[ مليشيات الانتقالي المدعوم من الإمارات بعدن تنهب أموال البنك المركزي ]
تتكرر عمليات نهب أموال الدولة منذ انقلاب سبتمبر/أيلول 2014 وحتى اليوم، مع اختلاف الفاعل وذلك في كل من شمال اليمن وجنوبها.
مع سيطرة الحوثيين على البلاد، قامت الجماعة بالسطو على أموال البلاد ونهب البنك المركزي بكل ما فيه، حتى الاحتياطي النقدي للبنك المركزي المقدر بأربعة مليارات دولار.
ولا تزال ممارساتهم تلك قائمة، فهم يستولون على الإيرادات المختلفة في مناطق سيطرتهم، دون أن يسلموا حتى رواتب الموظفين هناك، الأمر الذي زاد معاناتهم يوما بعد آخر.
الأمر ذاته حدث أيضا في الجنوب، فقد بدأ الانتقالي بتحويل إيرادات مؤسسات عديدة إلى حسابات خاصة به، ومن وقت لآخر يقومون بنهب أموال البنك المركزي في عدن وحضرموت مؤخرا بمجرد وصولها إلى الميناء.
لكنهم بعد مرور بعض الوقت، يعيدون تلك الأموال بطريقة غير واضحة. واليوم كذلك تكرر ذات المشهد، فقد نهبت عصابة مسلحة رواتب منتسبي مكتب التربية والتعليم بمديرية البريقة (120 مليون ريال)، بعد خروج مندوبهم المالي من مديرية كريتر حيث يقع البنك المركزي.
وتستمر الحكومة بإدانة ممارسات الحوثي والانتقالي، لكن ذلك لم يوقف معاناة المواطنين، علما بأن اليمن لم تستلم سوى 40 بالمئة فقط من إجمالي تعهدات المانحين الدوليين التي وعد المانحون بها في الاجتماع الذي عقدا مؤخرا.
تدمير ما تبقى من ثقة
ومؤخرا برر الانتقالي في تصريحات صحفية ممارساته تلك، بأن السماح بدخول الأموال يؤثر على العملة المحلية، وخلق حالة من التلاعب والمضاربة.
يقول الصحفي والباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي إنه مهما كانت المبررات على جانب من الدورة النقدية الرسمية النوايا، فإنه لا يقر بها العالم والسوق المصرفية والتعاملات التجارية والمصرفية وغيرها، تكون نتيجتها آحادية سلبية.
وأَضاف لـ"الموقع بوست" أنه مقابل التركيز على نتائج السطو على فئات نقدية ذات طبعة جديدة من العملة اليمنية، كانت في طريقها للبنك المركزي اليمني، لا بد أيضا من استحضار جانب النتائج الأخرى، منها: استمرار حكومة هادي في الدفع نحو مزيد من التضخم الكلي، والذي سينعكس سلبا على ما تبقى من مظاهر أنشطة اقتصادية وعلى عملة بلد منهك، وأسعار السلع والمواد الاستهلاكية.
ورأى الشرعبي أن خروج المنظومة النقدية من دائرة البنك المركزي اليمني، لتصبح في متناول كيانات ليست مشمولة ضمن قانون البنك المركزي، الذي حدد كيف تُدار الدورة النقدية، يفرز وضعا سلبيا ويتلخص في تدمير ما تبقى من صورة شكلية للثقة بالقطاع المصرفي اليمني.
وحذر من خطورة ذلك، كون فقدان الثقة بالقطاع المصرفي اليمني الهش، ستؤدي نتيجته إلى إعادة النظر في حسابات قطاع الاستيراد والحسابات البنكية الخاصة بالحكومة اليمنية والجهات التجارية في الخارج.
أما في الداخل، سيدفع القطاع المصرفي فاتورة باهظة، وستحل السوق السوداء بديلا عن السوق الرسمية. ناهيك على توفير السيولة لشراء السلاح خارج منظومة الدولة وإطالة أمد الصراع والاقتتال، وفق الشرعبي.
لا قيمة للأموال المنهوبة
مع تكرار تلك الممارسات من قِبل الانتقالي وإعادتهم أموال الدولة بعد السطو عليها، يقول الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي، إن ذلك له أبعاد سياسية أكثر مما هي اقتصادية، في إشارة إلى صراعات المجلس مع الحكومة في جنوب اليمن.
وأوضح لـ"الموقع بوست" أن الأموال التي يتم نهبها، لا قيمة لها، ولا يمكن للانتقالي حتى صرفها، فيما لو تم إنزالها إلى الأسواق لمحاولة استخدامها، بحكم أن البنك المركزي بعدن، سيكون قادرا على مواجهة نهب الانتقالي لتلك الأموال، وذلك بعمل إعلان عن أرقامها التسلسلية، فتصبح ملغية.
ولفت العوبلي إلى أن هذه الأموال التي يتم طباعتها تستخدم لتغطية النفقات و تسليم رواتب الموظفين، واستبدال الأوراق النقدية التالفة المنتشرة في السوق بأوراق جديدة يمكن تداولها.
أما فيما يتعلق بتأثير طباعة المزيد من العملة على الاقتصاد، فيذكرالعوبلي أن لا تأثير سواء ايجابي أو سلبي طالما التزمت الحكومة بعدم إنزال أي مبالغ إلا وقد سحبت ما يساويها من العملة القديمة التالفة، لأن ضخ سيولة إلى السوق وزيادة العرض النقدي سيؤدي إلى زيادة في التضخم ولو بنسبة بسيطة.
حلول
وأدى تدهور الوضع الاقتصادي واستمراره يوما بعد آخر، إلى فقدان الريال اليمني قيمته وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية وغيرها، بلغت خلال أزمة كورونا فقط أكثر من 30%، وهو الأمر الذي أرهق المواطن اليمني.
وفي ظل وضع يزداد قتامة كل يوم أكثر، يعتقد الباحث الاقتصادي الشرعبي أنه لم يعد يٌجدي غير أن تُشكل لجنة خبراء من ذوي الصلة والكفاءة بالقطاع المصرفي اليمني وغير محسوبة على أي طرف، وتٌوكل إليها مهام إدارة البنك المركزي اليمني، وفقا للقانون واللوائح والتشريعات المنظمة لهذا القطاع وعمل البنك المركزي، وتتوالى لجنة الخبراء هذه المسؤولية مع توفير كافة الضمانات لعدم التدخل في مهامها.
وأدى نهب الحوثيين أموال الدولة طوال فترة الحرب ووجود بنكين في اليمن، إلى تدهور مستمر في اقتصاد البلاد، وأصبح هناك فارق كبير في سعر صرف العملات بين شمال اليمن وجنوبه، وذلك بعد منع تلك الجماعة تداول العملات ذات الإصدار الجديد في مناطق سيطرتها.
ووصل سعر صرف الدولار في المحافظات الجنوبية إلى 753 ريالا شراء، و 612 ريالا في مناطق الحوثيين، وهناك أيضا فارق سعر بين العملة الجديدة والقديمة، إذ تزيد قيمة الأخيرة بأكثر من الربع.