخلق قوة في سقطرى، تتمكن من إبداء ممانعة لما تتعرض له الجزيرة من احتلال إماراتي وسيطرة على القرار والموارد والمنافذ وتجريف المعالم التأريخية المهمة.
إمكانية تحقيق الأهداف
يتبادر إلى الأذهان هنا تساؤل عن مدى إمكانية نجاح المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى بالضغط على القوات السعودية والإماراتية وإجبارها على رفع قواتها، فالحاصل على الأرض الآن لا يعدو كونه خلق توازن قوى يعيق تحركات القوات الخارجية داخل المحافظتين ولكنها لا تمنعها تماماَ.
وحول هذا الأمر قال علي مبارك محامد لـ"الموقع بوست"، وهو المتحدث الرسمي باسم لجنة الاعتصام السلمي بالمهرة، إن المجلس تأسس بالمقام الأول للمطالبة بإقليم المهرة وسقطرى على حدود 1967، وإن المجلس يسعى لأن يكون له موقف بارز من تواجد القوات الأجنبية في المهرة وسقطرى، وهو يضغط بكل الوسائل المتاحة لذلك.
محامد الذي اختير مؤخرا كعضو بالأمانة العامة للمجلس العام قال إن المجلس الآن يعمل على الحد من انتهاكات القوات السعودية في محافظة المهرة، والقوات الإماراتية في محافظة سقطرى، ويضيف أن المجلس يعمل لضمان حقوق أبناء المحافظتين وتبني مطالباتهم والضغط لنيل استحقاقاتهم بالمشاركة السياسية والدبلوماسية في اليمن.
وبشأن لجنة الاعتصام، يقول مبارك إنها تأسست في 2018 على خلفية مباشرة لتواجد القوات السعودية والإماراتية في المهرة، ويربطها مع المجلس العام أن قيادات اللجنة هم من مؤسسي المجلس، ويستحضر أسماء مثل الشيخ علي سالم الحريزي والشيخ عبود بن هبود.