[ سفيان استغل موهبته الفنية في تقديم أفكار جديدة ]
رفض سفيان نعمان (44 عامًا) الانصياع للظروف المعيشية السيئة التي يعيشها الكثير من اليمنيين بسبب الحرب التي تعصف بالبلد منذ خمس سنوات، والتي تسببت بفقدان الكثير من الناس لأعمالهم، وبدأ بمشروع مهني بسيط رأى أن باستطاعته أن يعتاش منه ويعيل أسرته بعد أن تقطعت بهم السُبل.
حيلة أخيرة
قرر نعمان الخوض في تجربة «استثمار الإطارات التالفة»، وهي مغامرة لم تكن مضمونة النتائج، لكنها حيلة أخيرة لجأ إليها بعد أن فقد عمله في إحدى الشركات بصنعاء، والتي أغلقت أبوابها بسبب الحرب التي عطلت حركة الاستثمار في البلد.
يعمل نعمان اليوم في مشروعه الخاص (تحويل الإطارات إلى أغراض فنية)، والذي أسسه قبل عام ونصف من الآن، بعد أن أعياه البحث عن فرصة عمل دون أن يجد. ويقول إنه أصيب بالإحباط حين وجد نفسه عاطلاً حينها، ويحمل هم أسرة طحنتها الحرب كما الكثير من الأسر اليمنية.
مهمة شاقة
تواجه سفيان نعمان صعوبات تعيق مشروعه الوليد، لكنه استطاع التغلب على الكثير من التحديات، وقد انطلق قبل عام ونصف في تجميع إطارات المركبات التالفة، واتخذ من سطح منزله مكانًا للمشروع، وبإمكانيات محدودة شرع في تقطيع الإطارات وتشكيلها وفقًا للغرض المطلوب، ثم تحويلها إلى مجسمات فنية ذات نفع للمجتمع.
يقول نعمان لـ"الموقع بوست": "فكرتُ بهذا المشروع بعد أن فقدت وظيفتي في إحدى الشركات، وانعدمت فرص العمل، وكنت أتساءل حين أرى إطارًا تالفًا في الشارع، لماذا لا نحول هذا الشيء إلى غرض مفيد للمجتمع بدلاً من رميه وتلويث البيئة".
يضيف: "أنا أجيد التشكيل والرسم، وقد لعبتْ هوايتي الفنية دورًا في التحفيز، فتحمست للفكرة وانطلقت".
شاهد .. فنان يمني يقوم بتحويل الإطارات المستخدمة إلى مجسمات فنية وتحف منزليةشاهد .. فنان يمني يقوم بتحويل الإطارات المستخدمة إلى مجسمات فنية وتحف منزلية
Posted by Almawqea Post الموقع بوست on Saturday, May 11, 2019
ويشير إلى أنه أمضى وقتًا طويلاً في الممارسة قبل أن يحترف هذه المهارة، ويُخرِج للناس تلك الأشكال الجميلة. وهي مهمة يراها النعمان شاقة، لكنه مرتاح لها.
صناعة الجمال
يُحوّل نعمان الإطارات إلى أشكال مختلفة صالحة للاستخدام، بعضها للزينة والجمال؛ كالمزهريات وألعاب الأطفال، والبعض الأخر بمثابة أغراض نافعة؛ كالكراسي والطاولات، وسلال النفايات، إضافة إلى أوانٍ تُستخدم في التشجير. ويمكنه تحويل الإطار إلى أي شيء قد يرغب به الزبون.
ويشير إلى أنه لم يكن يجد ما يأكله وأسرته قبل تدشين هذا المشروع، لكنه يقول إنه يربح بعض الأموال من هذا العمل، ويؤكد أنه استفاد وأفاد آخرين، فقد استقطب بعضًا من الشباب النازحين من محافظة الحديدة، وعلّمهم مهارة تشكيل الإطارات. ويوضح أن بعضهم ما يزالون يعملون معه، فيما اتجه البعض الآخر إلى العمل بشكل مستقل بعد أن اكتسبوا المهارة على يديه.
ويبدو سفيان اليوم فخورًا وقد صنع شيئاً من لا شيء، فهو أحد أحفاد الشاعر الثائر عبد الله عبد الوهاب نعمان، وينتمي إلى أسرة عريقة لها تاريخ في النضال الثوري أيام الحركة الوطنية المناوئة للحكم الإمامي في ثلاثينيّات القرن الماضي.
رواج واسع
يحصل نعمان على الإطارات من بعض أصدقائه الداعمين له، وبعض المتحمسين للفكرة، بينما يشتري هو الجزء الأكبر من محلات تبديل الإطارات.
ويرى أن فكرته باتت تحصد رواجًا واسعًا وتحظى بقبول جيد في المجتمع، ويوضح أن الناس بدؤوا يقبلون على شراء مُنتجه، وهو نجاح يُعزّيه عن مرارة البداية التى يصفها بالمُحبطة.
ويشير إلى أن الناس لم يستوعبوا الفكرة في البداية، الأمر الذي أحبطه حينها وتسبب له بخيبة أمل كبيرة، لكنه يبدو اليوم مطمئنًا وقد حقق مشروعه بعض النجاح.
من جهة ثانية، تحدث نعمان عمّا أسماه محاكاة لفكرته، ويقول لـ"الموقع بوست" إن «فكرة الإطارات» لاقت تجاوبًا في عدة محافظات يمنية، وقد انتشرت في حضرموت، وعدن، وتعز، والحديدة. وهي قائمة بجهود فردية يعمل عليها أشخاص مهتمون وهواة. ويضيف: "أنا سعيد بهذا التجاوب، وأرجو لهم التوفيق".
وحول أهدافه من المشروع يقول إنه يريد إثارة اهتمام المنظمات المختصة بحماية البيئة إلى فكرة الإطارات والاستفادة منها بدلاً من حرقها والإضرار بالبيئة، وهو يأمل أن يحصل على تجاوب منهم.
تحديات جديدة
يؤكد سفيان أن مشروعه قائم بجهود ذاتيه إلى اليوم، وأنه لم يحظ بالدعم المالي كما يُشاع، عدا بعض الدعم الشخصي الذي حصل عليه من بعض أصدقائه، ويشير إلى أنه اضطر لبيع سيارته قبل أن يبدأ مشروع "تشكيل الإطارات" من أجل النفقة على أسرته والقيام على مشروعه.
يفصح سفيان عن رغبته في تطوير المشروع، وإيجاد مكان مناسب له عوضًا عن سطح البيت، فهو لا يملك المال الكافي لذلك.
ينهي حديثة بدعوة يوجهها للمنظمات المهتمة بالبيئة، والراعية للشباب. ويقول: "إننا نمد أيدينا لكم، أقبلوا لنهتم بالبيئة معًا، ونوسع هذا المشروع، ونخلق فرصًا جديدة للشباب العاطل".