[ بدا الفنانون بصنعاء الرسم على الجدران .. لكن الحوثيين طمسوا تلك الرسوم ]
ألغت مليشيات الحوثي الخميس إقامة تظاهرة للفن المفتوح في العاصمة صنعاء بعد ساعة من شُروع مجموعة من الشباب في رسم جدارياتهم في شارع حدة، جولة السفارة الليبية، وهو المكان المُتفق عليه لإقامة التظاهرة.
واتهمت المليشيات الحوثية شباب التظاهرة الفنية بأنهم يُعيقون النصر، وهي ذريعة فارغة يستخدمها الحوثيون في صنعاء لقمع أي حراك ثقافي، وتكررت سابقا في حوادث مماثلة.
وكان المُنظِمون للفعالية حصلوا على تصريح من الأجهزة الأمنية التي تعمل تحت سلطة الحوثين، يسمح لهم إقامة مهرجان اليوم المفتوع للفن، لكن المليشيات لم تأبه بالتصريح ومنعتهم بالقوة.
إقرأ أيضا: مهرجان "فوانيس السماء".. أمنيات أجهضها الحوثيون في صنعاء (فيديو خاص)
وتوقفوا تاركين الرسوم الجدارية غير مكتملة، ولم تشفع لهم توجيهات حمود عباد، أمين صنعاء، الذي نزل إلى مكان التظاهرة، ووجه بالسماح للشباب بالرسم، لكن المليشيات لم تكترث له بحسب مصادر مُشاركة بالفعالية.
تعسف غير مشروع
يقول ذي يزن العلوي، أحد المشرفين على الفعالية بصنعاء لـالموقع بوست: " وقفتُ أمام الجداريات وبدأت بالتلوين، رسمت لوحتي "أشباح الحرب"، وفي الحقيقة لم أكن أرسم إلا مخاوفي عبر هذه اللوحة، ولم تمضي سوى ساعة حتى جاءت المليشيات، وبددت كل جهودنا".
من جانبه يقول أصيل إيهاب، أحد المشاركين في التظاهرة: " لقد أوقفونا رغم امتلاكنا للتصريح، وقالوا، ان علينا أن نرسم صورًا للسيد فقط، إنهم متعسفون وحمقى، ويريدون أن يستفردوا بكل شيء". يتسائل أصيل بإحباط في سياق تصريحه للموقع بوست: لماذا كل شيء مُحرّم وممنوع في هذه البلاد.
ذي يزن العلوي: وقفتُ أمام الجداريات وبدأت بالتلوين، رسمت لوحتي "أشباح الحرب" ولم تمضي سوى ساعة حتى جاءت المليشيات وبددت كل جهودنا.
يضيف: " إنهم جماعة بلا ذوق أو مبادئ، لقد جاؤوا وبعثروا كل معالم الفرحة لدى المشاركين، طمسوا كل الرسم الذي كنا قد أنجزناه، وأجبرونا على الذهاب بالقوة، هؤلاء جماعة لا تؤمن بالفن، وتُقلقهم لوحات جدارية على الشوارع".
تبديد الجداريات
ولم تكتف مليشيات الحوثي بمنع التظاهرة فحسب، لكنهم عمدوا أيضًا إلى طمس معالم اللوحات التي كانت قد أُنجزت قبل قدومهم، وهي خطوة تكشف مستوى تخلفهم، وتعكس حجم الجنون والهستيريا التي وصلوا إليها مؤخرًا، كما يقول الرسامون.
في هذا السياق يقول صامد السامعي، أحد القائمين على التظاهرة: "صحيح أنهم أزالوا الجداريات التي قمنا برسمها، لكنهم بالتأكيد غير قادرين على سلبنا جمال تلك اللحظات، ولمدة ساعة عشنا، نهار الخميس، حياة مكتملة الفرحة والسعادة كتلك التي في متناول العالم أجمع كل يوم".
أصيل إيهاب: أوقفونا رغم امتلاكنا للتصريح، وطمسوا كل الرسم الذي كنا قد أنجزناه، وأجبرونا على الذهاب بالقوة، إنهم متعسفون وحمقى.
يضيف في حديثه لـالموقع بوست: " لقد استعدنا الحياة وشعرنا بكينونتنا كبشر مرة أخرى، بعد سنوات من الموت، هذا ما منحته لنا الألوان". ويشير إلى فعل الحوثيين بعبارة: "من مشروعه الموت لن يتهاون بالتأكيد مع مظاهر الحياة"، هذا ما حصل.
فكرة يمنية
واليوم المفتوح للفن هو حدث سنوي انطلق به الفنان التشكيلي مراد سبيع للمرة الأولى قبل سبع سنوات، من صنعاء، في دعوة منه للحب والسلام، حيث تُعزز التظاهرة السنوية قِيم الحرية والتضامن من خلال دعوتها لجميع الفئات، شباب وأطفال وشيوخ، بالمشاركة في الرسم.
صامد السامعي: من مشروعه الموت لن يتهاون بالتأكيد مع مظاهر الحياة، أزالوا الجداريات التي قمنا برسمها، لكنهم غير قادرين على سلبنا جمال تلك اللحظات.
وقد امتدت الفكرة لتشمل عدة بلدان، وباتت مهرجانًا يُقام في الرابع عشر من مارس في كل عام، ويشارك فيه العديد من الفنانين وهواة الرسم من الشباب والأطفال، في عدة مدن حول العالم، ويعبرون من خلاله عن أفكارهم وأحلامهم بالرسم على الجدران، وخُصص هذا اليوم ليكون يوماً لتلوين الحياة بتلقائية، يوم مفتوح للتعبير عن الحرية والوعي باستخدام الفن، إضافة إلى كونه اختبارًا وتجسيدًا للمشاعر الداخلية الدفينة التي تتجلى عن طريق الرسم.
استهجان ثقافي
لاقى حدث إلغاء المهرجان في صنعاء استهجان عدد كبير من المثقفين، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، من ضمنهم، الناشطة والكاتبة وميض شاكر، التي استنكرت المنع، وأبدت استغرابها قائلة، لماذا كل هذا الخوف من لون على جدار يا حوثيين؟ وترى شاكر أن هذا المنع يعكس هشاشة جماعة الحوثي.
تضيف: " حرية التعبير مقياس حقيقي للنزاهة، ومن يتيح لك حرية تعبيرك لن يكون بحاجة لقذفك أو تكبيلك أو قتلك"، وتشير شاكر إلى أن هذا المنع هو دلالة ومؤشر على إفلاس هذه الجماعة، التي ترتجف إزاء الفن وكل عمل حر.
وتبدي شاكر أسفها، كون التظاهرة مُنعت اليوم في موطنها، ومكان انطلاقتها الأولى "صنعاء"، بينما أقيمت بنجاح في أكثر من خمس دول، في أوروبا وأسيا وافريقيا.
صدى عالمي
وقد أقيمت الفعالية في ثلاث محافظات يمنية إضافة إلى صنعاء، هي تعز وعدن وحجة، حيث انطلقت الفعالية صباح الخميس في مدينة تعز، تحت إشراف منال القدسي، وبمشاركة العديد من الشاب، بينما نظّمها في عدن، الفنان علاء روبل، وأقيمت في حجة تحت إشراف منظمة "صدى"، وقد شارك في هذه التظاهرة في أربع محافظات، الكثير من الفنانين التشكيليين، إضافة إلى العديد من الشباب والمثقفين.
وبالتزامن مع إنطلاقتها في اليمن، أقيمت هذه التظاهرة يوم أمس في العديد من المدن العالمية، منها، "انتاناناريفو"، مدغشقر، حيث نظمت لها هناك الفنانة اليمنية، صفاء أحمد.
وأقيمت أيضاً في "باريس"، فرنسا، تحت إشراف الفنان، "بلانت رولر".
كما شهدت إيطاليا صباح أمس نفس الحدث، وقد نظمها هناك، في مدينة "فيرونا"، الفنان الإيطالي "سايبو".
وفي مدينة "سيول"، كوريا الجنوبية أقيمت التظاهرة بزخم كبير تحت رعاية منظمة "العالم المفتوح"، و"اتحاد الطلاب اليمنيين" هناك.