[ غليان مستمر ودعوات لرفض الفوضى ]
تعيش العاصمة المؤقتة عدن حالة غليان، بعد تنامي تدهور الأوضاع الأمنية بشكل غير مسبوق، منذ تحريرها قبل أكثر من ثلاثة أعوام.
وشهدت عدن عقب تحريريها عمليات اغتيالات واسعة، طالت بداية قادة في المقاومة الشعبية وعسكريين وخطباء مساجد وعلماء دين، كما سقط الكثير من الضحايا في عمليات اغتيالات مختلفة.
خلال حوالي ثلاث سنوات، حدثت الكثير من التغييرات بالعاصمة المؤقتة، فقد دعمت الإمارات تشكيل قوات الحزام الأمني وكذا ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".
عملت أبوظبي إلى جانب تلك القوى التابعة لها على تقويض الشرعية وإضعافها، حتى إن الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة لم يتمكنوا من الاستقرار فيها وممارسة مهامهم من داخل الأراضي اليمنية.
أدت حادثة مقتل الجندي رأفت دنبع مؤخرا على أيدي جنود من قوات مكافحة الإرهاب التابعة للمجلس الانتقالي، على تصاعد التوتر في عدن، فقد خرجت مظاهرات واسعة احتجاجا على تدهور الوضع الأمني فيها.
وكان دنبع شاهدا أساسيا على قضية اغتصاب طفل من قبل قوات أمنية مدعومة إماراتيا، إلا أن حالة الانفلات الأمني والفوضى جعلته يسقط هو الآخر ضحية.
وعلى خلفية تلك الاحتجاجات، طالب مكتب الأوقاف بعدن أئمة وخطباء المساجد، بالتحذير مما وصفها بالمؤامرات التي تستغل الاحتجاجات والمظاهرات.
استمرار التصعيد
ويرى الصحفي خليل العمري أن الاحتجاجات المتصاعدة في عدن هذه الأيام، جاءت كنتيجة طبيعية لحالة الفوضى الأمنية السائد بمدينة يفترض أنها عاصمة مؤقتة لليمن.
وقال لـ"الموقع بوست" إن الغضب الشعبي المتصاعد ضد قوات مكافحة الإرهاب للمطالبة بتسليمهم جنود اتهموا في قتل شاهد رئيسي في اغتصاب طفل بمدينة المعلا، هو شعور عام نتيجة تحول من يفترض بهم مكافحة الإرهاب إلى ممارسين له.
وأفاد بأن "المتابع للجو العدني العام يرى أن الاحتجاجات لم تكن ضد الحكومة اليمنية التي تمسك بملفات الخدمات والرواتب وغيرها والتي شهدت تحسنت ملحوظا، وإنما ضد المليشيا التابعة للمجلس الانتقالي وتفرعاتها من المليشيا المدعومة إماراتيا".
وهو يعتقد أن الشارع بعدن سيظل ساحة غضب مستمرة ضد ممارسات مليشيات الانتقالي تجاه المدنيين، خاصة مع استمرار الانفلات الأمني. متوقعا أن يتصاعد ذلك إلى عصيان مدني ضد التشكيلات المسلحة التي ظهرت في المدينة مؤخرا ولا تخضع لسلطات الدولة.
نتيجة طبيعية
بدوره يذكر المحلل السياسي ياسين التميم أن حالة الغليان في عدن هي نتيجة تراكم الجرائم التي ينفذها عملاء الإمارات ضد أبناء اليمن في هذه المدينة وبقية المناطق في الجنوب.
وأضاف لـ"الموقع بوست" أن جريمة مقتل الشاب رأفت هي المحفز الأهم للاحتجاجات التي تشهدها عدن، لكن خروج الناس بهذا الحماس هو استفتاء حقيقي على رفض الناس للقوى المهيمنة في الجنوب في هذه المرحلة.
وأوضح أن "هناك مواجهة حقيقية بين تيار تفكيك وإضعاف اليمن والجنوب وبين أنصار المشروع الوطني الذين تحركهم المخاوف من المؤامرات الصريحة على حاضرهم ومستقبلهم، والانتهاكات الفظيعة لحياتهم وكرامتهم".
وطالب التميمي الشرعية بأن تقوم بعمل موقف صريح وواضح مما يجري، وإلا فإنها تخذل الناس الذين ضاق بهم الصبر على المكاره.
دعوات لرفض الفوضى
وكان الناشط عادل الحسني أكد رفضه للعنف والفوضى، ودعمه لانتزاع الحقوق، وذلك بعد خروج أبناء عدن مؤخرا في مظاهرات رفضا للوضع الحالي بعد تفاقم معاناتهم.
وتحدث في منشور له بصفحته بالفيسبوك عن كيف تغير الوضع بعدن، بعد أن تدخلت الإمارات لإعادة الشرعية، وكيف أصبحت اليوم تكمل فصول القضاء عليها بممارساتها المختلفة بحق المختطفين وأهلهم.
وأكد أن الظلم بلغ منتهاه بعدن، داعيا أبناء المحافظة للخروج لانتزاع حقوقهم، وأن يكون هدفهم واضحا في إقامة الحق والدولة والنظام والقانون، وينتهي زمن المليشيات.
خذلان
وفي ظل الحديث عن عودة الرئيس هادي لعدن، أكد الناشط السياسي حلمي القدسي أن الشرعية والتحالف يجيدون سياسة التضليل، خاصة أن أحاديث كتلك سبق وأن تكررت كثيرا من قبل.
وأوضح في صفحته بموقع الفيسبوك أن التحالف شعر بخطورة خذلانه لليمن خاصة مع حالة الغليان الشعبي على الشرعية والتحالف بعد أحداث حجور بحجة، فذهب للحديث عن عودة الرئيس، وقلل من أهمية عودة هادي، مطالبا بحسم المعركة أو رحيل التحالف.
وكان من المقرر أن ينعقد المؤتمر الأول للائتلاف الوطني الجنوبي بالقاهرة، لكن تم تأجيله إلى أجل غير مسمى، بعد أن تحدثت أنباء عن عرقلة الإمارات له.