[ مستقبل العملية التعليمية في اليمن في ظل الحرب وكورونا ]
بدأ العام الدراسي مطلع الشهر الجاري، في المحافظات التابعة للحكومة اليمنية، وفي ظل صعوبات كثيرة تواجه العملية التعليمية من بينها استمرار انتشار كورونا في اليمن، الذي بسببه تم إيقاف الدراسة منتصف مارس/آذار الماضي.
برغم خطورة فيروس كورونا، إلا أنه ليس هو هو ما يثير مخاوف الطلاب وأولياء أمورهم وكل العاملين في حقل التعليم، فالكثيرون لم يعيروه أي اهتمام، ولم يتم فرض حظر صحي مثلما حدث في كثير من بلدان العالم.
وتواجه العملية التعليمية في اليمن مشكلات كثيرة خاصة مع استمرار الحرب، جعلت جميعها التعليم يتراجع كثيرا، الأمر الذي يُشكل خطرا على مستقبل البلاد التي تتزايد فيها أعداد المتسربين من المدارس بسبب الفقر والنزوح وغيره.
توقف وانعدام الحماس
يبدو هذا العام غير حافل بالنشاط ككل الأعوام الدراسية التي كانت قبل الحرب، ويعود السبب في ذلك إلى الهموم الكثيرة التي أصبح يعيشها المواطن اليمني سواء كان طالبا أو حتى معلما.
فعلى غير عادة ريم أحمد مثنى (طالبة في الصف الأول ثانوي)، لم تحضر حقيبتها المدرسية منذ مساء اليوم السابق استعدادا لعام دراسي جديد، بعد إجازة استمرت لأشهر.
تفيد لـ"الموقع بوست" أنها لا تشعر بأي سعادة، "فنحن كثيرا ما كنا ندرس، ثم فجأة ننقطع عن الذهاب إلى المدرسة، إما بسبب القصف، أو النزوح، أو كورونا"، مؤكدة أنها لم تعد متحمسة كثيرا للدراسة بسبب عدم الانتظام الحاصل، وعدم توفر أساتذة لكل المواد مثلما حدث العام الماضي، وعزز شعورها ذاك، عدم دراسة أختها في الصف السابع معها.
وبرغم استئناف الدراسة، إلا أن ذلك اقتصر فقط على طلاب الثانوية العامة، أما التعليم الأساسي فظل متوقفا على أن يبدأ مطلع الشهر المقبل، بقرار من وزارة التربية والتعليم، التي استندت على توصيات اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا، وهو الأمر الذي لاقى استفسارات كثيرة عن مبرراته.
ومن المتوقع أن يتم استئناف دراسة باقي المراحل في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ومن غير المستبعد أيضا أن تكون دراسة الطلاب على فترات، بسبب انتشار فيروس كورونا.
لا إجراءات احترازية وهموم أخرى
مثلما حدث في الحياة العامة بخصوص كورونا، يتكرر الأمر في المدارس التي تعج بمئات الطلاب، ودون أي إجراءات احترازية ولا تباعد اجتماعي.
ولا يثير ذلك الأمر مخاوف كثير من أولياء الأمور، فهناك ما يشغلهم، وهو غلاء الأسعار الذي جعل أغلبهم عاجزين عن توفير كل ما يحتاجه أبناؤهم من مستلزمات، كالدفاتر والأقلام وغيرها.
تذكر نادية مهيوب لـ"الموقع بوست" أنها بالكاد اشترت بعض الدفاتر لأبنائها الثلاثة الطلاب في المدارس، أما الزي المدرسي فجعلتهم يرتدون زيهم القديم برغم أن حجمه لم يعد ملائما لهم.
وكانت المدارس تحرص سابقا على ارتداء الطلاب زيا موحدا، إلا أن أغلبها مع الحرب والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون، جعلت العديد منها لا يتدقق على لبس الطالب.
معوقات التعليم
وتشهد العملية التعليمية في اليمنوتدهورا غير مسبوق، وذلك بسبب الدمار الذي تعرضت له المدارس، ونزوح آلاف اليمنيين داخليا أو لسفرهم إلى خارج البلاد، والأوضاع غير المستقرة، فضلا عن التغيير الموجه في المناهج من قبل الحوثيين في مناطق سيطرتهم، وانقطاع الرواتب أو عدم انتظامها.
يقول عبده علي (أستاذ تربوي): "صحيح بأننا نعمل، لكن نبذل جهدا كبيرا، فقد تم التخلي عن المتطوعين في بعض المدارس بسبب افتقارهم للمهارات المطلوبة، وتوقف البعض أيضا عن العمل، وتحملنا عبئا بسبب نزوح زملائنا الآخرين".
وتابع لـ"الموقع بوست": "كما أن راتبنا لم يكفينا لنعيش بهدوء، خاصة مع استمرار ارتفاع الأسعار، وتأخر حصولنا على مستحقاتنا المالية من حين لآخر بتعز، مما يدفع الكثير منا للعمل في معاهد أو مهن أخرى".
وتلجأ كثير من المدارس للمتطوعين لسد العجز الحاصل في عدد المدرسين. كما أن أغلبها لا تتوفر فيها الكتب المدرسية، ويضطر الطلاب لشرائها، أو طباعتها، أو استعارة المنهج من طلاب سبقوهم.
ومع تراجع العملية التعليمية، تضطر كثير من الأسر إلى تدريس أبنائها في معاهد خاصة ليتعلموا المواد المهمة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيره، ليضمنوا حصولهم على تعليم جيد، ويدفعون مقابل ذلك مبالغ مالية تزيد أعباءهم المادية، لكنهم مضطرين لها، كما أكد العديد منهم لـ"الموقع بوست"، خاصة بسبب عدم إكمال المناهج والانقطاعات المتكررة للدراسة.
وتؤكد منظمة اليونيسف -في إحصائية سابقة لها- أن هناك مليوني طفل خارج المدارس في اليمن، و3.7 ملايين آخرين معرضون لخطر التسرب مع بدء العام الدراسي، مما يجعلهم عرضة إما للتجنيد أو ضحايا الزواج المبكر وغير ذلك من المشكلات.