تابع الشارع اليمني مجريات الانتخابات الأمريكية هذه المرة بشكل مختلف وغير مسبوق، وكأنها انتخابات محلية، وذلك لاعتقاد الكثير من اليمنيين وخاصة قيادات أطراف الصراع بأن النتائج التي ستفضي إليها لا شك ستسهم في تغيير مجريات الأحداث في اليمن وفي مقدمتها توجيه بوصلة الحرب والسلم.
وقد سارع رئيس الجمهورية، المقيم في الرياض، عبد ربه منصور هادي، في بعث برقية تهنئة للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، بعد ساعات قليلة من نشر وسائل إعلام أمريكية ودولية نبأ فوز الديمقراطيين بالسباق الرئاسي وخسارة الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب.
رئيس الجمهورية يهنئ جو بايدن بمناسبة إنتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية https://t.co/QtbmdSI8Xl
— عبدربه منصور هادي (@HadiPresident) November 7, 2020
أشاد هادي في برقيته التي جاءت مقتضبة "بالعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين"، وأكد تطلعه "لتعزيز هذه العلاقات وتطويرها بما يخدم البلدين والشعبين الصديقين" .
وعلى غرار الرئيس، بعث نائبه الفريق علي محسن برقية إلى نائبة الرئيس الأمريكي "كامالا هاريس"، أشار فيها إلى تطلع القيادة الشرعية المعترف بها في اليمن للعمل مع القيادة الأمريكية الجديدة "لخدمة السلام والاستقرار في المنطقة واليمن على وجه التحديد".
Congratulations to U.S. VP-Elect @KamalaHarris on winning the presidential election. Look forward to strengthening bilateral ties & mutual cooperation bet our two countries in various areas, incl security & counter terrorism, & achieving peace & stability in Yemen & the region.
— علي محسن صالح الأحمر (@alimohsnalahmar) November 8, 2020
وانتهز نائب الرئيس برقيته للتذكير "بانقلاب مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران"، قائلاً إن تلك المليشيات "انقلبت على إرادة الشعب والتجربة الديمقراطية والمرجعيات الوطنية والدولية المتمثّلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصلة وخلفت بانقلابها الدمار والخراب والمآسي" .
نائب رئيس الجمهورية يبعث برقية تهنئة إلى نائبة الرئيس الأمريكي @KamalaHarris معبراً عن تطلعه تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وتطوير التعاون في مختلف المجالات لا سيما في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب وإيقاف العبث الإيراني في اليمن، والعمل من أجل تحقيق السلام pic.twitter.com/c3RUBcZ65F
— علي محسن صالح الأحمر (@alimohsnalahmar) November 8, 2020
وأعرب الفريق محسن عن أمله في الرئاسة الجديدة للولايات المتحدة بقيادة بايدن، في تعزيز العلاقات "لا سيما في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب وإيقاف العبث الإيراني وعبث حزب الله في اليمن، والعمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في بلادنا والمنطقة".
في الطرف الآخر، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحوثيين على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، رغم اهتمام الجماعة الأصيل بالولايات المتحدة، في شعارها "الصرخة" وإصدار إحدى المحاكم الخاضعة لها حكماً بإعدام الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي اتهموه مع قيادات عربية أخرى بالمسؤولية عن عملية قتل رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى السابق صالح الصماد الذي قتل في ضربة جوية لطيران التحالف قبل نحو عامين.
واكتفت وسائل الإعلام الرسمية التابعة للحوثيين بنشر تعليقات القيادات الإيرانية وموقفها من القيادة الأمريكية الجديدة، كدعوة رئيس إيران حسن روحاني "الإدارة القادمة إلى الاستفادة من الفرصة المتاحة لتعويض أخطاء الماضي".
#المسيرة_عاجل | روحاني: يجب أن تنتهز الإدارة الأمريكية المقبلة الفرصة الحالية للتعويض عن أخطاء الماضي
— المسيرة - عاجل (@alosbou) November 8, 2020
كما أبدوا اهتماماً أكبر بتعليق المرشد الإيراني علي الخامنئي في تغريدات على تويتر بشأن الانتخابات الأمريكية والتي أشار فيها إلى أن "عداء أمريكا لإيران نابع من كوننا لم نرضخ لسياساتهم الظالمة"، واصفاً الانتخابات الأمريكية بـ"نموذج للوجه القبيح للديمقراطية الليبرالية في أمريكا".
#المسيرة_عاجل | السيد علي الخامنئي: عداء أمريكا لإيران نابع من كوننا لم نرضخ لسياساتهم الظالمة
— المسيرة - عاجل (@alosbou) November 8, 2020
لكن قيادات بارزة في المليشيات عبرت عن وجهة نظرها بشكل غير مباشر، حيث استحضر محمد علي الحوثي، في تغريدة له، ما تحدثت عنه وسائل إعلام سعودية وإماراتية في الغالب، عن علاقة وطيدة بين الديمقراطيين وجماعة الإخوان التي تصنفها الرياض وأبوظبي كجماعة إرهابية.
وقال الحوثي إن رهان "صداقة الديمقراطيين عميقة بالإخوان ورهان الديمقراطيين بإيقاف العدوان على اليمن قد يكون مُجديًا من هذا المنطلق".
صداقة الديمقراطيين عميقة بالإخوان ورهان الديمقراطيون
— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) November 7, 2020
بإيقاف العدوان على اليمن قد يكون مجدي من هذا المنطلق
وخصوصا بعد تعنتهم على السعودية بعدم تنفيذ اتفاق الرياض
ولا أعتقد أن السعوديين سيعطونهم فرصة كهذه.
أما رهان شعبنا فهو الرهان على الله حتى تحقيق السلام المشرف أو النصر المؤزر
وأعتبر الحوثي تعثر تنفيذ الرياض بين الحكومة اليمنية (تصنفها الإمارات كحكومة جماعة الإخوان أو حزب الإصلاح) والمجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، مؤشرا على ذلك، مضيفا "لا أعتقد أن السعوديين سيعطونهم فرصة كهذه"، في إشارة إلى قيادة الإصلاح المقيمة في الرياض.
وأشار الحوثي إلى "ردود الفعل الكثيرة على نتائج الانتخابات الأمريكية". وقال في تغريدة أخرى إنها "تؤكد الضرر الذي فعلته سياسة ترامب في العالم بغض النظر عن ماذا سيقدم خلفه بايدن رغم إفصاحه في برنامجه الانتخابي ببعض الخطوات".
ردود الفعل الكثيرة على نتائج الانتخابات الأمريكية تؤكد الضرر الذي فعلته سياسة #ترامب في العالم بغض النظر عن ماذا سيقدم خلفه #بايدن رغم افصحه في برنامجه الانتخابي ببعض الخطوات
— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) November 8, 2020
في المقابل، ذهب قادة المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات إلى أبعد من التعليق على فوز بايدن، حيث بعث رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي (يقيم في الرياض)، برقية تهنئة، ناقلاً فيها "تهانيه وقيادة المجلس الانتقالي وشعب الجنوب للرئيس بايدن بهذه المناسبة".
وأكد الزبيدي في البرقية التي نشرها موقع المجلس، على حرص الانتقالي على توطيد العلاقات مع أمريكا وأن تتضافر الجهود "في مواجهة التحديات المشتركة ومنها خطر الإرهاب من خلال دعم الإدارة الأمريكية للأجهزة الأمنية الجنوبية في مكافحة هذا الخط"، حسب قوله.
الرئيس الزُبيدي يهنئ الرئيس جوزيف بايدن بمناسبة انتخابه رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكيةhttps://t.co/ZuhMQgXIKy pic.twitter.com/S3gu68lbZE
— المجلس الانتقالي الجنوبي (@STCSouthArabia) November 7, 2020
وتمنى الزبيدي في برقيته أن تولي الإدارة الامريكية الجديدة اهتماماً خاصاً بمطالب الانتقالي والمتمثلة في الانفصال عن اليمن، والتي عبر عنها الزبيدي في دعوته لدعم الإدارة الأمريكية "نضال شعبنا للوصول إلى ما يطمح إليه من حياة حرة كريمة".
الشيخ السلفي هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي، ألمح في تغريدة له إلى تعاون سابق بين المجلس والإدارة الأمريكية. وقال "إننا سنعمل كما كنا على التعاون المثمر مع الأصدقاء الإمريكيين لمكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله".
نهنئ الشعب الإمريكي الصديق انتهاء الاستحقاق الانتخابي الرئاسي واختيار الرئيس المنتخب #جو_بايدن ونؤكد بأننا سنعمل كما كنا على التعاون المثمر مع الأصدقاء الإمريكيين لمكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله.
— هاني بن بريك (@HaniBinbrek) November 7, 2020
والعمل على إحلال السلام في منطقتنا بما يخدم شعوبها.
من جهته، قال نائب رئيس البرلمان مستشار الرئيس، عبد العزيز جباري، إنهم ينظرون "لفوز بايدن من زاوية مصلحة اليمن فقط".
وأضاف في تغريدة على حسابه بتويتر "نعتقد أن تغيير الإدارة في أمريكا فرصة جيدة يجب استغلالها من أجل تحقيق السلام في بلادنا".
ننظر لفوز بايدن من زاوية مصلحة اليمن فقط ونعتقد ان تغيير الادارة في امريكا فرصة جيدة يجب استغلالها من اجل تحقيق السلام في بلادنا .
— عبدالعزيز جباري (@Abdulazizjupari) November 7, 2020
وعبر الكثير من الساسة والنشطاء اليمنيين عن مواقف متباينة من فوز بايدن، لكنها تشير في مجملها إلى أمل اليمنيين بأن يكون للإدارة الأمريكية الجديدة دور في إنهاء الصراع المحتدم في البلاد منذ ست سنوات.
ويرى اليمنيون أن الحرب الدائرة في بلادهم ما هي إلا حربا بالوكالة بين السعودية وإيران عبر أدواتهما المحلية (الحكومة الشرعية والحوثيين)، ومن ورائهما الولايات المتحدة وروسيا، ويعتقدون أن قرار الحرب مرهون بالقوى الدولية والإقليمية، ويأمل أصحاب كل فريق أن ترجح الإدارة الأمريكية كفة الصراع إلى صالحه، سواء كان ذلك عبر المفاوضات والسلام أو عبر العمليات العسكرية الجارية على الأرض هذه الأيام بوتيرة عالية.