[ ندوة في عدن لمناقشة تدهور سعر صرف العملة المحلية ]
على وقع استمرار تدهور قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، عقد في عدن ندوة بعنوان "تدهور سعر صرف العملة مفتاح السقوط في مستنقع الفقر"، بحضور مختصين بالشأن الاقتصادي وعددٍ من المهتمين.
الندوة التي نظمتها الحركة المدنية الديمقراطية بالعاصمة المؤقتة عدن، صباح اليوم السبت، شارك فيها عدد من الخبراء والمسؤولين المحليين.
وقال مدير عام مديرية البريقة هاني اليزيدي إن تدهور العملة لا يؤثر على فئة معينة من الناس دون آخرين، وهو ما يحتم وجود تحرك مجتمعي للضغط على الجهات المعنية.
وأضاف اليزيدي، خلال ترؤسه للندوة التي عقدتها الحركة المدنية الديمقراطية، أن انتصار الحكومة هو انتصار للتحالف، وهذا الانتصار ليس فقط في جبهات القتال بل هناك جبهات أخرى لا تقل أهمية وبمقدمتها جبهة الأزمة الاقتصادية والعملة المحلية، ومثلها أيضا جبهة التنمية والأمن والاستقرار بالمحافظات المحررة.
ودعا اليزيدي التحالف العربي إلى إعادة إعمار عدن وتنشيط حركة التنمية والاستثمار وهذا سيكون بمثابة رسالة بالغة للمواطنين في المحافظات غير المحررة حتى يتحركوا.
وأشار إلى أن انهيار العملة ليس بالأمر السهل فهو بطبيعة الحال سيؤدي لفقدان الثقة بين أفراد المجتمع وخلق حالة من الفوضى التي لا تُحمد عقباها.
ولفت إلى أن الحركة المدنية الديمقراطية شُكلت لتنشيط الدور المجتمعي الواعي تجاه قضايا المواطنين، والحركة لا تريد أن يكون هناك تحرك مجتمعي فوضوي وإنما تريد أن تجمع العقلاء ويكون التحرك من قبلهم لخدمة قضايا الناس.
من جهته أوضح الخبير المالي والمصرفي شكيب عليوة أن استنزاف الاحتياطي النقدي الخارجي من البنك المركزي هو ما أدى لتوجه التجار نحو محال الصرافة لتوفير احتياجاتهم من العملة الصعبة ومن هنا بدأت أزمة العملة المحلية وبدأ مسلسل الانهيار.
وأضاف عليوة أنه بعد أن نُقل البنك من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، ظل البنك لسبعة أشهر دون أن يعقد أي اجتماع، وفي أول اجتماع للبنك والذي تم في العاصمة الأردنية عمَّان خرج الاجتماع بقرار تعويم العملة المحلية وهو الذي مثل كارثة بحق العملة المحلية.
وذكر أن الوديعة السعودية انتهى نصفها وما يزال وضع المواطنين كما هو عليه والأسعار لم تتغير، لذا فعلى البنك أن يتدخل ويُعيد النظر في قرار تعويم العملة ليسحب البساط من تحت شركات الصرافة التي باتت تتحكم في قيمة العملة المحلية.
وأفاد عليوة أن قيمة رواتب المواطنين أصبحت في الحضيض فمن كان راتبه 200 دولار بات اليوم لا يتجاوز 100 دولار، مبيناً أنه وفي السابق كانت لدى البنك المركزي حجج بخصوص قرار التعويم فهو لم يكن يملك أي احتياطات أجنبية لكن مع وجود الوديعة السعودية كان لزاماً على البنك إعادة النظر بقرار التعويم، فهناك وديعة بمبلغ ملياري دولار، و700 مليون دولار كانت في حسابات البنك المركزي بالخارج وكذا 200 مليون دولار منحة سعودية.
وأبدى الخبير المصرفي عليوة استغرابه مما يجري حالياً فقد كان البنك المركزي بالسابق لديه 4 مليارات و700 مليون دولار وكان الريال بـ215، والآن لدى البنك المركزي ثلاثة مليارات دولار ووضع الريال اليمني سيء للغاية، داعياً قيادة البنك المركزي لإعادة النظر بقرار التعويم.
وأردف "صحيح أنه ليس لدينا أي صادرات لكن بوجود ثلاثة مليارات دولار يجب أن يتدخل البنك المركزي من خلال تحديد سعر لا يتجاوز 350 ريالا للدولار الواحد".
واستدرك بالقول "بضائع التجار الذين يأخذون العملة الصعبة من البنك المركزي يجب أن يلمسها المواطنون ويكون هناك فارق بين أسعارها وبين تلك البضائع التي يقوم التاجر بتوفير قيمتها من خلال شراء العملة الصعبة من محال الصرافة".
وأكد عليوة أن ما يتم من عملية مضاربة بالعملة تم شرعنتها من البنك المركزي بقرار التعويم، وليس من حق البنك المركزي التدخل في ظل هذا القرار الذي يشرعن لمحال الصرافة تحديد سعر العملة وفق قانون العرض والطلب.
وذكر أن من كانوا يضاربون في العملات بالسوق المحلية لأجل توفير العملة الصعبة لشراء البضائع من الخارج باتوا اليوم يأخذون ما يحتاجون من عملة صعبة من البنك المركزي لكن الوضع لم يتغير.
وقال عليوة إنه لن تكون هناك أي جدوى ولن يتغير الوضع المعيشي للمواطنين متى ما استمر وضع التعويم قائماً وهو قرار كارثي بمعنى الكلمة.
ودعا عليوة وزارة المالية للقيام بواجبها، واصفاً دورها بالغائب في جانب تحصيل الإيرادات والرسوم الجمركية والضريبية، أما بخصوص وجود مناخ جالب للاستثمار في عدن فقال إنه ليس هناك أي مناخ اقتصادي للاستثمار، فالاستثمار بحاجة لمناخ متكامل من أمن واستقرار فضلا عن العوامل الاقتصادية الأخرى.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي صالح الجفري أنه لن تكون هناك عملة محلية مستقرة ما لم تكن لنا صادرات، واحتياطي من النقد الأجنبي، فالعملة الصعبة هي الأساس لاستقرار أي عملة.
وأضاف الجفري أنه ومنذ ليلة انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس لم تصدر اليمن شيئاً، ولم يكن تأهيل حقول النفط والموجودة كلها في نطاق المحافظات المحررة من أولويات عمل التحالف، وكل مصادر البلاد الإيرادية متوقفة، لذا فقد تراكمت المشاكل وأدت لما يجري الآن.
ولفت إلى أن الوديعة السعودية أُعلن عنها في نوفمبر 2017 وكذا الإعلان عن منحة الوقود لمدة عام، لكن تلك الوعود لم تتحقق إلا بعد نحو عام، وهذا يكشف كيف تتعامل دول التحالف مع الأزمة الاقتصادية في اليمن فليست هناك أي جدية.
وأشار الخبير الجفري إلى أن ما وصلنا إليه هو أمر طبيعي وغير مستغرب، فتوقف الصادرات السبب الأساسي والجوهري والقصور القيمي للحكومة بمعنى أوضح ما يحصل من فساد هو سبب لاحق في الأزمة.