[ ابرز ما جاء في تحقيق فريق الخبراء.. اتهم الانتقالي والحكومة وكشف عن جرائم الزينبيات في صنعاء ]
قال فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني باليمن في تقريره السنوي الذي قدمه إلى مجلس الأمن الدولي أواخر ديسمبر/ كانون أول العام الماضي، إن "الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي ولحقوق الإنسان ما زالت ترتكب على نطاق واسع من جانب جميع الأطراف في اليمن، من دون محاسبة".
التقرير الذي يتكون من 214 صفحة حصل "الموقع بوست" على نسخة منه تناول بشكل مفصل الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في اليمن وتهريب الأسلحة، وتضمن تحقيقات الفريق ونتائجها تجاه كثير من القضايا فضلاً عن تقييمه لأداء الأطراف المتعددة.
ويشير التقرير، الذي يصدره الخبراء سنويا بناء على الولاية التي كلفوا بها حسب منطوق القرارين 2140 (2014) و2216 (2015) إلى أن "التوقيفات والاعتقالات التعسفية وعمليات الإخفاء القسري وتعذيب المحتجزين تتواصل من جانب الحكومة اليمنية والسعودية والحوثيين والقوات المرتبطة بالإمارات العربية المتحدة".
واتهم فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن الدولي جماعة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية بتجاوزات خطيرة، تهدد السلام والاستقرار في اليمن وتسهم في استمرار الحرب وفي توسع دائرة الفساد ونهب المال العام على حساب قوت ومعيشة الشعب اليمني الذي يتضور جوعا، إثر استمرار الحرب لنحو خمس سنوات.
تسليح الحوثي وأسلحة جديدة
وكشف التحقيق عن حصول جماعة الحوثي في العام 2019 على أسلحة نوعية جديدة يتميز بعضها بخصائص مشابهة لتلك المنتجة في إيران، وبينها صواريخ كروز برية.
يقول إنه "بالإضافة إلى أنظمة الأسلحة المعروفة والتي كانت بحوزتهم حتى الآن، بات الحوثيون يستخدمون نوعا جديدا من الطائرات بلا طيار من طراز دلتا ونموذجا جديدا من صواريخ كروز البرية".
وبحسب المحققين، فقد ظهر اتجاهان على مدار العام الماضي قد يشكلان انتهاكا للحظر، أولهما نقل قطع غيار متوافرة تجاريا في بلدان صناعية مثل محركات طائرات بلا طيار، وثانيهما يتمثل في استمرار تسليم الحوثيين رشاشات وقنابل وصواريخ مضادة للدبابات ومنظومات من صواريخ كروز أكثر تطورا.
وأشار الخبراء إلى أن "بعض هذه الأسلحة لديها خصائص تقنية مشابهة لأسلحة مصنوعة في إيران"، في حين لم يستطيعوا إثبات أن الحكومة الإيرانية هي التي سلمت هذه الأسلحة إلى الحوثيين.
ولفت التقرير إلى أن القطع غير العسكرية وتلك العسكرية "يبدو أنها أرسلت عبر مسار تهريب يمر بعمان والساحل الجنوبي لليمن، عبر مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وصولا حتى صنعاء" التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأكد المحققون أنه "من غير المرجح" أن يكون المتمردون الحوثيون مسؤولين عن الهجمات التي طالت منشآت نفطية سعودية في 14 سبتمبر 2019 على الرغم من تبنيهم لها.
تحديات أمام السلام والأمن .. شبكات النزاعات
بحسب التقرير الأممي فإن المشاكل التي يواجها اليمن كثيرة ومترابطة ولا يمكن الفصل بينها بتقسيم واضح يميز بين الجهات الفاعلة الخارجية والداخلية والأحداث.
وأشار التقرير إلى أن الأثر التراكمي لهذه النزاعات في اليمن خلال العام 2019 سيؤدي إلى تقليص شديد في مستوى السيطرة الضعيف أصلا الذي يمارسه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وعلى النقيض من حالة عدم الاستقرار في الجنوب واصل الحوثيون توطيد سيطرتهم والحفاظ على اقتصادهم وإظهار قوة عسكرية موحدة.
وعدد التحقيق الأممي شبكات النزاعات والتي تتمثل: "قتال الحوثي مع الحكومة، قتال الحوثي مع قوات الساحل الغربي والحزام الأمني وعناصر المقاومة الجنوبية، قتال الحوثيين مع التحالف ومع المعارضة في حجة وعمران وإب، اشتباكات الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية مع الحكومة، الغارات الجوية الإماراتية على قوات الحكومة، قتال اللواء الخامس والثلاثين وجماعة ابي العباس مع القوات الحكومية في تعز.
اخفاق التحالف وتقويض الشرعية
قال فريق الخبراء الأممي إنه منذ مطلع العام الماضي باستثناء الزحف الكبير للقوات التابعة للتحالف العربي في اتجاه الحديدة اواخر 2018 لم تتغير كثيرا الأراضي التي سيطر عليها الحوثيون ففي عام 2019 ظلت خطوط الجبهة ثابتة، بينما كرس الحوثيون معظم جهودهم العسكرية للمملكة العربية السعودية واستمر التحالف في دعم الحكومة الشرعية في كفاحها ضد الحوثيين بهدف معلن يتمثل في إعادة السلطة لحكومة اليمن بيد أن التحالف أخفق في تحقيق هذا الهدف بل قوض، مشير إلى أن ان دعم التحالف للحكومة لم يكن كافيا مما أدى عجز الحكومة عن القيام بعمليات عسكرية كبيرة.
ولفت إلى جماعة الحوثي وطدت السيطرة بسبب تدهور القادرات العسكرية للحكومة اليمنية وايضا سيطرتها على القبائل الشمالية خصوصا قبيلة حجور في محافظة حجة.
اعادة انتشار القوات الإماراتية وتموضعها
يرى الفريق الأممي أن قوات الساحل الغربي والحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية أنها جماعات مسلحة غير تابعة للدولة أنشأتها وتدعمها الإمارات.
يذكر التقرير ان القوات التي أنشأتها الإمارات في اليمن شهدت تغييرات العام الماضي وكان أبرزها انتساب قوات الحزام الأمني في عدن إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.
وفي شبوة وأبين -حسب التحقيق الأممي- استمرت التوترات بين قوات النخبة الشبوانية وقوات الحكومة حتى كانون ديسمبر.
انقلاب عدن
تطرق التحقيق الأممي إلى الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا في العاصمة المؤقتة عدن مطلع أغسطس/ آب.
وذكر التحقيق أنه في 1 أغسطس، قتل العميد منير اليافعي المعروف ايضا باسم "ابو اليمامة" إثر انفجار وقع في معسكر الجلاء بمنطقة البريقة، تبنى الحوثيون الهجوم لكن الانتقالي وجه اتهامه للقوات الحكومية واتجه إلى اسقاط قصر المعاشيق.
وفقا للتحقيق، فإن هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي، دعا علنا إلى اقتحام القصر الرئاسي، ويرى الفريق الأممي أن بن بريك قام بإستخدام سلطته بصفته نائب رئيس المجلس بتعبئة جماعات مسلحة من بينها قوات الحزام الأمني واستخدم القوة لاتخاذ اجراءات قوضت سيطرة حكومة اليمن وسلطتها في عدن وأبين.
يقول الفريق بعد سنوات من إضعاف القوات الحكومية أعلن الانتقالي الجنوبي في 10 أغسطس 2019 عقب أربعة أيام من المواجهة، أنه سيطر سيطرة كاملة على عدن وهزمت القوات الحكومية، لكن قوات الانتقالي تلقت هزيمة في شبوة لأسباب اقتصادية وقبلية.
مذبحة الطيران الإماراتي
وعن دعم الإمارات لقوات الانتقالي في عدن، أكد التقرير أن أبوظبي شنت غارات جوية على وحدات عسكرية تابعة للحكومة في 28 ، و29 أغسطس الماضي، من أجل استرجاع السيطرة على عدن، وحالت هذه الغارات دون دخول قوات الحكومة إلى عدن وخلقت ميزة عسكرية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي، وفي وقت لاحق استعاد المجلس السيطرة على أبين.
اتفاق الرياض
أوضح الفريق، أن اتفاق الرياض الموقع في مطلع نوفمبر العام الماضي بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي والذي رعته السعودية زاد من تقويض سلطة حكومة اليمن على قواتها، اذ باتت قيادة التحالف تقوم بالاشراف المباشر على القرارات العسكرية.
وحسب التحقيق الأممي فإن المرفق المتعلق بالترتيبات العسكرية يحد ويقوض بشدة سلطة حكومة اليمن وسيطرتها على إعادة تنظيم قواتها وأسلحتها.
ولاحظ الفريق أن كلا من جمهورية إيران والحوثيين رفضا الاتفاق، مشيرين إلى أنه يجعل اليمن تحت وصاية المملكة. كما لاحظ الفريق أن الجداول الزمنية لتنفيذ اتفاق الرياض لم يتم الامتثال لها إلى حد كبير.
وتابع الفريق الأممي "إضافة إلى التقارب بين الانتقالي والحكومة أجربت مناقشات مستمرة بين الحوثيين والسعودية، وحتى أكتوبر ونوفمبر الماضيين كان هناك انخفاض كبير في الغارات الجوية للتحالف على اليمن ولم يبلغ عن أي هجمات للحوثيين على المملكة، وأفرج الحوثيون عن 290 سجينا في سبتمبر الماضي، وافرجت السعودية عن 128 أسيرا حوثيا في نوفمبر أيضا.
وعن تعز أشار الفريق إلى سلسلة من الاشتباكات الخطيرة في صفوف القوات الحكومية، منها القتال بين اللواء الخامس والثلاثين وجماعة ابي العباس من ناحية واللواء الرابع مشاة جبلي التابع للحكومة من ناحية أخرى.
وحول محاربة الارهاب يرى الفريق أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية واجها صعوبات في ايجاد موطئ قدم مع الاستمرار في المنافسة والمواجهة من أجل السيطرة على الأراضي والتجنيد كما هو الحال في البيضاء.
السياق الاقتصادي
الإيرادات غير المشروعة في مناطق الحوثي
أشار الفريق إلى استمرار الحوثيين في تحصيل الإتاوات الجمركية في مينائي الحديدة والصليف وتحصيل إيرادات جمركية إضافية في عفار البيضاء وذمار وجبل راس بالحديدة، بالاضافة إلى التمويل الخارجي من خلال واردات الوقود مشيرا إلى أن الجماعة تجني أموال طائلة.
اختلاس الأموال العامة
لاحظ الفريق أن الإيرادات التي تحصلها محافظات مأرب والمهرة وحضرموت يستولي عليها مسؤولون في غياب أي رقابة فعلية للبنك المركزي في عدن.
وتلقى الفريق معلومات من مسؤولين يمنيين يزعمون الإثراء غير المشروع للقيادات المحلية عن طريق اختلاس الأموال المحصلة من بيع الغاز الطبيعي في مأرب وتحصيل الرسوم الجمركية في موانئ ومعابر المهرة.
أرباح متأتية من التلاعب بأسعار صرف العملات الأجنبية
حقق الفريق في مزاعم فساد ترتبط بمعاملات للصرف الأجنبي قام بها البنك المركزي اليمني في أواخر عام 2018، وتعززت هذه المزاعم بطلب رئيس اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة الذي وجهه لرئاسة الوزراء للتحقيق في القضية، اذ يرى الفريق أن الفساد يشكل تهديدا للسلام والأمن، وهذا الفساد قد يكون أدى إلى الإثراء غير المشروع لموظفين في البنك المركزي اليمني ومسؤولين تابعين لحكومة اليمن وإلى الاثراء الجائر لبضعة مصارف وصيارفة.
التحالف وانتهاك القانون الدولي الإنساني
يقول الفريق الأممي إنه حقق في ثماني غارات جوية أدت إلى مقتل حوالي 146 مدنيا وإصابة 133 آخرين في البيضاء والضالع وذمار وصعدة وصنعاء وتعز ، وأنه وجه رسالة إلى التحالف لكنه ما زال ينتظر الرد، بالإضافة إلى أنه ارسل منذ 2016، 11 رسالة إلى التحالف تتعلق بأكثر من 40 غارة جوية لا يزال في انتظار ردود عليها ايضا.
يضيف الفريق "في 31 أغسطس/آب، تم اسقاط عدة ذخائر متفجرة من احدى طائرات التحالف على مباني مجمع كلية المجتمع في ذمار التي تتخذه جماعة الحوثي سجنا للمختطفين، وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المرفق كان فيه نحو 170 محتجزا، وأسفر الحادث عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص وإصابة أكثر من 40 آخرين.
وفي سياق موازٍ اتهم الفريق التحالف باعتقالات واحتجاز تعسفي، وقال الفريق إنه حقق في أربع حالات لانتهاك السعودية والإمارات للقانون الدولي الانساني باعتقال واحتجاز تعسفيين سواء المعاملة والتعذيب والاختفاء القسري.
وفقا للفريق فإن هناك فرد ألقت قوات النخبة الشبوانية القبض عليه في عتق بشبوة واحتجز في بلحاف ونقل إلى الريان في حضرموت، وهناك فرد آخر اعتقلته السعودية في الغيضة بالمهرة، وفرد اعتقلته واحتجزته الإمارات بقاعدتها في البريقة، اضافة إلى ذلك اعتقل فرد في أبين ثم احتجزه شلال علي شائع واحتجز في نهاية المطاف في البريقة ومن بين هؤلاء الأفراد الأربعة لم يفرج إلا عن فرد واحد وزعم انه تعرض للتعذيب اثناء احتجازه في قاعدة الامارات في البريقة، بيمنا لا يزال مكان وجود الثلاثة الآخرين مجهولا.
الحزام الأمني وانتهاك القانون الدولي الإنساني
يشير التقرير إلى انه تلقى معلومات عن 54 شخصا تعرضوا للاعتقال والاحتجاز التعسفي وللاختفاء القسري على يد قوات الحزام الأمني في عدن بين عامي 2016 و2019 وتمكن الفريق من جمع مزيد من الأدلة عن 11 من الحالات. ولدى الفريق وثيقتان تعودان إلى عام 2018 تطلب فيهما وزارة الداخلية التابعة للحكومة إلى التحالف في عدن ومدير الأمن في عدن إحالة حالات 12 محتجزا إلى مكتب النائب العام وقد أطلق سراح اثنين من أولئك الأفراد ويظل 10 في عداد المفقودين.
عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية
يقول الفريق إنه حقق في تسع شحنات طبية وتغذوية أخرت لمدة تراوحت بين 16 و169 يوما في ميناء عدن.
وتفيد المعلومات التي تلقاها الفريق الأممي أن التهديدات والحوادث ضد العاملين في المجال الإنساني تتزايد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وذكر الفريق انه ما زال يتلقى معلومات عن اعتقال العاملين في المجال الإنساني وترهيبهم، وكذلك الاستيلاء غير المشروع على الممتلكات الشخصية للعاملين في المجال الانساني والممتلكات العائدة للمنظمات الإنسانية في صنعاء .
الزينبيات وتجاوزات الحوثيين
كما ذكر الفريق أن جماعة الحوثي قامت بإنشاء جهاز استخبارات موجه نحو النساء، ويطلق عليهن بـ (الزينبيات) وهن نساء تم اختيارهن من أسر هاشمية، وقد وثق الفريق حالات ضرب وتعذيب وتييسر اغتصاب لمعتقلات ونهب واحتجاز تعسفي قامت به الزينيبيات.
وبحسب التقرير فإن الحوثيين يستهدفون النساء في مناطق سيطرتهم بالاعتقال والاحتجاز والاعتداء الجنسي في محاولة لقمعهن من التعبير عن آرائهن السياسية.
وأكد الفريق أن مسؤولين في جهاز الأمن الوقائي الذي أسسته جماعة الحوثي قاموا بالتحرش جنسيا بنساء بسبب معارضتهن لهم.
التوصيات
وأوصى فريق الخبراء مجلس الأمن الدولي أن يضمن قراره المقبل عبارات تطالب الحوثيين بالتوقف عن عمليات الاستيلاء غير القانوني واستخدام المؤسسات الاجتماعية كمصدر لتمويل الدعم اللوجستي العسكري، باتخاذ تدابير فورية لحماية سلامة البنك المركزي اليمني في صنعاء والمصارف الخاصة اليمنية وكفالة امتثالها لأنشطة مكافحة غسل الأموال.
كما أوصى الفريق مجلس الأمن أن يُضمن قراره المقبل عبارات تدين الاختفاء القسري والعنف الجنسي والقمع ضد النساء اللائي يعبرن عن آراء سياسية أو يشاركن في مظاهرات، والإعراب عن اعتزامه فرض جزاءات على من يقومون بهذه الأعمال.
وطالب مجلس الأمن لأن ينشئ فريقا عاملا يعني بالتحديات التي تواجه السلام والأمن نتيجة استحداث الجماعات المسلحة لمنظومات أسلحة جديدة أطول مدى من قبل الطائرات المسيرة من دون طيار والأجهزة التفجيرية اليدوية الصنع المنقولة بحرا.
وأوصى التحقيق أيضا أن توجه رسالة إلى الحكومة اليمنية تشجعها فيها على فتح تحقيق في قضية مزاعم الإثراء غير المشروع في البنك المركزي.