[ إهمال متعمد للجرحى اليمنيين في الخارج ]
أصبح كثير من جرحى الجيش الوطني بتعز يشعرون باليأس من إمكانية عمل حلول لمعاناتهم سواء كانوا داخل أو خارج اليمن، فعمر مأساة بعضهم تجاوز ثلاث سنوات وزادت حالات بعضهم سوءا.
خرج الكثير من الشباب بتعز عقب دخول الحوثيين مدينتهم وقاتلوا دفاعا عنها وعن الوطن الأم اليمن، لكنهم لم يجدوا سوى الخذلان والتنكُّر للتضحيات التي قدموها من أجل مشروع استعادة الدولة.
وهناك جهود تقوم بها بعض الجهات لتخفيف تلك المعاناة داخل تعز، منها إعادة تأهيل بعض المراكز وتقديم الدعم لها، من قبل منظمات ومؤسسات سواء داخلية أو خارجية.
في المقابل هناك اتهامات للجنة الطبية بتعز بعدم استغلال الأموال التي تخصص لها بشكل صحيح، إذ يجري الحديث عن استلامها عام 2018 مليون دولار إضافة إلى 3 ملايين وستمئة ألف ريال سعودي، و25 مليون ريال يمني كمخصصات لعلاج الجرحى، دون أن يظهر بشكل كبير أثر تلك الأموال، فضلا عن وجود امتعاض من بعض مندوبي الجرحى خاصة خارج البلاد.
وفي وقت سابق، قالت رابطة جرحى تعز، في بيان صادر عنها، إن الجرحى يعانون من إهمال متعمد، وقيام لوبيات الفساد في وزارة المالية والبنك المركزي بعرقلة وصول المخصصات المطلوبة لعلاجهم، فضلا عن عدم قيام السلطة المحلية بالمحافظة بواجباتها.
ما يزيد الأمر سوءا أن جبهات القتال هذه الأيام مشتعلة بتعز، وهو ما يعني ارتفاع عدد الجرحى الذي وصل بالمحافظة طوال سنوات الحرب أكثر من 17 ألف جريح، وهو ما يجعل مستقبل المدينة غامضا في ظل وجود هذا العدد الكبير من الإصابات المُهملة.
معاناة إلى ما لا نهاية
وكانت هناك مناشدات قبل أيام للحكومة والسلطة المحلية بتعز، بشأن وجود 50 جريحا عالقين بالهند وبدون أي أموال ولا علاج، والأمر ذاته في مصر.
الجريح فهد أحمد وفي ظل صمت الجهات المعنية عن مأساة الجرحى بالخارج، أعلن عبر صفحته بموقع فيسبوك عن استعداده لبيع طرفه الصناعي والتبرع بقيمته لصالح الجرحى.
وقال: "أعيش بلا طرف أفضل من أن أعيش بلا ضمير.. أنا إنسان فماذا عنك".
إهمال متعمَّد
الجريح عمروس الصمدي لخص واقع معاناتهم بقوله: "جرحى تعز مهملين جدا مقارنة ببقية جرحى المحافظات الأخرى". وفسر ذلك بأنه أسلوب تركيع، خاصة أنه تم إيداع 4 ملايين دولار للجنة الطبية بمأرب ومليوني دولار للجنة بعدن واستثناء تعز، كما أن خصميات الجنود ما تزال محتجزة لدى مدير الدائرة المالية بالمنطقة الرابعة برغم التوجيهات التي صدرت عقب ذلك.
وتساءل في تصريحه لـ"الموقع بوست" عن سبب منح الجريح بمأرب رتبة ملازم ثاني عقب إصابته، فضلا عن إعطائه الإعاشة الشهرية للمنزل، وعدم حصول ذلك بتعز.
وذكر أن العلاجات متوقفة عن الجرحى والمصاريف، ولا يوجد دعم، وما تبقى من أموال للجنة السابقة قد انتهت وهو ما جعلها قبل أيام تعلن عن تعليق أعمالها.
وبحسب الصمدي فإن الوضع الحالي أدى إلى انتكاس حالة كثير من الجرحى، وعاد وضعهم إلى الصفر خاصة مع توقفهم عن العلاج الطبيعي.
وانتقد تقصير السلطة المحلية بتعز، وعدم تجاوب الحكومة مع المذكرات والمناشدات الصادرة من قادة الجيش والجرحى.
تقدير الجرحى واستنكار
الناشط الحقوقي أحمد الصهيبي رأى أنه لا يوجد أدنى مبرر للتقاعس عن توفير الرعاية اللازمة للجرحى والاهتمام بهم.
وقال لـ"الموقع بوست": "ثمة عدة اعتبارات مهمة تجعل لهذه الوظيفة نوع من القداسة والفرض، لاعتبارات إنسانية ووطنية ووفاء ورد جميل".
واستطرد: "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نرضى لهذه الفئة التي تعرضت لإصابات مختلفة أن تظل وحيدة حبيسة الفراش، لا تستطيع مداواة جراحها، وهي التي تعرضت لكل ذلك الألم دفاعا عن الجميع، وآثرت أن تقدم هي التضحية نيابة عن الآخرين".
وطالب الصهيبي المسؤولين بالشعور بقليل من العار تجاه صمتهم المخزي عن الانتصار لهذه الفئة وقضيتهم.
وتدهور الوضع الصحي مع استمرار الحرب بشكل كبير، وجعلت الظروف الحالية عديد من الأطباء يهاجرون إلى خارج البلاد.