[ تصعيد الإمارات في اليمن مساعٍٍ حثيثة للسيطرة على سقطرى وشبوة ]
ازدادت حدة التوتر بين الحكومة اليمنية والإمارات العربية المتحدة المشاركة بالتحالف العربي، بعد التصعيد الذي قامت به الأخيرة ضد الشرعية في بعض المحافظات اليمنية.
فقد تمكنت مؤخرا مليشيات بسقطرى من السيطرة على بوابة ميناء حولاف بعد اقتحامه والاشتباك مع أفراد الحراسة. تمكنت عقبها القوات الحكومية من استعادة السيطرة عليه بعد ذلك بساعات.
أما في شبوة فقد قامت مليشيات باستحداث نقاط ومواقع تمركزت فيها داخل المدينة، كما نشرت مدرعات دون إذن أو تنسيق مع اللجنة الأمنية بالمحافظة. وصدت كذلك قوات الأمن هجوما لتلك الجماعات التي حاولت السيطرة على مطار عتق.
تتبع تلك القوات الإمارات التي قامت بتشكيل حزام أمني بسقطرى، ونخبة بشبوة. وهي ذاتها التي شكلت حزاما أمنيا بعدن الذي يقوم بالتصعيد ضد الحكومة من حين لآخر بالعاصمة المؤقتة.
تزامن ذلك مع زيارة رئيس الوزراء معين عبد الملك إلى الإمارات. وجاء كذلك في الوقت الذي ما يزال عدد من المسؤولين اليمنيين خارج البلاد بينهم الرئيس عبد ربه منصور هادي.
فرض أمر واقع
يأتي التصعيد الإماراتي كما يرى المحلل السياسي عبدالناصر المودع، ضمن خطة لتثبيت أمر واقع من خلال تمكين القوى الانفصالية في عدن والأحزمة والنخب التي تنشؤها في شبوة وسقطرى للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الجنوب.
واعتبر في تصريحه لـ"الموقع بوست" الأنباء التي تتحدث عن إنشاء ألوية عسكرية في أبين، بأنها تأتي في ذلك السياق، وتحسباً لمواجهة محتملة مع ألوية الحماية الرئاسية في عدن والتي تتشكل في معظمها من أبين وشبوة.
وفي حال هزيمة هذه القوات في عدن ستنسحب إلى أبين وتتخذها مركزا لمقاومة الإمارات وعملائها، ولهذا تريد الإمارات تشكيل ألوية تابعة لها في أبين لتمنع حدوث ذلك، على حد قوله.
كل هذه التطورات تشير -وفق المودع- إلى اهتراء السلطة واستهتار الإمارات بها وباليمنيين عموما، وتنفيذا لأحلامهم في أن يتحولوا إلى إمبراطورية إقليمية.
تدمير اليمن
ولا يذهب بعيدا عن ذلك المحلل السياسي ياسين التميمي، الذي بدا له التصعيد بأنه جزء من مخطط مكشوف وسافر لخلق وقائع جديدة في المحافظات الجنوبية، تمهد لما يمثل هدفا نهائيا بالنسبة لهذا التحالف بشقيه السيئين الإمارات والسعودية، والمتمثل في تدمير الدولة اليمنية، وتحويلها كانتونات، ووضع اليد على المناطق الحيوية فيها.
وأوضح لـ"الموقع بوست" أنه وفي إطار هذا المخطط الخبيث يجري وضع اليد على المقدرات الحيوية للدولة اليمنية، والتي تشمل المنشآت النفطية والموانئ وغيرها من المرافق المرتبطة بالموارد التي تحتاجها السلطة الشرعية لإدارة الدولة.
واستطرد "هم يريدون شل قدرات الدولة وارتهانها بالكامل لهذا التحالف وأدواته، فيما يمكن النظر إلى ما تقوم به أبوظبي عبر أدواتها القذرة في سقطرى بأنه محاولة يائسة أخرى للسيطرة على الأرخبيل، وتجريف النواة الصلبة للمشروع الوطني في الأرخبيل والذي تمثله الوحدات العسكرية والأمنية والسلطة المحلية والغالبية من سكان تلك المحافظة".
وأضاف التميمي أن تكرار محاولات السطو على مقدرات الدولة يأتي مع الزيارة الرسمية لرئيس الوزراء إلى الإمارات، وهو ما يعكس مدى الاستهتار الذي تنزلق إليه أبوظبي في التعامل مع اليمن ورموزه، وتعمد الانفتاح على بعض قيادات الدولة اليمنية، لتقوم بهذه المحاولات اليائسة في الهيمنة، وكأن زيارات رجال الدولة للإمارات تم استغلالها كغطاء لمخطط الاستحواذ على الأراضي اليمنية بوقاحة قل نظيرها، على حد تعبيره.
وتوقع المحلل السياسي اليمني أن تشهد مخططات هذا التحالف المزيد من الانكشاف والفشل، في ظل تنامي المواقف الرافضة لهذه المخططات من الغالبية العظمى للشعب اليمني.
طموح إماراتي ومساعٍ حثيثة
بينما يعتقد الإعلامي عبد الكريم الخياطي أنه قد لا يكون لرئيس الوزراء أي علاقة مباشرة بما يدور في سقطرى، مشيرا إلى مساعي الإمارات لاستعادة الجزيرة منذ أن وقفت ضدها الحكومة السابقة برئاسة أحمد بن دغر.
لكنه بيَّن لـ"الموقع بوست" أن دعوة الإمارات لرئيس الحكومة الحالي لها أبعاد إستراتيجية، فهي طريقة أبوظبي في صنع الحدث ورجالاتها أيضا، فهي برغم ابتعاد عبد الملك عن التصادم السياسي مع الأطراف الأخرى في الشرعية، لكنه مقبول في عدن بتحركات محدودة، وله ظهور إعلامي وتطبيع لعلاقة حكومية مع إدارة أمنية مستقلة ومرتبطة بالإمارات، وهو ما يجعل الأخيرة تقبل بشخصية كهذه طامحة ولا تتدخل في نيات التحالف المستقبلية.
ولفت الخياطي إلى قيام الإمارات بإعداد النخبة السقطرية المدربة في عدن وإرتيريا،، وإضفائها على تلك التحركات "الشرعية"، فهي تحاول إثبات أن تحركاتها مدنية أيضا، ومرتبطة بتطبيع الجنوب لإدارة الحكومة لذلك تم دعوة الدكتور معين، متوقعا أن تكون الزيارة تلك متعلقة بجوانب خدمية واقتصادية.
لكن الحقيقة أن وصول القوات المدعومة إماراتيا بالتزامن مع هذه الزيارة والتحركات الإماراتية في شبوة، تفضح الهدف الرئيسي من استضافة رئيس حكومة لا يتدخل في القضايا السيادية، لكنه يعطي شرعية للتحركات الإماراتية أمام الخارج، بأنها تحدث بتنسيق مع الحكومة، ومحاولة لطمأنة السعوديين الذين يعتبرون رئيس الحكومة الحالي رجلهم، وبأنها لن تتعدى تواجدا ونفوذا مشتركا ومحدودا، وفق الخياطي.