[ الرئيس الأمريكي ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال توقيع عقود استثمارات وصفقات سلاح ]
تتعرض المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي من وقت لآخر، للتهديد من قِبل كثير من الدول بوقف تصدير السلاح إليها الذي يتم استخدامه بالحرب ضد اليمن التي ستدخل بعد أسابيع عامها الخامس.
برغم أن تلك التهديدات تركزت بدرجة رئيسية على الرياض، إلا أنها طالت كذلك الإمارات العربية المتحدة المشاركة في التحالف العربي الذي بدأ بشن غاراته في اليمن في مارس 2015، وذلك من أجل استعادة البلاد من الحوثيين بحسب أهدافه المعلنة.
وبالفعل بدأت بعض تلك الدول بإيقاف أو تعليق تصدير الأسلحة إلى الرياض وأبوظبي، بينها فنلندا، وهولندا، والنرويج، بعد تنامي الضغوط على الدولتين لأسباب عدة أبرزها سقوط ضحايا مدنيين في الحرب.
وأوقفت كذلك ألمانيا مبيعات الأسلحة للسعودية، وهو الأمر الذي أقلق وزير خارجية بريطانيا جيريمي هنت، الذي يخشى من تأثير قرار برلين على قطاعي الصناعات الدفاعية البريطاني والأوروبي، والعواقب على قدرة أوروبا على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي.
تتزعم تلك الاعتراضات الولايات المتحدة الأمريكية، التي كثفت من ضغوطها على المملكة، خاصة بعد مقتل الإعلامي جمال خاشقجي في سفارة بلاده بالعاصمة التركية أنقرة.
حراك مكثف
في واشنطن يجري حراك واسع بدأ مبكرا داخل الكونجرس الأمريكي من أجل إيقاف دعم الولايات المتحدة للتحالف العربي، يقوده نواب ديمقراطيين وجمهوريين.
يحاول المشروعون في واشنطن طرح مشروع قانون في مجلس الأمن، من شأنه وقف معظم مبيعات الأسلحة للسعودية، وحظر مساعدتها في مجالات الأمن والمخابرات والتدريب والعتاد.
ومن المتوقع أن يتم خلال الأيام القادمة، التصويت في أمريكا على مشروع قانون بعض النواب بشأن سحب القوات الأمريكية من اليمن في غضون 30 يوما، إذا لم تحارب تنظيم القاعدة أو القوات المرتبطة بها، بعد أن أقر مجلس النواب ذلك المشروع مؤخرا.
بينما يهدد البيض الأبيض باستخدام حق النقض ضد القرار، بحجة أنه معيب، لأن الولايات المتحدة لا تشارك القوات مباشرة في القتال في الحرب الأهلية في اليمن، وأن تعريفا موسعا للأعمال العدائية يمكن أن يضر باتفاقيات التعاون الدفاعي الثنائية الأخرى.
اتهامات ونفي
ودار جدل كبير في الولايات المتحدة -على وجه الخصوص- بعد بث التحقيق الصادر عن شبكة CNN الأمريكية، الذي قالت فيه إن الأسلحة التي قدمتها واشنطن للرياض وأبوظبي للمشاركة في حرب اليمن، انتهى بها المطاف إلى يد تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي.
إضافة إلى توزيع أبوظبي والرياض السلاح لقبائل من أجل كسب ولائها، وكذا قيام أبوظبي بإعطائه لجماعات متشددة قريبة من تنظيم القاعدة وتملك علاقات واسعة معها جنوب البلاد.
وكانت منظمة العفو الدولية كذلك، اتهمت الإمارات بتزويد مليشيات في اليمن بأسلحة مستوردة من الغرب، ووثقت في تقرير لها كيفية وصول مدرعات وأنظمة هاون مدفعية وبنادق لميليشيات.
تأخر رد الرياض بعض الشيء، لكن المتحدث باسم التحالف العربي تركي المالكي نفي خلال مؤتمر صحفي، أنباء وصول أسلحة أميركية إلى الحوثيين والقاعدة في اليمن.
مراوغة واشنطن
ومثلما ترى بريطانيا أن إيقاف تصدير بعض الدول الأوروبية يهدد مصالح الاتحاد الأوروبي، يبدو أن نظرة الأمريكان هي الأخرى تأتي من تلك الزاوية، وهو ما يفسر سبب بقاء وقف دعم واشنطن للتحالف العربي في مربع المراوغة.
ويرى الإعلامي عبدالكريم الخياطي، أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة دونالد ترامب، لا يمكنها رفع الدعم عن دول مقربة جدا من المصالح الأمريكية، حتى وإن بدا للجميع أن توجها سياسيا قد بدأ يلوح.
ولفت في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى مواجهة ترامب ضغوط كبيرة، و صراع واضح مع الديمقراطيين والكونغرس، وهو ما يجعل كثير من المحللين يتعقدون أن ذلك قد يؤثر على ملفات مهمة منها تحالف الرئيس الأمريكي مع أنظمة عربية تتعرض للانتقاد الدولي بسبب سجلها في مجالات حقوق الإنسان وإشعال الحرائق في دول مجاورة.
لكن ترامب –وفق الخياطي- يستفيد أيضا من تلك الأنظمة وبخاصة السعودية والإمارات، في إظهار إمكانية تحسين الأداء الاقتصادي لإدارته، عبر الاستفادة من التناقضات والصراعات السياسية في المنطقة.
واستنتج الخياطي أنه وبرغم الحديث أو الإعلان عن رفع غطاء الدعم العسكري لعمليات التحالف في اليمن من قبل الأمريكان، إلا ذلك لا يمكن أن يحدث على الأقل في الوقت القريب.
وهناك مخاوف من أن تؤثر تلك الضغوط على اليمن، لصالح الإمارات التي تمد نفوذها على حساب السعودية، أو الحوثيين الذين يشكلون تهديدا بارزا لأمن المملكة والإقليم ككل.
وتتضاعف معاناة السكان في اليمن مع استمرار الحرب، إذ تتوسع رقعة المجاعة في البلاد الذي يحتاج أكثر من 80% من المواطنين لمساعدات إنسانية.