[ تشييع الملازم إبراهيم محمد مهيوب الشمساني إلى مثواه الأخير في مديرية مشرعة وحدنان بتعز ]
قبل يومين جرى تشييع الملازم إبراهيم محمد مهيوب الشمساني إلى مثواه الأخير في مديرية مشرعة وحدنان بمحافظة تعز وسط موجة غضب ساخطة إزاء الطريقة التي قتل بها الرجل والطرف الذي ارتكب الجريمة، فالطريقة كانت استدراجا واستدعاء على طريقة خاشقجي، والطرف هو السعودية، والمكان هو سجن جازان، أما الزمان فقد كان الـ11 من يوليو المنصرم، والتستر على الجثة إلى أن تم إطلاق سراحها وسط ضغوطات ومطالبات واسعة من قبل أهالي المجني عليه.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يشرح عبد الرحمن الشمساني، الشقيق الأكبر للمجني عليه تفاصيل القصة، ويذهب بالقول: "كان أخي يعمل ضمن القوات المشتركة بخفر السواحل في جزيرة ميون اليمنية، وتم استدعاؤه إلى منطقة جازان السعودية لتلقي دورة تدريبية وتأهيلية في المجال العسكري".
ويتابع: "بعد عودته لمزاولة عمله في جزيرة ميون وأثناء ممارسة مهامه العسكرية تمكن من ضبط قارب مخدرات حيث حاول من كانوا على متن القارب تقديم مبلغ مالي يقدر بعشرة آلاف دولار مقابل التستر عليهم وإطلاق القارب، إلا أن القيم الوطنية التي تربى عليها شقيقي طيلة حياته دفعته لرفض الرشوة المالية وقام بإحالة القارب ومن كانوا على متنه للجهات المختصة".
وبحسب هذا الشقيق، فإن وفاء إبراهيم في مهمته تلك خلق استحسانا لدى القيادات العسكرية لدى القوات المشتركة، الأمر الذي دفعهم إلى تكريمه وترقيته إلى رتبة ملازم.
لم يكن يعلم إبراهيم أن تلك الخطوة ستستمر به نحو التفوق، ولم يكن يعلم أهله أنه بعد فترة وجيزة سيتحول التكريم إلى مأساة.
يقول شقيقه الأكبر متابعا شرح القصة إن إبراهيم منح إجازة عيد الفطر الماضي، بهدف زيارة أسرته في مديرية مشرعة وحدنان بمحافظة تعز، وما إن كادت الإجازة الممنوحة له تنقضي حتى تم استدعاؤه مرة أخرى إلى مقر عمله في جزيرة ميون اليمنية، وكان ذلك مطلع يوليو الماضي.
وبحسب أهله، فقد انقطع التواصل مع أسرته، إذ يؤكد محمد مهيوب والد الضحية انقطاع تواصلهم مع ولدهم منذ عودته إلى مقر عمله في القوات المشتركة، ويضيف قائلا: "حيث أصابنا اختفاء ولدنا بالخوف والهلع ما جعلنا نبذل كل مساعينا للبحث عن ولدنا وبعد تمكننا من التواصل مع زملاء عمله تبين لنا عن استدعاء إبراهيم إلى منطقة جازان السعودية وانقطاع التواصل معه".
ويستطرد بالقول: "حاولنا التواصل مع قائد قوات خفر السواحل اللواء خالد القملي حيث أبلغنا بدوره عن حبس ولدنا إبراهيم في سجون الاستخبارات العسكرية السعودية بمنطقة جازان على خلفية اتهامات رفض الأخير الكشف عن أسبابها".
ويروي محمد العزي (ناشط إعلامي) قائلا: "حاولنا التواصل مع الجهات السعودية عبر وساطات قيادات عسكرية لنتفاجأ بإبلاغنا عن قيام الملازم إبراهيم بالانتحار بشنق نفسه في السجن بتاريخ 31 يوليو الماضي".
ويتحدث يوسف محمد الشقيق الأصغر للملازم قائلا: "حاولت الأجهزة العسكرية إخفاء جثة شقيقي ورفض تسليمها، لكننا تسلمنا جثة أخي بعد إصرارنا الملح، لنتمكن من دفن شقيقي في مسقط رأسه، وحال وصول الجثة إلينا أصدرت نيابة استئناف تعز قرارها رقم (2207) بتاريخ الخامس من أكتوبر الجاري لتشريح الجثة من قبل الطبيب الشرعي وكشف ملاباسات الوفاة".
يؤكد تقرير الطبيب الشرعي الذي حصل "الموقع بوست" على نسخة منه عن تعرض الملازم لـ"التعذيب الجسدي والصعق الكهربائي في أنحاء متفرقة من جسده"، وهي ذات الأسباب التي أدت إلى وفاته.
لتتكشف بذلك محاولات تهرب القوات السعودية من تسليم الجثة ليسدل بذلك الستار على أبشع جريمة ارتكبتها قوات الاستخبارات السعودية بحق ضابط يمني.
بالأمس دفن إبراهيم وسط موجة غضب ساخطة لهذه الجريمة النكراء، ووسط مطالبات من أهالي الضحية للحكومة اليمنية والقوات المشتركة في الجانب السعودي لتسليم الجناة والتحقيق معهم، لكن الجهات المذكورة اكتفت بالصمت وتجاهل مطالب أهالي الضحية.
دفن الملازم اليمني فيما لم تدفن قضيته وهو ما يثير تساؤلات عدة، لعل أهمها هل يكون صمت الحكومة اليمنية يجعلها شريكا في تصفية المجني عليه ليظل وصمة عار تلاحقهم جميعا، أم إن قضيته ستشكل منحنى للكشف عن مصير العشرات من الجنود اليمنيين في سجون الموت السعودية؟