[ صورة بثتها وكالة إرنا الإيرانية لتوقيع مذكرة تفاهم بين العميد قاسم رضائي والعميد علي محمد مصلح الأحبابي ]
يسود التوتر في المنطقة بعد زيارة وفد إماراتي إلى إيران، والذي تزامن مع انسحاب لبعض قوات أبوظبي من محافظات جنوبية، والتي أثارت الكثير من علامات الاستفهام حولها، خاصة أن الإمارات المشاركة بالتحالف تقول إن تدخلهم جاء للقضاء على الانقلاب.
لاقت تلك الزيارة ارتياحا من قِبل الحوثيين فقد وصف رئيس ما يعرف بـ"اللجنة الثورية محمد علي الحوثي بـ"الإيجابية" بقوله: "رسالة الإمارات من إيران رسالة إيجابية".
ما زاد التعقيد في المشهد اليمن، حديث عبدالخالق عبدالله مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بأنه لن يكون هناك يمن واحد موحد بعد اليوم.
حاول عبدالله أن يبرر تصريحاته تلك، بقوله إن رأيه شخصي وليس موقفا رسميا لأبوظبي، لكن المخاوف من مساعي إيران تلك لا تزال قائمة، مع تشكيل الإمارات قوات موازية للجيش اليمني وإعاقة عمل الحكومة.
مع كل تلك المعطيات، ينظر اليمنيون لمستقبل بلادهم بقلق بعد مضي أكثر من أربع سنوات على حرب ضاعفت معاناتهم، ومزقت الدولة بشكل أكبر، واتسعت معها رقعة الفقر بشكل غير مسبوق متجاوزة نسبة 82%.
نتائج التقارب
ترتبط الإمارات بعلاقات قديمة مع إيران نظرا لقربهما الجغرافي وإشراف طهران على مضيق هرمز الذي تمر عبره صادرات أبوظبي. ففي 2018 بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين إيران والإمارات 16.83 مليار دولار، حيث استوردت إيران ما قيمته 10.06 مليار دولار من البضائع من الإمارات، وصدرت لها ما قيمته 6.76 مليار دولار، وفق إحصائيات حديثة.
التقارب الإماراتي الإيراني بدا بالنسبة للكاتب الصحفي محمد اللطيقي متوقعا، برغم توقفه عام 2014 بسبب توجه أبوظبي للتحالف مع السعودية السعودية في مواجهة نتائج الربيع العربي.
أما أسباب عودة ذلك التقارب فعلله بالقول لـ"الموقع بوست" إنه سبب وصول حرب التحالف في اليمن إلى طريق مسدود، وقد انتهت بالنسبة للإمارات في يونيو/حزيران 2016، واتجهت عقبها لدعم مبادرات الأمم المتحدة وتجميد المعارك في الحديدة.
ورأى أن التقارب هذا سيؤثر كثيرا على الوضع في اليمن، لأن أضرار الممارسات الإماراتية على بلادنا بدأت قبل زمن طويل. مؤكدا أن التقارب نتيجة من نتائج سياسيات أبوظبي في اليمن، فتوقف المعارك في الحديدة وتجمد معارك التحالف بشكل عام ضد الحوثيين مهدت للتقارب مع إيران.
وحذر من خطورة تنامي التأثيرات السلبية على اليمن، في حال بقي النفوذ الإماراتي في بلادنا، بالتوازي مع تطور التقارب مع طهران إلى علاقات ثنائية تتجاوز مسألة تأمين مياه الخليج، وهو ما يعني إمكانية انقسام سعودي إماراتي حول طبيعة التعامل مع الحوثيين، ومدى انعكاس ذلك على العمليات العسكرية للتحالف.
وأَضاف "يبقى الأخطر هو مدى تناغم الرياض من عدمه مع تقارب أبوظبي مع طهران، وهل هو مقدمة خليجية لتقارب متتالي، والموقف السعودي سيبقى الفاصل الأهم في تحديد مدى الأضرار التي ستلحق باليمن، في حال ما حصل تقارب سعودي ايراني، أو انفصال سعودي اماراتي في ملف اليمن".
أما الكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد، فأكد أن زيارة الوفد الإماراتي كشفت مدى التقارب والتفاهم الذي يسود بين الإمارات وإيران، برغم أن الحرب والدمار الذي لحق بالبلاد جاء تحت ستار إبعاد اليمن عن هيمنة إيران.
وخسر اليمن كثيرا من أمنه واستقراره وموارده بسبب سيطرة الإمارات على المواقع الحيوية والاستراتيجية وانشاء قوات موازية للجيش الوطني، ولم يعد لبلادنا ما تخسره، لكن المتضرر الأبرز والقادم هو السعودية لما تحمله من ثقل ونفوذ في المنطقة، برغم أنها لم تعد في موقع الضحية جراء سياستها فهي طرق رئيسي في التحالف المدمر، وفق خالد الذي تحدث لـ"الموقع بوست".
وذلك كما يعتقد الكاتب اليمني سببا لما لاحظناه من حالة التشفي في ردات الفعل للزيارة الإماراتية إلى طهران، مع محاولة البعض إظهار السعودية في موقع الضحية والمستهدفة.
مخاوف الانفصال
بالنسبة لانفصال اليمن شماله عن جنوبه والدعوات لذلك، خاصة بعد هجمات مختلفة استهدفت قيادات بما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" والتي كان آخرها اليوم والتي قُتل خلالها قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي، فيعتقد اللطيفي أنه أمر بعيد تحقيقه، فهو مجرد مخاوف محلية فقط.
موضحا أن الحاصل هو استثمار الإمارات النزعة الانفصالية لدى القوى الجنوبية المتطرفة، وخلقها منها تشكيلات مليشاوية تدين بالولاء لها، وتضمن من خلالها استمرار بقاء المناطق الجنوبية ضعيفة ومشتتة، بالتوازي مع شمال ضعيف بيد الحوثيين. لافتا إلى أن هذا هو الجامع بين مصالح طهران وأبوظبي في اليمن.
من جانبه يؤكد الكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد، أن اليمن يواجه تحدي ومخاطر كبيرة ليست وليدة اللحظة، لكنها باتت مكشوفة بعد تصريحات مستشار ولي عهد أبوظبي، وزيارة وفد إماراتي إلى طهران.
وذكر أن التصريح بشأن وحدة اليمن جاء ليوضح أهداف تدخل الإمارات في اليمن، وأصحبت الآن أكثر وضوحا لبعض أو لقلة ممن وصفهم بـ"المخدوعين" بحقيقة تدخلها في بلادنا.
وأفاد خالد أن فرص نجاح الإمارات في تفتيت اليمن، يجب أن يكون الرد عليه بفعل وعمل من قبل القوى الوطنية لتدارك حالة التشظي السائدة الآن.
واستدرك "صحيح ان الإمارات قطعت شوطا كبيرا في فرض أجندتها ومشروعها. لكن ليس أمامنا إلا صد هذا الدمار والتنبيه على كارثيته واستمرار مخاطره على حياة اليمنيين بكافة الوسائل الممكنة خاصة بعد حالة التعري والانكشاف الواضح للأهداف الإماراتية".
يُذكر أن مصدر مقرب من الدوائر الحكومية في سقطرى، كشف في تصريحات صحفية عن محاولات أبوظبي للسيطرة على الجزيرة، وقيامها باختراق الوحدات الأمنية والعسكرية، وتفكيكها عبر حملة استقطاب واسعة للجنود الحكوميين.
فيما تواصل جماعة الحوثي هجماتها المتكررة على السعودية بصواريخها وطائراتها المسيرة، وتستمر بخلق التوتر في الحديدة التي شهدت الأيام الماضية معارك متقطعة بينها والقوات الحكومية.