[ أرشيف ]
أثار التصعيد الأخير للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا بإعلانه حالة الطوارئ والحكم الذاتي في الجنوب التساؤلات حول علاقة الرياض وأبو ظبي، وهل ثمة صراع وتنافس بينهما أم أن الدولتين تقومان بتبادل الأدوار لتحقيق أهداف متفق عليها مسبقاً.
مواقف موحدة
على الرغم من اندلاع مواجهات بين قوات تابعة للرياض وأخرى لأبو ظبي في منشأة بلحاف بشبوة، الأمر الذي اعتبره مراقبون دليلا على تفجر الصراع بين الدولتين، فقد جاءت مواقف البلدين متفقة ومتناسقة بشأن الموقف من تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي.
وبرغم اتساق موقف أبو ظبي وتاغمه مع موقف الرياض فإن الوقائع على الأرض تؤكد استمرار دعم أبو ظبي للمجلس الانتقالي، وإعلان الأخير "الحكم الذاتي" الموقع باسم رئيس المجلس عيدروس الزبيدي المتواجد في أبو ظبي يؤكد أن الانتقالي يستحيل أن يقوم بالخطوة دون إيعاز ورضى من قبل أبو ظبي.
فهل كشف تصعيد الانتقالي الأخير -والذي يعني انتهاء وثيقة اتفاق الرياض- حقيقة العلاقة بين الرياض وأبو ظبي؟
صراع وتنافس
الخبير العسكري اليمني علي الذهب يقول إن ما يحدث بين الرياض وأبو ظبي هو صراع مائي وتنافس حاد بين الدولتين على تقاسم النفوذ والمصالح والحلفاء في اليمن.
وقال الذهب في حديث خاص لـ"الموقع بوست": "في حين أمنت الرياض حدودها في حضرموت والمهرة، تريد أيضًا أن يكون لها نفوذ في عدن"، معللاً ذلك بكون الرياض تود أن تضمن عدم سيطرة أبو ظبي على باب المندب، لأن سيطرة الأخيرة على باب المندب يعني أن السعودية لم تتخلص من التحكمات الإيرانية في مضيق هرمز.
وبشأن التنافس والخلاف على الحلفاء في اليمن قال الذهب إنها واضحة، ففي حين تملك أبو ظبي وكيلين أحدهما في الشمال والأخر في الجنوب وهما المجلس الانتقالي وفصيل من المؤتمر يمثله طارق صالح فإن الرياض ليس معها من حلفاء إلا السلطة الشرعية والتي قال إنها تواجه ضربات موجعة من حليف السعودية فهي تشعر أنها في موقف المستضعف.
وأكد الخبير العسكري اليمني علي الذهب أن الرياض قامت لأجل ذلك بنقل عملياتها من الشمال إلى الوسط وأبرمت تهدئة مع الحوثيين بهدف ترتيب وترميم الشقوق التي أحدثتها الإمارات في الجنوب ثم إعادة الكرة لمواجهة الحوثي باعتباره الخطر الحقيقي على أمنها السياسي.
انقياد
بدوره يقول المحلل السياسي اليمني عبد الغني الماوري، إن الرياض بشكل أو بآخر ظهرت منقادة لسياسات الإمارات في اليمن وصولا إلى الإضرار بنفسها ومصالحها.
وأوضح الماوري في حديث خاص لـ"الموقع بوست" أن ذلك يثير الكثير من التساؤلات بشأن مدى تبعية القرار السعودي والدور القيادي للإمارات في تحديد مسار الحرب في اليمن.
وأكد الماوري أن هناك تيارا سعوديا رافضا لهذه الهيمنة الإماراتية وهو ما يظهر بين الحين والآخر من خلال بعض المواقف التي تعمل على تعديل سلوك الإمارات أحياناً، لكنه سرعان ما يتراجع ويختفي ليسيطر التيار الذي توجهه الإمارات.
وأوضح بأن الطريقة التي أديرت بها الحرب في اليمن لا تخدم المصالح السعودية ولا الأمن القومي السعودي.
وأكد وجود تهديدات جدية قد تضطر معها الرياض للقبول بوجود إيران على حدودها الجنوبية، معتبراً ذلك ثمرة لسياسات السعودية المتخبطة والناجمة عن هيمنة إماراتية واضحة تعبر عن مصالح قوى كبرى منحتها دورا في رسم ملامح مشهد من شأنه صناعة تهديد دائم للسعودية.
واستدل الماوري باتفاق الرياض الذي مر على توقيعه خمسة أشهر بكون السعودية: إما إنها عاجزة وخاضعة للإمارات أو أنها انتقلت للتفكير بحصد أطماع ونفوذ في المحافظات الجنوبية معتمدة على أطروحة بريطانية أمريكية تمثل فخًا كبيرًا بامكانية احتواء الحوثيين والتفاهم معهم في الشمال وهي تفكر ربما بكيفية اقتسام كعكة الجنوب مع الامارات.
تبادل أدوار
من جانبه يقول الصحفي والكاتب اليمني عبد العزيز المجيدي إن تصريحات المسؤولين السعوديين ما انفكت تؤكد على أن الرياض وأبوظبي تملكان رؤية موحدة تجاه الوضع في اليمن.
ورجّح المجيدي في حديث لـ"الموقع بوست" أن السعودية والإمارات تتبادلان الأدوار في اليمن فكلا الدولتين لا تريدان اليمن موحدًا أو ديمقراطيًا.
وأشار إلى أن هذه الرؤية الموحدة لا تعني أن التحالف السعودي الإماراتي سوف يبقى متماسكا للأبد، فالصراع على النفوذ سوف يقضي على تحالفهما.