[ طفل أصيب بقصف حوثي استهدف أحياء سكنية في تعز ]
تدهورت الأوضاع الإنسانية في اليمن بشكل غير مسبوق عقب اندلاع الحرب في اليمن، وتعرض المواطنون لمختلف أنواع الانتهاكات التي ما تزال مستمرة حتى اليوم.
عانى المواطنون في مختلف المحافظات من انتهاكات مختلفة، تؤكدها تقارير حقوقية عديدة أكدت تورط الأطراف المختلفة في اليمن بارتكابها وهي جماعة الحوثي والتحالف العربي والحكومة وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".
تصدرت جماعة الحوثي كالعادة رأس قائمة الانتهاكات التي تنوعت ما بين قصف الأحياء السكنية، وتعذيب المعتقلين، والإخفاء القسري والاعتقال، وزراعة الألغام، وتجنيد الأطفال وغيرها.
وشجع استمرار الأطراف المختلفة بارتكاب الانتهاكات -كما يبدو- بقاء الحرب مشتعلة حتى يومنا هذا، وغياب الدولة ومؤسساتها، وصمت المجتمع الدولي إزاء ما يعانيه الشعب اليمني.
المأساة بالأرقام
ويؤكد فريق خبراء الأمم المتحدة الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، أن مختلف الأطراف في اليمن متهمة بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مؤكدا أن التحالف العربي نفذ بعض الغارات الجوية دون مراعاة مبادئ التمييز والتناسب وتوخي الحيطة والحذر لحماية المدنيين والأعيان المدنية.
واتهم الفريق كلا من التحالف والحوثيين بتنفيذ هجمات عشوائية، ما ألحق الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية، مشيرا إلى أن الهجمات غير المتناسبة والعشوائية تمثل جرائم حرب بموجب القانون الدولي العرفي.
ووفقا لإحصائية صادرة عن فريق الخبراء، فقد أدت الحرب إلى مقتل نحو 112 ألف شخص، نتيجة مباشرة للأعمال العدائية المختلفة، وتقول الأمم المتحدة إن من بينهم 12 ألف مدني.
في تعز وحدها، قتلت جماعة الحوثي 691 مدنيا، وأصابت 2898 شخصا، عن طريق القصف العشوائي، منذ بدء الحرب حتى منتصف العام الجاري، بحسب منظمة رايتس.
منظمة "سام" بدورها كشفت في تقرير حديث لها عن تعرض أكثر من 30 ألف طفل للانتهاكات خلال الحرب من قبل جماعة الحوثي بنسبة 70 في المئة، والتحالف العربي بنسبة 15 في المئة، والحكومة اليمنية بنسبة 5 في المئة، وأطراف أخرى (لم تسمها) بنسبة 10 في المئة.
وأوضحت أن "1300 طفل قتلوا نتيجة تعرضهم لشظايا قاتلة من قبل جماعة، و190 آخرين نتيجة إصابات مباشرة بالرصاص، بينما قتل 175 بالقنص المباشر، و250 طفلا نتيجة إصابتهم بشظايا الألغام، و3 آلاف طفل في جبهات القتال، في حين قتل 800 طفل بقصف طيران السعودية والإمارات"، مشيرة إلى أن عدد القتلى من الأطفال في تعز بلغ 1000.
وبخصوص ملف المعتقلين، تحدث التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد) عن وجود أكثر من 20 ألف معتقل في 790 سجنا رسميا وغير رسمي في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، وتتحدث تقارير حقوقية أخرى عن وفاة أكثر من 100 شخص بسبب التعذيب في المعتقلات.
وبحسب رصد، فإن جماعة الحوثي قامت بتجنيد نحو 7 آلاف طفل في صفوفها، وهناك أيضا 6 آلاف شخص راحوا ضحية الألغام التي تزرعها.
أما آخر إحصائية بشأن الحريات الإعلامية، فقد سجل مرصد الحريات الإعلامية في اليمن خلال نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، تسع حالات انتهاك، تنوعت بين 7 أحكام إعدام وحالة اعتداء واحدة وحالة تهديد أخرى، 8 منها في صنعاء.
وفي تقرير حديث صدر عن منظمة "سام"، تم توثيق أكثر من 120 انتهاكا قامت بها قوات الانتقالي خلال ثلاثة أشهر فقط، بينها 50 اعتقالا تعسفيا وتهجيرا مناطقيا في العاصمة المؤقتة عدن.
وتقول منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، إن نصف إجمالي اليمنيين سيعانون من الجوع العام القادم 2021، في ظل الحرب التي تشهدها البلاد منذ ست سنوات والتدهور الاقتصادي الحاصل، وإن طفلا من بين كل خمسة أطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد.
واقع قاتم وتقاعس دولي
وبناء على ذلك، يصف الناشط الحقوقي محمد الأحمدي واقع حقوق الإنسان في اليمن بالقاتم، مشيرا إلى أن الوضع في اليمن لم يكن مثاليا قبل الحرب، لكن كان هناك مؤسسات شبه قائمة كالمحاكم.
أما اليوم، هناك سحق لحقوق الإنسان، وغياب منظومة العدالة وسيادة القانون والمساءلة، بحسب الأحمدي في حديثه لـ"الموقع بوست"، والذي أكد أن الوضع الحالي في اليمن هو أسوأ فترة مرت بها اليمن من ناحية الإنسان.
وزاد الأحمدي: "ما يشجع أطراف الحرب على ارتكابهم الانتهاكات، هو غياب المحاسبة والمساءلة، وإفلاتهم من العقاب، وكذا تغول جماعات العنف في الشأن العام، وسيطرتها على المشهد، وهو ما مثل انتكاسة كبيرة لحاضر ومستقبل اليمنيين".
بدوه يؤكد الصحفي والناشط الحقوقي أحمد الصهيبي، أن الحرب التي تعيشها اليمن واستمرارها طيلة هذا الوقت، ساعد في ارتكاب مزيد من الانتهاكات بحق المدنيين الأبرياء في عموم محافظات اليمن.
ومما ساهم أيضاً في استمرار ارتكاب مثل هذه الانتهاكات المخالفة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، كما يفيد لـ"الموقع بوست"، هو تقاعس المجتمع الدولي في الضغط على مختلف الأطراف لوقف هذه الحرب، وبالأخص الجماعات المسلحة التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، من خلال القصف العشوائي والقنص والتهجير القسري وزراعة الألغام.
ضرورة إيقاف الحرب
وأدى الوضع الحالي إلى تفاقم معاناة اليمنية ليس فقط بسبب الانتهاكات التي يتعرضون لها، بل أيضا نتيجة للتدهور الاقتصادي الحاصل، وتفشي الأمراض والأوبئة.
ويعتقد الناشط الحقوقي الأحمدي أن الحل لإيقاف الانتهاكات التي تطال اليمنيين، يتمثل باستعادة الدولة، ومؤسسات إنفاذ القانون والعدالة، والقضاء، والمحاكم، والنيابات، ليتم محاسبة ومساءلة منتهكي حقوق الإنسان الذين يمارسون جرائمهم بكل أريحية.
وحول ما إذا كان يمكن أن ينال مرتكبو الانتهاكات العقوبة بعد انتهاء الحرب، أكد أن ذلك سيحدث كون ما قاموا به جرائم لا تسقط بالتقادم، واليمنيون موقنون بالعدالة الإلهية، وأن كل مجرم حرب أو ديكتاتور سينال عقابه.
فيما يتوقع الناشط الحقوقي الصهيبي استمرار ارتكاب انتهاكات كثيرة بحق المدنيين في دول العالم ومنها دول العالم الثالث بشكل أخص، التي تشهد نزاعات مسلحة ولا سيما اليمن، ومرد ذلك إلى نشاط حركة تجارة الأسلحة، وتدفق الأموال التي تدعمها أطراف دولية، ما يؤدي إلى استمرار هذه النزاعات المسلحة.
ومؤخرا تعهد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث باستمرار جهوده الرامية إلى إيقاف الحرب، دون حرمان اليمنيين من الحصول على حقهم في محاسبة قادتهم.
وسبق أن وجه فريق الخبراء الدوليين بشأن اليمن اتهامه لعدد من الدول من بينها بريطانيا وإيران وكندا وأمريكا وفرنسا بإطالة أمد الصراع.