[ خراب ودمار تسببت به المليشيا في تعز (ارشيف) ]
مع بداية العام الجديد يدخل الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز اليمنية شهره العاشر، حوالي 300 يوم قضاها سكان المدينة يراقبون يوماً بعد يوم نفاد مياه الشرب وانقطاع الكهرباء وانعدام الخدمات الأساسية، في انتظار نصر عسكري يفتح لهم باباً للأمل، أو حل سياسي يزيح أكمنة الحوثيين من أطراف المدينة.
وفي تقرير حديث صادر عن برنامج الأغذية العالمي كشف النقاب عن أن نحو 22 مليون نسمة في اليمن من أصل 29 مليونا هم إجمالي عدد السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة، وأن السفن التي استأجرها البرنامج قد استوردت أكثر من 4 ملايين لتر من الوقود، وهي الكمية المخصصة لأكثر من 60 منظمة من منظمات الإغاثة في عدن وصنعاء والحديدة.
وذكر التقرير، أن الأمن الغذائي في اليمن متدهور بالفعل ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأن عشر محافظات من أصل 22 من محافظات اليمن مصنفة باعتبارها تواجه انعدام الأمن الغذائي على مستوى "الطوارئ" وهو ما يعني أنها على بعد خطوة واحدة من المجاعة. وفي تعز، أرسل برنامج الأغذية العالمي 225 شاحنة محملة بـ 6600 طن من السلع الغذائية إلى نقاط التسليم أو المستودعات في محافظة تعز، وصل جزء منها إلى مديريات المظفر والقاهرة والتعزية ومنطقة صالة، حيث يهدف البرنامج إلى إيصال المساعدات الغذائية لما يقرب من 350 ألف شخص معدم وتشمل هذه المساعدات القمح والبقول والزيوت النباتية والسكر.
وناشد ماثيو هولينجورث، نائب المدير الإقليمي للبرنامج، المجتمع الدولي دعم جهود البرنامج لمساعدة الشعب اليمني، مؤكداً أن اليمن بات من أصعب الأماكن في العالم للعمل فيه، بسبب الاضطرابات الأمنية الجمة، والتصاعد في أعمال القتال والعنف عبر البلاد، لافتاً إلى أن نصف البلد الآن على بعد خطوة واحدة من المجاعة، ما يستدعي تكثيف الدعم، لاسيما خلال الأشهر القليلة القادمة.
من جانبه، قال أمير الحيدري المدير التنفيذي لائتلاف الإغاثة في تعز لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن الائتلاف الذي تشكل في شهر مايو من العام الماضي يضم نحو 200 جمعية ومؤسسة ومبادرة إغاثية بهدف تقديم يد العون للسكان المحاصرين داخل مديريات تعز، مشيراً إلى أنه بسبب عمليات السلب والنهب التي تقوم بها قوات الحوثي على مداخل تعز يضطر الائتلاف الى إدخال مواد الإغاثة الطبية والتموينية عبر طرق جبلية وعرة في منطقة (صبر) بالقرب من عدن وبعدها تنقل شحنات الإغاثة بوسائل نقل بدائية على ظهور الحمير والجمال الى داخل تعز ثم يبدأ توزيعها على المتضررين.
وقال الحيدري، إن الائتلاف يستهدف توصيل مواد الإغاثة لنحو مليون و200 ألف يمني محاصرين داخل مديريات تعز الثلاث (مظفر - القاهرة - صالة)، لافتاً إلى أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة دفعت بالعديد من الأسر للنزوح تجاه المناطق الريفية طلباً لمزيد من الأمن.
وكشف المدير التنفيذي لائتلاف الإغاثة في تعز لـ "قنا " النقاب عن تعرض كافة شاحنات الإغاثة الواردة من قبل منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي للاحتجاز من قبل قوات الحوثي على مداخل مدينة تعز، الأمر الذي يفسر تفاقم الأوضاع السيئة للمحاصرين في الداخل رغم الإعلان المتكرر عن وصول مواد غذائية ومعونات طبية لهم.
وقال الحيدري، إن الائتلاف قد شكل لجنتين تتوليان التنسيق فيما بينهما لتحديد الأولويات، الأولى هي اللجنة الطبية وتعنى بتوفير الأدوية وأماكن العلاج المناسبة للجرحى والمصابين والمرضى من سكان المدينة، والثانية هي لجنة الاعمار لما بعد الحرب وستتولى تحديد الأماكن الأكثر تضرراً جراء العمليات العسكرية والقصف العشوائي على المناطق السكنية.
وأضاف الحيدري، إن الائتلاف وجه بيان استغاثة لجميع المنظمات الدولية دعا فيه المجتمع الدولي إلى ضرورة الاسراع والضغط لفك الحصار عن المدينة وإدخال المساعدات والمواد الأساسية لإنقاذ السكان من كارثة محققة، كما طالب برنامج الغذاء العالمي بإدخال المساعدات للمدينة المحاصرة والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في المحافظة وفق آلية مؤسسية معتمدة.
وطالب الائتلاف المنظمات الدولية بالحزم أمام التجاوزات المتمثلة بمنع دخول المساعدات أو نهبها وتوضيح الصورة أمام الرأي العام وألا يبرروا عجزهم عن انقاذ تعز بأعذار غير مقبولة، ودعا الائتلاف الأمم المتحدة إلى إرسال لجان للتأكد من حقيقة وصول مساعدات أممية إلى المناطق المحاصرة في مدينة تعز، وتقييم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان المدينة جراء الحرب القائمة والحصار الجائر وإجراء خطط استباقية لتجنب المجاعة، وألا يكتفوا بسرد البيانات والمؤشرات الكارثية دون التحرك الجاد لوقفها واجراء اللازم حيالها.
وأكد أن الأولوية للسكان في الوقت الحالي المواد التموينية ومياه الشرب النظيفة يلي ذلك المستلزمات الطبية والأدوية، لافتاً إلى أن امدادات المدينة من المياه توقفت منذ شهر أبريل من العام الماضي، نظراً لوجود محطات المياه التي تغذي تعز خارجها، ويتم الاعتماد حالياً على بعض الآبار داخل المدينة لكنها لا تكفي احتياجات السكان، وحذر مما هو أخطر من المجاعة اذا استمر الوضع الحالي قائماً دون حراك لإنقاذ السكان المحاصرين.
من جانبه، قال المهندس رشاد الأكحلي وكيل محافظة تعز لوكالة الأنباء القطرية "قنا "، إن سكان المحافظة يعيشون على الحد الأدنى من الغذاء ومياه الشرب نظراً للحصار الخانق المفروض على المدينة منذ 10 أشهر، وأكد، أن المحافظة استطاعت توفير مقر بديل لمبنى محافظة تعز الذي تم تدميره وذلك بمديرية المظفر يجري من خلاله تيسير الأعمال بالتواصل مع وزارة الادارة المحلية بالحكومة اليمنية، مناشداً الحكومة سرعة تقديم مزيد من الدعم للقطاع الصحي على وجه الخصوص نظراً لما لحق به من اضرار جراء القصف العشوائي للمستشفيات الكبرى.
ونبه وكيل محافظة تعز إلى خطورة سيطرة الحوثيين على المصرف المركزي ونقله إلى مدينة ( اب ) الأمر الذي يترتب عليه قدرتهم على التحكم في رواتب الموظفين والعمال بالقطاع الحكومي، مشيراً إلى أن الحكومة المركزية لم تنتبه إلى خطورة هذا الوضع إلى الآن نظراً لأن موازنة رواتب عام 2015 لازالت سارية، ويتقاضى الموظفون رواتبهم بانتظام، إلا أنه بمجرد العمل بموازنة العام الجديد ستظهر الأزمة خاصة مع المجازفة الكبيرة في التوجه إلى (اب) لاستلام الرواتب، وقال، "نحن مهددون في أي وقت بانقطاع رواتبنا ،وفي هذه الحالة ستنعدم سيطرة الحكومة على القطاع الاداري والمالي بالبلاد".
أما زكريا الشرعبي الاعلامي بالمقاومة الشعبية لمدينة تعز فأكد أن الخدمات الاساسية بالمدينة متوقفة كلياً بما في ذلك محطات المياه والكهرباء والصرف الصحي وأعمال النظافة والتعليم، مشيراً الى أن المدارس اغلقت أبوابها منذ نصف العام الدراسي الماضي وحتى الوقت الحالي خشية التعرض للقصف العشوائي.